الصراع على الجنوب الليبي يفاقم أزماته

مخاوف من تحوّل الاقتتال بين أولاد سليمان والتبو في سبها إلى فتنة

الصراع على الجنوب الليبي يفاقم أزماته
TT

الصراع على الجنوب الليبي يفاقم أزماته

الصراع على الجنوب الليبي يفاقم أزماته

فتحت رصاصات عدة استقرت في أجساد ثلاثة من أبناء قبيلتي التبو وأولاد سليمان في مدينة سبها، عاصمة جنوب ليبيا، «أبواب جهنم» على المدينة. وأدى هذا الحادث إلى انهيار اتفاق مصالحة بين الطرفين، وحوّل عموم المنطقة إلى ساحة مفتوحة لصراعات مسلحة استخدمت فيها «قوات مرتزقة»، وذلك في ظل وجود أحاديث عن «مؤامرة وأطماع خارجية»، ومحاولات «انتهاز الفرصة» من بعض الأطراف السياسية في شرق ليبيا وغربها، لإعادة ترتيب المنطقة على قاعدة «ما لم تحسمه السياسة، يأتي بفوهة البندقية».
شهدت مدينة سبها، الواقعة على بعد 660 كيلومتراً، جنوب العاصمة الليبية طرابلس، اقتتالاً واسعاً، منذ مطلع فبراير (شباط) الماضي، على أكثر من مستوى، بين قبيلتي أولاد سليمان العربية والتبو غير العربية، التي «تساندها قوات من المعارضة الأفريقية»، قبل أن تدخل على خط المواجهة قوات من الجيش الوطني الليبي، وأخرى تابعة للمجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني»، في اشتباكات دامية خلّفت قتلى وجرحى، ونزوحاً جماعياً قسرياً لعشرات الأسر.
تعود جذور الأزمة إلى ما قبل سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي، إلا أنها طفت على السطح عقب اندلاع الثورة الليبية عام 2011، حين تحوّلت مناطق جنوب ليبيا إلى ساحة مفتوحة يُحتكم فيها إلى قانون القوة والنفوذ القبلي. وعلى مدار السنوات السبع الماضية، ظل سكان تلك المنطقة، المتاخمة لحدود 3 دول أفريقية يشكون الإقصاء والتهميش، والغياب التام للدولة، مع حرص غالبية قبائلها على الاحتفاظ بـ«سلاح ردع» لحماية مكتسبات ما بعد القذافي، و«مواجهة الآخر» إذا استدعت الظروف ذلك.
واليوم، تواجه بعض قبائل الجنوب اتهامات بالاستفادة من الفوضى التي ضربت البلاد، والتربّح من تهريب البشر والسلاح والمخدرات والوقود. وبعد أكثر من سبع سنوات من انهيار النظام السابق، لا تزال مساحات واسعة من الأراضي على طول الحدود الليبية البالغ طولها 4300 كلم، من نواحٍ عدة، غير مضبوطة، بل ربما غير قابلة للضبط من دون حكومة موحّدة.

خلفية المواجهات القبلية
والحقيقة، أنه لم يكد يمضي عام واحد على الثورة الليبية، حتى اندلعت مواجهات ثأرية وعرقية دامية بين قبيلتي أولاد سليمان والتبو – الذين يمتدّون في تشاد والنيجر وشمال غربي السودان – في نهاية مارس (آذار) 2012، على أثر حادث قُتل فيه أفراد عدة من الجانبين، وعُرف وقتها بـ«قاعة الشعب»، مقر اجتماعات المجلس العسكري بمدينة سبها.
بعد ذلك تدخلت أطراف المصالحة، ورضي الجانبان بالتوقيع على الاتفاق - الذي حصلت «الشرق الأوسط» على صورة منه - لكن هذا الاتفاق لم يصمد أمام تجدد الاشتباكات التي أرجعها متابعون من الجانبين إلى خلافات بعضها «عرقي»، وبعضها الآخر يتعلق برغبة أولاد سليمان في «فرض سيطرتها على الأرض» مقابل إصرار التبو على الاستعانة بقوات من «المعارضة الأفريقية».
وما بين الماضي والحاضر، أرجع الدكتور علي قلمة مرصدي، وزير العمل والتأهيل السابق في حكومة «الوفاق الوطني»، أسباب تعقّد المشهد إلى «تعمد بعض الأطراف الخارجية والميليشيات المؤدلجة، المدعومة من الحكومات المتعاقبة، إشعال الفتنة بين القبيلتين منذ عام 2012». وقال مرصدي، الذي ينتمي إلى التبو، في حديث إلى «الشرق الأوسط»: إن «أولاد سليمان والتبو ضحيتان لصراع تغذيه جهات خارجية وأطراف داخلية، لتحقيق مصالح لبعض الدول، ومجموعة من مُتصدري المشهد السياسي»، مستدركاً «أولاد سليمان تتلقى دعماً بالمال والسلاح، ومساندة إعلامية ضد التبو». وفي مواجهة ذلك، قال السنوسي مسعود، رئيس مجلس حكماء قبيلة أولاد سليمان، إن قبيلته «لا تبتغي إلاّ الدفاع عن الأراضي الليبية»، نافياً أن تكون الاشتباكات التي شهدتها سبها «تستهدف الاستحواذ على السلطة في المنطقة، كما يتردد».

مقهى الناصرية والتدخلات الخارجية
لكن، وبعد أكثر من ست سنوات على حادث «قاعة الشعب» في مدينة سبها، مرّت العلاقات بين القبيلتين بتوترات شديدة، إلى أن جاءت اشتباكات «مقهى الناصرية» في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، لتنسف آخر اتفاق للمصالحة وُقّع في العاصمة الإيطالية روما في مارس 2017. وترجع تفاصيل هذه الواقعة، التي قتل فيها ثلاثة أشخاص في سبها، جراء أعمال انتقامية بين القبيلتين عندما أطلق مسلحون مجهولون النار على المقهى الذي يرتاده التبو؛ ما دفعهم إلى نصب نقطة تفتيش في المنطقة، ولدى مرور القائد العسكري مادي عمر، الذي تنحدر أصوله من قبيلة أولاد سليمان، أُطلق عليه النار وقتل على الفور، وهكذا دارت عجلة الانتقامات الثأرية. ورغم كل الجهود التي سارعت إلى احتواء التوتر بين القبيلتين، وصف المتابعون للأزمة في حديثهم مع «الشرق الأوسط» واقعة «المقهى» بأنها «الكاشفة لما يحدث في الجنوب من غليان، ونتيجة حتمية لتفاقم أزماته، وسقوطه من ذاكرة كل الحكومات التي تعاقبت على إدارة البلاد». ويشير هؤلاء إلى أن الجنوب الليبي بات «بالفعل ملاذاً آمناً لفلول جماعات المعارضة التشادية والسودانية».

وجهتا نظر متناقضتان
إسماعيل بازنكة، أحد نشطاء قبيلة التبو، قال لـ«الشرق الأوسط» خلال لقاء معه:: إن «المجموعات المعارضة موجودة على الأراضي الليبية منذ زمن بعيد، وكان القذافي يأويها لأهداف تتعلق بزعزعة استقرار بعض الدول والضغط عليها، ثم استعان بهم لقمع المتظاهرين في الثورة الليبية». وأضاف: «بعد الانقسام السياسي في 2014، كل الأطراف بدأت تستعين بالمرتزقة لتقوية موقفها العسكري وحسم الصراع لصالحها. وعندما قرّر المجتمع الدولي ودول جوار ليبيا ملاحقة مَن يأوي المرتزقة، تنصلت تلك الأطراف منها وألصقتها بالتبو».
غير أن مفتاح أبو خليل، عميد بلدية الكفرة، رأى أن «التدخلات الخارجية من بعض الدول الأوروبية تسعى لفصل الجنوب عن ليبيا»، وتابع في شرحه أسباب اندلاع مواجهات سبها الجارية: إن «الأزمة الكبرى تتعلّق بوجود عدد كبير من المسلحين غير الليبيين الذين دخلوا إلى أراضي ليبيا في أعقاب ثورة 17 فبراير، وهؤلاء هم أبناء عمومة قبيلة التبو في الجنوب، ولقد كونوا مجموعات مسلحة كبيرة تسعى إلى اقتطاع المنطقة تحت المسمّى العرقي الذي يضم القبائل الموجودة في دول الجوار».
وللعلم، انضم التبو مبكراً إلى الثورة ضد القذافي، في حين حافظت على ولائها للقذافي القبائل العربية في الجنوب التي كانت تتمتع بمكانة خاصة عنده، وعلى رأسها الزوي وأولاد سليمان... والقذاذفة طبعاً. ومن ثم، نتيجة لسرعة التحاق التبو بالثورة على القذافي، فإنها عملت منذ البداية على تأمين ما يكفي من التنازلات والتسويات لحماية مصالحها تحسباً لما تخبئه الأيام المقبلة.

المشهد الليبي الأوسع
من ناحية أخرى، لتفجير العلاقات بين أولاد سليمان والتبو، أبعاد أخرى تتعلق بالعنصرية والإقصاء، والتحكم في مقاليد الأمور، وهو ما يقول التبو – ذوو البشرة الداكنة – إنهم يعانون منه. إذ يتهم إبراهيم عثمان، المتحدث باسم حكماء التبو، «بعضاً من أبناء أولاد سليمان، بالسعي لبسط سيطرتهم على الأرض، وحكم سبها، والمنطقة الجنوبية بالكامل في محاولة للتخلص من التبو». وأوضح، أن بداية التوتر كانت «جنائية الطابع باعتداء أحد أفراد اللواء السادس (تابع لأولاد سليمان) على مقهى يرتاده شباب التبو في منطقة الناصرية، ثم توالت ردود الأفعال». و«ردود الأفعال» هذه بدت ظاهرة للمتابعين عند لجوء أفراد القبيلتين إلى «سلاح الردع» المُدخر لمثل هذه اليوم منذ رحيل نظام القذافي، والاحتكام إلى «قانون خاص» يعتمد على المدفع، والميليشيا، وقوات المرتزقة العابرة للحدود.
في هذه اللحظة، رأت القوتان المختلفتان سياسياً في شرق ليبيا وغربها، المتمثلتان في المشير الركن خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، وفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق الوطني»، ضرورة التدخل لوقف تغول القوى المتناحرة، وحجز مساحة على الأرض بعيداً عن مناكفات طاولات الحوار. وهكذا بدأ سباق محموم بينهما (الجيش الوطني والمجلس الرئاسي) بهدف السيطرة على الجنوب أولاً، وضم كل من الجانبين الكتائب المتقاتلة إلى صف قواته. وعليه؛ سعيا إلى توسيع نفوذهما هناك بضم اللواء السادس التابع لقبلية أولاد سليمان، الذي كان يطلق عليه في السابق «كتيبة فارس الصحراء»!
في العشرين من فبراير الماضي، بينما كانت الاشتباكات مستعرة بين أولاد سليمان والتبو، اتخذ حفتر قراراً بضم اللواء السادس مشاة وكل أفراده وعتاده وذمته المالية للقيادة العامة للجيش، وتعيين العميد أحميد العطايبي آمراً له. وشمل القرار إنشاء ثلاث كتائب، هي: كتيبة 205 دبابات بإمرة النقيب سعد عبد الوهاب علي بوعوينة، ومكان تمركزها سبها. وكتيبة 311 مدفعية بإمرة مقدم عبد السلام زيدان المهدي ومركزها أيضاً سبها، وكتيبة 183 مشاة بإمرة نقيب أمحمد عثمان عيسى. غير أن المفاجأة التي غيّرت موازين الطرفين، أن العطايبي رفض تكليف حفتر، وقال: إنه يتبع حكومة «الوفاق الوطني» في طرابلس. فأضطر حفتر إلى إصدار قرار آخر يقضى بإعفاء العطايبي من منصبه وتكليف العميد خليفة عبد الحفيظ خليفة آمراً للواء؛ الأمر الذي أحدث انشقاقاً في «كتيبة فارس الصحراء» (مقرها سبها)، فبات بعضها يقاتل مع الجيش الوطني وبعضها الآخر اصطف مع المجلس الرئاسي.
