وزير الداخلية الفرنسي يبحث في الجزائر الهجرة والإجرام المنظم

انتقادات حقوقية لترحيل مهاجرين

وزير الداخلية الفرنسي جيرارد كولومب متحدثاً أمام الجلسة الأسبوعية لمساءلة الحكومة الفرنسية أمام الجمعية الوطنية في باريس أول من أمس (إ.ب.أ)
وزير الداخلية الفرنسي جيرارد كولومب متحدثاً أمام الجلسة الأسبوعية لمساءلة الحكومة الفرنسية أمام الجمعية الوطنية في باريس أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

وزير الداخلية الفرنسي يبحث في الجزائر الهجرة والإجرام المنظم

وزير الداخلية الفرنسي جيرارد كولومب متحدثاً أمام الجلسة الأسبوعية لمساءلة الحكومة الفرنسية أمام الجمعية الوطنية في باريس أول من أمس (إ.ب.أ)
وزير الداخلية الفرنسي جيرارد كولومب متحدثاً أمام الجلسة الأسبوعية لمساءلة الحكومة الفرنسية أمام الجمعية الوطنية في باريس أول من أمس (إ.ب.أ)

يبحث جيرارد كولومب، وزير الداخلية الفرنسي، خلال زيارته للجزائر، التي بدأت أمس وتدوم يومين، مع المسؤولين الجزائريين قضايا الهجرة السرية والجريمة المنظمة ومحاربة الإرهاب، وتبادل المعلومات الأمنية حول الجماعات المتطرفة النشطة بالساحل الأفريقي. وفي غضون ذلك انتقدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الجزائر بشدة بسب ترحيل عدد كبير من الماليين، وعدت ذلك «منافيا لتعهداتها في مجال العمال المهاجرين».
وقال مصدر من وزارة الداخلية الجزائرية لـ«الشرق الأوسط»، إن الوزير نور الدين بدوي ونظيره الفرنسي سيشرفان اليوم على لقاء يجمع الولاة الجزائريين ببعض المحافظين الفرنسيين، يتناول تنظيم الإدارة المحلية وتجارب البلدين في مجال «الديمقراطية التشاركية». وينتظر أن يلتقي كولومب مع رئيس الوزراء أحمد أويحيى، ووزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى، الذي سيبحث معه، حسب نفس المصدر، برنامجا جديدا يخص إيفاد أئمة جزائريين إلى فرنسا لتأطير مساجدها. علما بأن الجزائر تربطها بفرنسا اتفاقية في هذا المجال، يتم تجديدها عادة عشية شهر رمضان، حيث يزداد عدد الأئمة الموفدين إلى فرنسا.
وأضاف المصدر أن قضايا محاربة الهجرة السرية «كمصدر لآفات كثيرة كالمخدرات والتطرف الديني»، ستكون في صدارة أجندة زيارة كولومب، الذي سيتنقل بعد الجزائر إلى النيجر، حيث سيشارك في مؤتمر جهوي حول الهجرة السرية بمشاركة مسؤولين من تشاد ومالي وبوركينافاسو، وموريتانيا وكوت ديفوار، وغينيا والسنغال، وليبيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا. وستتم مناقشة هذه القضية في إطار توصيات «مؤتمر الإليزيه» الذي عقد في أغسطس (آب) 2017. وأعيد طرحه للنقاش في «قمة الاتحاد الأفريقي - الاتحاد الأوروبي» خلال نهاية نفس العام بأبيدجان (ساحل العاج).
في غضون ذلك، قالت «هيومن رايتس ووتش» في تقرير نشرته بموقعها الإلكتروني أن السلطات الجزائرية رحّلت في الأيام الأخيرة، أكثر من 100 مهاجر من جنسيات أفريقية مختلفة إلى منطقة لا تخضع للقانون في مالي المجاورة، حيث تعرض بعضهم للسرقة من قبل بعض الجماعات المسلحة.
وذكرت المنظمة الحقوقية أيضا أن السلطات الجزائرية «تقاعست عن فحص المهاجرين على نحو كاف، بمن فيهم أولئك الذين قد تكون لديهم دعاوى لجوء لتحديد وضعهم، وإعطائهم الفرصة للطعن في ترحيلهم، وجمع مدخراتهم وممتلكاتهم». كما نقلت المنظمة الحقوقية غير الحكومية عن «منظمة غير حكومية، يوجد مقرها في غاو بمالي»، أنها قدمت خدمات لأكثر من 125 من المهاجرين الذين وصلوا مؤخراً ما بين 6 و7 من مارس (آذار) الحالي.
وجاء في التقرير أن سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، قالت إن الجزائر «مطالبة بأن تعامل جميع المهاجرين باحترام، ومنحهم فرصة للطعن في ترحيلهم وعدم تعريضهم لخطر المعاناة من المعاملة اللاإنسانية». وأضافت المنظمة أن خمسة مهاجرين وصلوا إلى مالي أبلغوها «في مقابلات هاتفية منفصلة»، أن الشرطة في مدينة غرداية (جنوب) جمعتهم في الأول من مارس الحالي من أماكن مختلفة، بما فيه الشوارع ومواقع للبناء وورشة لحام. وقالوا إن السلطات لم تبلغهم بحقهم في الاتصال بممثليهم القنصليين، أو السماح لهم بجمع أجورهم ومدخراتهم وممتلكاتهم الأخرى.
وذكر المهاجرون أنهم ساروا في الصحراء ست ساعات للوصول إلى مدينة إنخليل، أول مدينة في مالي، ثم استقلوا شاحنات خاصة متجهة إلى مدينة غاو. وجاء في شهادتهم أيضا، حسب المنظمة الحقوقية، أنهم أوقفوا عند حواجز الطرق المرتجلة التي تديرها الجماعات المسلحة التي سرقتهم، وقال بعضهم إن الجماعات ضربتهم لأنهم لم يقدموا المال أو الأشياء الثمينة.
ومنذ ديسمبر (كانون الأول) 2016 رحلت الجزائر آلاف المهاجرين من بلدان جنوب الصحراء الكبرى، معظمهم من النيجر. وفي فبراير (شباط) الماضي صرح وزير الداخلية النيجري محمد بازوم للصحافة أن النيجر «ليست أرض استقبال للمهاجرين من غرب أفريقيا بأسرها». في إشارة إلى رعايا من دول أفريقية رحلتهم الجزائر إلى النيجر.
وتابعت «هيومن رايتس ووتش» موضحة أن «للحكومة الجزائرية سلطة مشروعة لترحيل المهاجرين غير الشرعيين، لكن يجب أن تمتثل للقانون الدولي، بصفتها طرفاً في الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم. فالاتفاقية تمنع على الجزائر الطرد الجماعي للعمال المهاجرين وعائلاتهم، ويُطلب منها فحص كل منهم واتخاذ قرار بشأنه بشكل فردي. والاتفاقية تنطبق على جميع العمال المهاجرين وأسرهم، بغض النظر عن وضعهم القانوني أو العمل».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.