دخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بقوة على خط دفع الاتهامات الموجهة ضد الحكومة السورية باستخدام أسلحة كيماوية، ووصفها بأنها «مزاعم مفبركة يسعى أصحابها لتوسيع محاربة الرئيس السوري بشار الأسد». ووجه بوتين انتقادات حادة إلى السياسة الأميركية في سوريا، وقال إنها تكرر أخطاء سابقة في العراق.
وفي مقابلة مع قناة «إن بي سي» الأميركية، سعى الرئيس الروسي للتشكيك في كل المعطيات التي تقدمها واشنطن حول احتمال أن يكون النظام السوري استخدم أسلحة كيماوية. وأعرب عن قناعة بأن «الاتهامات الموجَّهة إلى الجيش (النظامي) السوري مفبركة وتصب في مصلحة الإرهابيين». وشدد على أن «الحكومة السورية أتلفت ترسانتها الكيماوية وأبدت بذلك التزاماً كاملاً بالاتفاقات الدولية المتعلقة بهذا الملف». مضيفاً أن المزاعم التي تتحدث عن خطط لاستخدام أسلحة كيماوية أو إنتاج كميات جديدة من هذه الأسلحة «مجرد مزاعم مفبركة هدفها الضغط على الحكومة السورية، وهي بذلك تخدم مصالح الإرهابيين».
في المقابل، أكد بوتين أن بلاده «على علم بتخطيط المسلحين لتزييف هجمات كيماوية واتهام الجيش السوري بالطريقة ذاتها التي حدثت بها الاستفزازات في الماضي»، بهدف استخدام هذه الهجمات «لاحقاً كحجة لتوحيد الجهود الدولية في محاربة الأسد».
وعقد بوتين مقارنةً بين الاتهامات الغربية المتزايدة للأسد بالتحضير لشن هجمات باستخدام أسلحة كيماوية، وخطاب وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول في مجلس الأمن الدولي عام 2003، عندما أكد حصول واشنطن على أدلة تثبت امتلاك السلطات العراقية أسلحة دمار شامل و«تبين لاحقاً أن تلك كانت كذبة استُخدمت ذريعةً لغزو العراق».
وانتقد بوتين التحقيق الأممي في حالات استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا الذي حمّل دمشق وتنظيم داعش المسؤولية عن الهجمات، ورأى أن «هذا التحقيق لم يكن جدياً»، مشدداً على أن روسيا «كانت ولا تزال تطالب بإجراء تحقيق شامل في الموضوع لمعاقبة المسؤولين».
وربط بوتين هذا الملف بسقوط العديد من الضحايا بين المدنيين جراء قصف التحالف الدولي بقيادة واشنطن مدينتي الرقة السورية والموصل العراقية في إطار عمليتي تحريرهما من تنظيم داعش، داعياً واشنطن «إذا كانت جادة في إجراء تحقيق في استخدام الكيماوي، أن تفتح تحقيقاً في هذه الكوارث أيضاً». وزاد أن على الدول الغربية «إجراء تحقيق شفّاف ونزيه بشأن هجمات قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة التي طالت المدنيين في كلٍّ من مدينتَي الموصل العراقية والرقة السورية».
وفي خطاب تعمّد توجيهه عبر القناة إلى الجمهور الأميركي زاد بوتين: «انظروا إلى مدينة الموصل، دمَّروا كل شيء، كذلك الأمر في مدينة الرقة، وحتى الآن ما زالت جثث المدنيين تحت الأنقاض ولم تُدفن، أنتم لا ترغبون في أن تتذكروا ذلك»، ناصحاً الأميركيين بأنه «يجب على الأقل أن تدفنوا تلك الجثث العائدة لمدنيين والتي ما زالت موجودة تحت الأنقاض نتيجة قصفكم العشوائي للمناطق السكنية، وفتح تحقيق موضوعي وشفّاف في هذا الأمر».
ميدانياً، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سوريا، أن بعض فصائل المعارضة السورية في الغوطة الشرقية عرض على السلطات السورية إجراء مفاوضات حول الانفصال عن «جبهة النصرة». وقال رئيس المركز، اللواء يوري يفتوشينكو، إن «بعض ممثلي المجموعات المسلحة غير الشرعية كثّفت محاولاتها للتواصل مع كلٍّ من القوات الحكومية السورية والمركز الروسي للمصالحة بين الأطراف المتحاربة لبحث موضوع الانفصال عن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي المحظور». وأشار الضابط الروسي إلى أن الوضع في الغوطة الشرقية «لا يزال شديد التعقيد»، مضيفاً أن أحداً من المدنيين «لم يتمكن من مغادرة هذه المنطقة خلال الساعات الـ24 الماضية، بسبب قصف المسلحين المستمر».
وأكد اللواء يفتوشينكو أن الممر المؤقت باتجاه «جسرين - المليحة» بقي مفتوحاً لليوم الثاني على التوالي، وأن جميع عناصر البنية التحتية جاهزة لتأمين عمل الممر، إضافة إلى نشر مركز طبي ومركز لتوزيع وجبات ساخنة، وحافلات لنقل المدنيين إلى أماكن آمنة.
كما قال رئيس المركز الروسي إن جهوداً تُتخذ لإعادة الوضع الأمني إلى طبيعته في محيط الممر الإنساني ذي معبر قرب مخيم الوافدين بضواحي دمشق. وأعلن في وقت لاحق أمس، أن «مفاوضات جرت مع المسلحين لخروج دفعة ثانية منهم قريباً».
بوتين يعتبر اتهام دمشق بالكيماوي «فبركات» ويذكِّر بـ«سيناريو العراق»
بوتين يعتبر اتهام دمشق بالكيماوي «فبركات» ويذكِّر بـ«سيناريو العراق»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة