ألياف طبية دقيقة بدل «قطرة العين»

تنقل المادة الفعالة للدواء وتذوب بعد الاستخدام

رسم توضيحي لطريقة استخدام الألياف الدقيقة كوسيلة لعلاج العيون
رسم توضيحي لطريقة استخدام الألياف الدقيقة كوسيلة لعلاج العيون
TT

ألياف طبية دقيقة بدل «قطرة العين»

رسم توضيحي لطريقة استخدام الألياف الدقيقة كوسيلة لعلاج العيون
رسم توضيحي لطريقة استخدام الألياف الدقيقة كوسيلة لعلاج العيون

كثيراً ما يستقبل أطباء العيون، مرضى يواجهون مشكلات ناجمة عن استخدام «القطرة» بعد أسابيع من فتحها لأول مرة، إذ لا يعرف البعض أن تلك «القطرات» تفقد صلاحيتها بعد فترة وجيزة للغاية من التعامل معها.
ويبدو أن تلك المشكلة في طريقها للحل بما قد يحول «قطرة العين» إلى نوعٍ من الذكريات، إذ تمكن فريق بحثي مصري، أخيرا من تطوير ألياف ميكرونية دقيقة ومتناهية الصغر (الميكرون هو واحد من المليون من المتر) لتكون هي الوسيلة لتوصيل المادة الفعالة في «القطرة» إلى العين.
ألياف دوائية
تعتمد الطريقة الجديدة، التي سجلها فريق من مدينة زويل للعلوم، في 10 يناير (كانون الثاني) الماضي بمكتب براءات الاختراع البريطاني، على استخدام قطعة صغيرة جدا من الألياف الميكرونية التي لا يتعدى سمكها نصف المليمتر وأبعادها القليل من مليمترات، ويتم وضع المادة الدوائية داخلها، وتلصق تحت الجفن السفلي للعين، بحيث تسمح الألياف بانطلاق المادة الدوائية إلى داخل العين ببطء وبشكل وتوزيع منتظم.
وتمثل هذه الطريقة بديلا مناسبا لقطرة العين، إذ يشرح الدكتور إبراهيم الشربيني، أستاذ ورئيس برامج علوم النانو بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، ورئيس الفريق البحثي الذي يعمل على الطريقة الجديدة، أن علاج العيون يعتمد راهناً، بخلاف القطرة، على استخدام «الجل» الذي يتم دهان العين به، ومشكلته أنه يحد من وقت الاستخدام، إذ ينبغي استخدامه فقط وقت النوم، وهناك طريقة أخرى تقوم على توصيل الدواء عبر العدسات اللاصقة، ومشكلتها ارتفاع أسعارها بما يجعلها غير منتشرة بشكل كبير.
ويقول الشربيني لـ«الشرق الأوسط» إن «الوسائل العلاجية القائمة لم تقدم البديل المناسب للقطرات، ولذلك ظلت هي الأوسع استخداما، رغم مشكلة الصلاحية القصيرة لها، والتي تعد إحدى المشاكل المهمة التي سنتخلص منها بالطريقة الجديدة».
ويضيف: «كان دافعنا الرئيسي هو التخلص من المشكلة المعروفة جدا عن القطرات، وهي أن العين لا تستفيد إلا من كمية ضئيلة جدا تقدرها بعض الأبحاث بنسبة 3 في المائة فقط، بينما يضيع 97 في المائة من الكمية».
وتتيح الطريقة الجديدة الاستفادة من المادة الدوائية بنسبة قد تصل إلى 100 في المائة، وتم اختبارها بتحميل دواء الأزيثرومايسين azithromycin، المعروف استخدامه كمقاوم للميكروبات، على الألياف وتجربتها في المختبرات على عدد من حيوانات التجارب كالأرانب وعيون أبقار، كما يؤكد رئيس الفريق البحثي.
ويقول الشربيني: «توصلنا إلى أن الألياف المحمل عليها الدواء لا تسبب أي التهابات، كما أنها تذوب في العين خلال مدة مناسبة، ولا تسبب أضراراً جانبية، لأنها مصنعة من بوليمرات طبيعية قابلة للتحلل الحيوي، ومعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية».
ويشير الشربيني إلى ميزه إضافية، وهي أن هذه الطريقة تسمح بتحميل أي دواء على الألياف المتناهية في الصغر، مضيفا: «إذا كنا قد اختبرنا دواء الأزيثرومايسين، إلا أنه لا يوجد ما يمنع من اختيار أي دواء آخر لتحميله على تلك الألياف حسب طبيعة المرض المراد علاجه بالعين».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً