استنكرت الكنيسة البروتستانتية في الجزائر إقفال مقرات للعبادة مخصصة لعشرات المسيحيين القاطنين بعدة مناطق في البلاد، وعدّت ذلك «إخلالاً بتعهدات الجزائر الدولية بشأن احترام الأديان»، في بلد يتبع غالبيته المذهب السني المالكي، ويتعامل بحساسية شديدة مع كل ما يخرج عنه.
وقالت الكنيسة البروتستانتية في بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إنها «تشعر بقلق بالغ إثر غلق أماكن عديدة للعبادة، وتعرّض أعضاء الكنيسة لمضايقات واستفزازات»، من دون ذكر مصدر هذه «المضايقات».
لكن الشائع أن الشرطة هي التي تنفذ إجراءات إقفال أماكن العبادة لغير المسلمين، تبعاً لأوامر صادرة عن الولاة، وهم ممثلو الحكومة على المستوى المحلي، ويبلغ عددهم 48.
وأفادت الكنيسة بأن 3 أماكن للعبادة في وهران (450 كلم غرب العاصمة) وواحد في بجاية (250 كلم شرق)، وآخر في ورقلة (800 كلم جنوب) وآخر في تيزي وزو (100 كلم شرق)، «تم إبلاغ المشرفين عليها بوقف كل نشاط ديني بها». مضيفة أن «التهديد بالغلق يقع على كل الهياكل التي تتبع للجالية المسيحية البروتستانتية»، وأن أتباع الكنيسة «يتعرضون لأعمال استفزازية تتمثل في متابعتهم ومحاكمتهم بسبب نشاط مزعوم يتعلق بالتبشير. وقد حدث ذلك في تيارت (غرب العاصمة) وتيزي وزو، فضلاً عن تفتيش دقيق يخضع له المسيحيون في مطار العاصمة، وأخذ كتب المسيحية الخاصة بهم».
وأشار بيان الكنيسة إلى إقفال مكتبة تابعة لمسيحي في وهران «بسبب ديانته». كما تحدثت عن «محاولة لإقفال مزرعة لتربية طيور السمان بوهران يملكها مسيحي».
وأوضحت الكنيسة أنها تمارس نشاطها بناءً على ترخيص منذ 1974، وتم تحيينه حسبها في يوليو (تموز) 2011، مبرزة أنها أطلقت ترتيبات بغرض المطابقة مع قانون الجمعيات الصادر في 2012، «لكننا لم نحصل على الوصل الذي يثبت ذلك إلى اليوم».
وتتكفل وزارة الداخلية بملف «الأديان» من غير الإسلام، وتعتبره شأناً أمنياً. وفي هذا السياق قال مصدر بالداخلية في اتصال هاتفي إن الحكومة أغلقت العشرات من فضاءات العبادة التي أشارت إليها الكنيسة البروتستانتية «لأنها لم تحصل على ترخيص بذلك. والكنيسة تملك ترخيصاً ككيان ديني، لا يمنحها الحق في فتح أماكن للعبادة من دون طلب موافقة السلطات».
وسنّت الحكومة عام 2006 قانوناً يمنع فتح فضاءات لممارسة ديانة أخرى غير الإسلام، إلا في حال إصدار رخصة بعد طلبها. وفي هذا الصدد أكد تقرير للأمم المتحدة حول الأديان في العالم سنة 2016 أن «ممارسة الشعائر الدينية بالنسبة إلى غير المسلمين في الجزائر تثير آراء ومواقف متباينة بين الأحزاب والتنظيمات الناشطة في البلاد.
وقد أصدرت الحكومة عام 2006 قانوناً يمنع إقامة أماكن لممارسة ديانة أخرى غير الإسلام، من دون ترخيص من وزارة الشؤون الدينية، ما شكّل عراقيل بالنسبة إلى المسيحيين».
وإذا كانت الحكومة تطبق بصرامة القانون في العاصمة، حيث حددت أماكن للعبادة يرتادها المسيحيون، ووضعت بها حراسة أمنية، فهي عاجزة عن مراقبة الانتشار الكبير للكنائس في منطقة القبائل بشرق البلاد. ولهذه المنطقة خصوصية سياسية وثقافية، ذلك أن قطاعاً واسعاً من سكانها يعارض النظام القائم، ويتحدثون اللغة الأمازيغية. بينما تتحاشى الحكومة الدخول في مواجهة معهم.
وأفادت «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»، في تقرير حديث أن بروتستانتيين إنجيليين، فرنسيين وجزائريين وسويسريين، «توجهوا حديثاً إلى العاصمة الأميركية واشنطن، وقابلوا في مبنى الكونغرس نواباً عن الحزب الجمهوري، وطالبوهم بممارسة ضغط على الدولة الجزائرية كي ترضخ لمطالبهم بإلغاء قانون ممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين».
وجاء في تقرير لمنظمة العفو الدولية أن الدستور الجزائري «لا يضمن بصورة كاملة الحرية الدينية، إذ يترك تنظيم ممارسة التعبد وتنظيم دور العبادة للقوانين الوطنية المقيدة. ويشتمل القانون الوطني الجزائري على قواعد محددة للعبادة بالنسبة إلى من يُعتبرون غير مسلمين، وتُعتبر ممارسة الشعائر الدينية الجماعية خارج النطاق، الذي تنظمه الدولة جريمة جنائية».
ويُعاقب على خرق تلك التعليمات، بما فيها النصوص التي تفرض استخدام دور العبادة العامة التي توافق عليها الحكومة والإخطار المسبق بالاحتفالات الدينية، بالسجن لمدة تتراوح بين سنة و3 سنوات، وبغرامات مالية تتراوح بين 900 و2700 دولار.
وحسب المنظمة الحقوقية فإن «الحق في التعبد بصورة جماعية جانب جوهري من جوانب الحرية الدينية، يماثل في أهميته الحرية الوجدانية الفردية.
ولكن ما دامت كل جماعة دينية، وكل دار من دور العبادة مطالبة بالحصول على موافقة رسمية، فلن تكون هناك حرية دينية في الجزائر».
الكنيسة البروتستانتية تشكو من «التضييق» على أتباعها في الجزائر
بعد إغلاق الحكومة مقرات عبادة بحجة عدم حيازتها الترخيص
الكنيسة البروتستانتية تشكو من «التضييق» على أتباعها في الجزائر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة