انتحاري {داعشي} يهاجم مبنى تابعاً لقوات الأمن في عدن

3 قتلى وعشرات الجرحى... و«الداخلية» تدعو إلى رفع درجات اليقظة

يمنيون أمام موقع الهجوم الانتحاري في عدن أمس (أ.ف.ب)
يمنيون أمام موقع الهجوم الانتحاري في عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

انتحاري {داعشي} يهاجم مبنى تابعاً لقوات الأمن في عدن

يمنيون أمام موقع الهجوم الانتحاري في عدن أمس (أ.ف.ب)
يمنيون أمام موقع الهجوم الانتحاري في عدن أمس (أ.ف.ب)

تبنى الفرع اليمني لتنظيم داعش، أمس، هجوما انتحاريا بسيارة مفخخة استهدف مقرا أمنيا في مدينة عدن (جنوب) التي تتخذ منها الحكومة الشرعية عاصمة مؤقتة للبلاد، فيما أكدت مصادر أمنية وطبية في إحصاء أولي مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل جراء الهجوم وإصابة 35 آخرين بينهم مدنيون. ويعد الهجوم الانتحاري الثاني خلال أقل من شهر في المدينة التي تصاعدت فيها الهجمات الإرهابية ومسلسل الاغتيالات في العامين الأخيرين، بعد أن تمكنت قوات الشرعية والتحالف العربي الداعم لها من تحريرها من الميليشيات الحوثية الانقلابية.
وأفاد شهود لـ«الشرق الأوسط»، بأن الانتحاري الذي أعلن «داعش» انتسابه إليه، فجر سيارة مفخخة كان يقودها صباحا في مبنى أمني مخصص لإعداد وجبات الطعام لعناصر قوات الحزام الأمني المدعومين من التحالف العربي، ويقع المبنى في حي عبد العزيز بمنطقة الدرين التابعة لمديرية الشيخ عثمان وسط المدينة. وطبقا للسكان، أحدث انفجار السيارة المفخخة دويا ضخما تردد في أنحاء المدنية، في حين شوهدت سحب الدخان تتصاعد من مكان الهجوم، قبل أن تصل إليه طواقم الإسعاف الطبية، لنقل القتلى والمصابين إلى مستشفيات المدينة.
وذكرت مصادر أمنية وطبية متطابقة أن الإحصاء الأولي لضحايا الهجوم من المدنيين وعناصر الأمن بلغ ثلاثة قتلى و35 جريحا، بعضهم إصابته خطرة، وهو العدد نفسه الذي كشفت عنه وزارة الداخلية اليمنية في بيان رسمي على موقعها الإلكتروني. وقالت الوزارة، في بيان على لسان مصدر مسؤول، إن «حصيلة الهجوم الإرهابي بلغت ثلاثة شهداء ونحو 35 جريحا بينهم طفل إصاباتهم متفاوتة، كما تسبب الانفجار بأضرار مادية في المباني المجاورة». وشدد المصدر الأمني الرسمي على «ضرورة رفع رجال الأمن اليقظة الأمنية إلى أعلى درجاتها والقيام بواجباتهم في تعاملهم على أرض الواقع بالشكل المطلوب وعلى أكمل وجه».
وأعلن تنظيم داعش عبر وكالة «أعماق» التابعة له، تبنيه للهجوم الذي استهدف المبنى الذي يقع فيه المطبخ الخاص بإعداد وجبات قوات الحزام الأمني بعدن، كما بث التنظيم صورة للانتحاري الذي قاد السيارة المفخخة قبل تفجيرها وذكر أنه يدعى حمزة المهاجر.
وتظهر صورة الانتحاري أنه شاب في العشرينات من العمر، وهي الفئة العمرية ذاتها التي عادة ما يركز التنظيم على استقطاب عناصره من بينها لتجنيدهم في صفوفه وتكليفهم تنفيذ الهجمات الانتحارية. وكان التنظيم أعلن وقوفه خلف هجوم انتحاري مزدوج في الخامس والعشرين من فبراير (شباط) الماضي، استهدف مقر قوات مكافحة الإرهاب في حي الساحل الذهبي جنوب مدينة عدن، وهو ما أدى إلى مقتل ستة أشخاص بينهم مدنيون وإصابة العشرات من المارة ومرتادي الساحل بجراح. وأعلنت قوات الأمن حينها إفشال هجوم لمسلحين من التنظيم كانوا يحاولون اقتحام المقر الأمني عقب التفجيرين الانتحاريين اللذين تما باستخدام سيارتين مفخختين أمام البوابة الرئيسية للمبنى.
وشهدت المدينة تصاعدا للعمليات الإرهابية والاغتيالات عقب تحريرها من الميليشيات الحوثية الانقلابية في 2015، رغم الجهود الأمنية لأجهزة الأمن وقوات التحالف العربي في تعقب خلايا المتشددين من تنظيمي داعش والقاعدة في أحياء المدينة. وكشف إحصاء حديث لمنظمات مدنية غير رسمية في العاصمة المؤقتة أن المدينة شهدت في السنوات الثلاث الأخيرة اغتيال أكثر من 1250 عسكرياً ومدنياً، بينهم 22 من خطباء المساجد، كما شهدت نحو 45 عملية تفجير وتفخيخ، ونحو مائة عملية سطو مسلح. وكانت القوات اليمنية والتحالف العربي الداعم لها، تمكنت من تحرير مدينة المكلا كبرى مدن حضرموت في أبريل (نيسان) 2016 بعد عام من سيطرة تنظيم القاعدة عليها وعلى مدن ثانوية مجاورة. وفي الأسابيع الأخيرة أطلقت القوات المشتركة ثلاث عمليات متتابعة لتعقب عناصر التنظيم في مخابئ غرب المكلا وفي مناطق من محافظتي شبوة وأبين. وعلى صعيد متصل، أفادت مصادر أمنية ومحلية في مديرية القطن الواقعة وسط حضرموت بأن مجهولين يستقلون سيارة من نوع هايلوكس أطلقوا النار على مواطن يدعى نايف باشماخ، حينما كان موجودا جوار المسجد الجامع في مركز المديرية، وأردوه قتيلا قبل أن يلوذوا بالفرار. وجاء الاغتيال الذي لم تعرف دوافعه على الفور، عقب قرار للسلطات المحلية في مناطق وادي حضرموت التابعة للمنطقة العسكرية الأولى في الجيش اليمني، يقضي بمنع حمل الأسلحة والتجول بها بين المواطنين، وحصر ذلك على القوات الحكومية.
إلى ذلك، نجا مسؤول عسكري رفيع في الجيش اليمني برتبة عميد، من محاولة اغتيال استهدفته في مدينة تعز، وأصيب في المحاولة التي تمت عبر كمين نصبه مسلحون مجهولون عدد من مرافقيه بإصابات متفاوتة. وقالت مصادر أمنية وطبية إن مجهولين أمطروا موكب قائد الشرطة العسكرية في تعز، جمال الشميري بالرصاص، أثناء مروره من منطقة وادي القاضي، مما أدى إلى إصابة عدد من مرافقيه، قبل أن يشتبك حراس الموكب مع المسلحين ويجبروهم على الفرار.
وفي مدينة زنجبار، كبرى مدن محافظة أبين الجنوبية (شرق عدن)، أكد مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» أن قوات الحزام الأمني أبطلت أمس عبوة ناسفة زرعها مجهولون قرب مدرسة خولة للبنات باتجاه الطريق الفرعية المتجهة إلى حي باجدار. وفي نظر واشنطن، يعد فرع تنظيم القاعدة في اليمن، أخطر أجنحة التنظيم الدولي تهديدا، للمصالح الغربية، مما جعلها تشن ضربات متواصلة بواسطة طائراتها المسيرة، لاستهداف عناصره وقياداته في مناطق متفرقة من شبوة ومأرب والبيضاء وحضرموت. ويرجح مراقبون أن عناصر من التنظيم انشقوا عنه قبل ثلاث سنوات إثر خلاف داخلي، وبدأوا تشكيل الفرع اليمني من تنظيم داعش، لتصبح عملياته هي الأكثر وحشية ودموية من سلفه «القاعدة».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».