تتحرك البشرية بسرعة عالية نحو عصر تصبح فيه التقنيات عنصرا رئيسيا في حياة كل إنسان، توفر له شروط الرفاهية وتضمن له كل الخدمات التي اعتاد سابقاً أن يحصل عليها من إنسان آخر. ومع كل ما تحمله القفزة النوعية السريعة في عالم التقنيات من محاذير على النمط الطبيعي لحياة الإنسان ونشاطه في شتى المجالات، إلا أن التطور التقني - الرقمي ما زال يحمل في معظم جوانبه فائدة للبشر، لا سيما عندما يتعلق الأمر بابتكارات حديثة في المجال الطبي.
وبعد دخول التقنيات عالية الدقة غرف الجراحة والأمراض القلبية والعينية وغيره، ها هي الرقميات تدخل مجال التشخيص المبكر للأمراض. وكشفت وكالة «تاس» الروسية عن تطبيق جديد للهواتف النقالة، صممه طالب جامعي روسي، ويتيح إمكانية الكشف المبكر عن بعض الأمراض.
وتمكن سيرغي بلينتسوف، الطالب في الجامعة الوطنية للأبحاث، في مدينة نيجني نوفغورود، من تصميم تطبيق للهواتف النقالة، أطلق عليه اسم «meCare»، ويقول إن «هذا التطبيق يمكنه متابعة الوضع الصحي للمستخدم، ويحذره على الفور بحال اكتشافه الأعراض الأولية للمرض». ولا تقتصر إمكانات التطبيق الجديد على الكشف عن أعراض الحالة المرضية، بل ويقوم بتشخيص أولي للمرض، لكن ليس لأي مرض، إذ تمت برمجته حتى اللحظة للتعامل مع مرضين، هما فقر الدم وداء باركنسون، ويجري العمل حاليا على تحسين الأداء، لزيادة قائمة الأمراض التي يتمكن التطبيق من التعامل معه.
وحسب طبيب الصحة العامة فلاديمير ميخائيلوفيتش، فإن هذا التطبيق الجديد «خطوة مهمة بكل تأكيد، إلا أنها لا تغني عن مراجعة الطبيب»، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن الحديث يدور هنا عن تطبيق يساعد في التشخيص الأولي، وأكد: «هذا أمر مهم للغاية لأن التطبيق قادر على تحديد الأعراض الأولية لفقر الدم وداء باركنسون، وهي أعراض قد لا تثير في بداياتها اهتمام أو انتباه المريض نفسه، ولهذا فهو يساعد إن جاز التعبير في الكشف مبكرا عن المرض، ما يساعد على اختيار العلاج المناسب والحيلولة دون تفاقم سريع للحالة المرضية». ووصف ميخائيلوفيتش التطبيق الجديد بأنه «مساعد جيد للطبيب»، لكنه نصح الأشخاص الذي سيستخدمونه بعد انتشاره، بعدم تجاهل التشخيص، وعدم الاكتفاء بالمعلومات التي يقدمها هذا التطبيق، والذهاب إلى طبيب مختص لمتابعة الحالة ووضع التشخيص النهائي.
وللكشف عن أعراض داء باركنسون، يعتمد التطبيق مجموعة اختبارات حركية، منها مثلا يقوم التطبيق بكتابة كلمة على شاشة الهاتف الجوال، ويطلب من المستخدم كتاباتها على سطح الشاشة، وبهذا الشكل يدرس حركة أطراف الأصابع ومنها يشخص حالة الأعصاب وعمل الجهاز الحركي بشكل عام. واختبار آخر يعتمد «حركة الصوت»، إذ يطلب التطبيق من المستخدم تكرار عبارة يختارها هو وأخرى يقترحها عليه الهاتف. وأخيرا هناك اختبار بسيط، حيث يطلب التطبيق من المستخدم السير لمدة 2 - 4 دقيقة، وأن يضع الهاتف أثناء السير في جيبه، ويقوم التطبيق بتحليل الحركة ليحدد ما إذا كانت هناك أعراض تشير إلى احتمال الإصابة بداء باركنسون. ويؤكد الجامعي الروسي والطبيب – الباحث المشرف على المشروع أن دقة استنتاجات التطبيق الجديد تصل حتى 95 في المائة.
وبالنسبة لمرض فقر الدم لا بد من ربط التطبيق بصفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمستخدم، وبصورة خاصة ملفات صوره (السيلفي) في تلك الصفحات. ويقوم التطبيق مع إضافة صور جديد بمقارنة جملة من التفاصيل وملامح وجه المستخدم، وبناء عليه يحدد أعراض المرض إن كانت موجودة. والمثير أن التطبيق يعتمد على آخر 15 صورة للمستخدم تم نشرها على حساباته في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وفور ربطة بتلك الصفحات يعمل التطبيق بشكل تلقائي ودائم، ويتابع الصور الجديدة ويقارنها بالسابقة للكشف عن أي تغيرات تشي بأعراض مرضية. وجرى تصميم التطبيق بطريقة تجعله يهتم فقط بصور وجه المستخدم، أما الصور المشتركة والجماعية أو التي تتم معالجتها عبر برامج الصور، فإنه يتجاهلها. وتجري حاليا اختبارات عملية على هذا التطبيق الجديد، ويتوقع طرحه في السوق خلال الأشهر القريبة القادمة.
تطبيق هاتفي روسي للكشف عن «باركنسون» وفقر الدم
نسبة دقته تصل إلى 95 %
تطبيق هاتفي روسي للكشف عن «باركنسون» وفقر الدم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة