خلافات «بريكست» تراوح مكانها

رئيس المفوضية الأوروبية يطالب بخطة مفصلة

TT

خلافات «بريكست» تراوح مكانها

يصر أعضاء الاتحاد الأوروبي على أن أي إطار للعلاقة المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا يجب أن يضمن سلامة السوق المشتركة، وحقوق وحريات المواطنين الأوروبيين، والحدود التي سبق الإشارة إليها في تصريحات وبيانات أوروبية سابقة. وجاء موقف أعضاء البرلمان، في ستراسبورغ، في أثناء نقاشات شهدتها جلسة مخصصة لمستقبل العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا، وحضرها رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، والمفوض المكلف بشؤون المفاوضات ميشال بارنييه.
وقال يونكر، أمس (الثلاثاء)، إن على بريطانيا «ترجمة الخطابات إلى معاهدات»، والخروج بخطة مفصلة لعلاقاتها مع الاتحاد الأوروبي بعد تفعيل «بريكست».
ويضغط القادة الأوروبيون على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي لتوضيح ما الذي تريده بالتحديد، قبل أن يتفقوا على موقفهم من الشراكة الاقتصادية المستقبلية في قمة أوروبية، في وقت لاحق من هذا الشهر.
ولم ترض سلسلة من خطابات ماي وكبار وزراء حكومتها قادة بروكسل. ولفت يونكر إلى أنه على لندن توضيح موقفها بشأن مسألة حدود آيرلندا الحساسة، وقال أمام البرلمان الأوروبي: «فيما بدأ العد التنازلي مع بقاء عام واحد، حان الوقت الآن لترجمة الخطابات إلى معاهدات، وتحويل الالتزامات إلى اتفاقيات، والآمال والاقتراحات حول علاقات المستقبل إلى حلول عملية محددة».
وأضاف أنه «مهم»، خصوصاً لبريطانيا، الخروج بمقترحات قوية للحدود بين آيرلندا الشمالية، الواقعة تحت حكم بريطانيا، وجمهورية آيرلندا التي ستبقى في الاتحاد الأوروبي. وتعهدت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بتجنب العودة لنقاط تفتيش جمركية على الحدود، وأضاف اتفاق مؤقت في ديسمبر (كانون الأول) بعض المرونة على المسألة. لكن مسودة أوروبية منشورة الشهر الفائت حول تحويل التعهد لاتفاق أثارت خلافاً مع لندن.
وتنص المسودة على أن آيرلندا الشمالية يجب أن تبقى في الاتحاد الجمركي مع بقية الاتحاد، إذا لم يتم التوصل لاتفاق أفضل، وذلك لتجنب فرض حدود فعلية، الأمر الذي ترفضه بريطانيا. وأبلغ يونكر النواب الأوروبيين بأن المسودة ببساطة تترجم اتفاق ديسمبر إلى اتفاق قانوني و«لا يجب أن تمثل صدمة»، وأكد أن الاتحاد الأوروبي يقف بقوة خلف آيرلندا في هذه المسألة، وقال: «بالنسبة لنا، هذه ليست مسألة آيرلندية، إنها مسألة أوروبية. الكل من أجل الفرد والفرد من أجل الكل، هذا ما يعنيه أن تكون جزءاً من هذا الاتحاد».
وجاء في البيان الذي وزع على الصحافيين، من مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل: «مع ذلك، لا يمكننا قبول أي شكل من أشكال التمييز بين مواطني الاتحاد الذين يصلون قبل أو بعد بدء عملية انتقال، ويجب أن تطبق القوانين الأوروبية خلال فترة الانتقال، بما في ذلك ما يتعلق بالمواطنين، ومن غير المقبول أن يكون هناك أي تمييز بين المواطنين، وإجبار الذين يصلون خلال المرحلة الانتقالية على القبول بمستوى أدنى من الحقوق، خصوصاً في ما يتعلق بمسألة لم الشمل واستحقاقات الأطفال، والحصول على سبل الإنصاف القضائي عن طريق محكمة العدل الأوروبية».
والأسبوع الفائت، قال رئيس مجلس أوروبا دونالد توسك: «ما دامت بريطانيا لم تقدم حلاً (في مسألة حدود آيرلندا)، فمن الصعب جداً تصور تسجيل تقدم جوهري في مفاوضات (بريكست)».
جاء ذلك بعد أن رأى توسك أن إبرام اتفاق تجارة حرة مع بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد (بريكست) هو الخيار الوحيد الممكن أمام الطرفين. وكان دونالد توسك يعرض خلال مؤتمر صحافي عقده في لوكسمبورغ أواخر الأسبوع الماضي مع رئيس وزراء البلاد كزافييه بيتل، الخطوط العريضة للعلاقات المستقبلية التي يرغب الأوروبيون بإقامتها مع بريطانيا بعد أن تصبح دولة جارة لهم.
واعتبر توسك أن الاتفاق المقبل سيكون من نوع خاص، وذلك بفعل تداعيات «بريكست»، وقال: «لا يمكننا أن نقبل إبرام اتفاق يعطي للندن امتيازات مماثلة لما هو موجود في اتفاقنا مع النرويج، ويفرض عليها التزامات كتلك المفروضة على كندا». وينطلق الاتحاد في خطوطه العريضة الجديدة، التي يُفترض أن يتبناها زعماء الدول الأعضاء في قمتهم المقبلة في بروكسل، نهاية الشهر الحالي، من قناعته بعدم إمكانية منح لندن امتيازات مستقبلية تفوق تلك المعطاة لها حالياً بوصفها عضواً في الاتحاد.
وتسعى المؤسسات الأوروبية جاهدة للاستفادة من الحالة البريطانية لإيصال رسالة إلى مواطني الدول الأعضاء كافة، مفادها أن الحفاظ على عضوية الاتحاد هي الخيار الأفضل لأي دولة أوروبية. وتريد بريطانيا، كما سبق لرئيسة وزراءها تريزا ماي أن أعلنت، ترك السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، وكذلك عدم الاعتراف بمرجعية محكمة العدل الأوروبية. ولكن الاتحاد الأوروبي يؤكد على ضرورة الاستمرار في التعاون بين بروكسل ولندن في مجالات مثل محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة والشؤون الخارجية، باعتبار أن «الأمر يتعلق ببساطة بأمن مواطنينا»، حسب كلام توسك. كما يريد الاتحاد أن تشترك بريطانيا معه في كثير من البرامج المتعلقة بالمسائل البحثية والثقافية والتربوية، ما سيؤمن له مستقبلاً مساهمات مالية في صناديق التماسك الاجتماعي. وتطرق توسك أيضاً إلى قطاع الطيران، فعبر عن قناعته بضرورة الشروع بسرعة بمفاوضات بين بروكسل ولندن لتأمين سلاسة واستمرار حركة الطيران المدني بعد «بريكست».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.