وكان سبق للعطايبي - قبل أن يُصدر قرار بشأنه - أن وصف ما يحدث في سبها بأنه «معركة بين قوات حفتر والقوات التابعة لحكومة الوفاق» دعمها انقسام المؤسسة العسكرية. وأردف في تصريحات لفضائية «التناصح» التابعة للمفتي السابق الصادق الغرياني، إن «اللواء السادس يمثل حكومة الوفاق الوطني». وقال: «إننا نقاتل من أجل ليبيا، وبهدف توحيد الليبيين، ونطالب حكومة المجلس الرئاسي بإدانة الهجوم على اللواء السادس التابع لها، وندعو جميع الثوار والأحرار بالتحرك والدفع باتجاه اللواء... فنحن في محرقة». وذهب العطايبي أبعد، متهماً في كلام تناقلته وسائل إعلام محلية حفتر، بـ«الوقوف وراء المعارك» و«جلبه مقاتلين مرتزقة من دول تشاد والنيجر والسودان»، واصفاً المعركة بأنها «معركة بين الشرق والغرب». الوزير السابق (في حكومة «الوفاق الوطني») علي قلمة قرصدي، اتهم في حديثه إلى «الشرق الأوسط» حكومة «الوفاق الوطني» بالانحياز بشكل واضح في دعم (أولاد سليمان) من خلال «شرعنة اللواء السادس التابع للقبيلة»، معبراً عن غضبه لـ«وصف المجلس الرئاسي لأفراد قبائل التبو المقاتلين بالمرتزقة»، حسب قوله. وتجدر الإشارة إلى أنه جرى تغيير اسم كتيبة «فارس الصحراء» إلى اللواء السادس، وكانت تضم «التوجيه الثوري» و«الحرس الثوري» و«مشروع النخيل» و«استراحة القائد» و«المسرح العسكري» و«صقور بومنيار» و«الحانوت العسكري». وأمام هذا الانقسام بين ولاءات «كتيبة فارس الصحراء» ساد الغموض معالم الاشتباكات في سبها؛ وهو ما دعا إبراهيم عثمان، إلى المطالبة «بسرعة إخلاء المدينة من كل التشكيلات المسلحة، وتشكيل منطقة عسكرية يكون آمرها محايداً، ومن خارج المنطقة الجنوبية، بجانب ضم العسكريين تحت لواء جيش منظم وبأرقام عسكرية». ويتابع المتحدث باسم حكماء التبو: إن «الميليشيات هي السبب الرئيسي، وكل ما يقع في منطقة نفوذ أولاد سليمان هم المسؤولون عنه»، مطالباً حكومة الوفاق بتحمل مسؤولياتها و«تجريم الميليشيات».
بجانب ما سبق، حذرت منظمة «الأمان» الليبية لمناهضة التمييز العنصري، المجلس الرئاسي من مغبة ما أسمته «شرعنته لأطراف الصراع» في سبها. واعتبرت أن ما يحدث هناك «ينذر بشبح وقوع كارثة إنسانية ضد المدنيين في الأحياء السكنية... الحروب الأهلية دائماً تبدأ بدعم الحكومات لأطراف الصراع». كذلك، انتقدت المنظمة موقف المجلس الرئاسي المؤيد لتحركات «الميليشيات المتمركزة بمقر كتيبة فارس الصحراء»، ورأت أن هذا يصب في مرتبة «التحيز لطرف دون الآخر وتأجيج للمشكلة». ومما يذكر، أن كتب التاريخ التي وُضعت في عهد القذافي تعترف بالأصول الأمازيغية للطوارق والليبيين الأمازيغ، بينما تتجاهل التبو كلياً. لكن بعد الثورة أدت التغيرات في حظوظ التبو لزيادة عداء العرب الليبيين الجنوبيين لهم، الذين كانوا ينظرون إلى التبو على أنهم غير ليبيين.

الوافدون الأفارقة
مع تفاقم الوضع في الجنوب، بدا أن القوتين العسكريتين في الشرق والغرب عازمتان على كسب المعركة. إذ بينما أعلن اللواء السابع مشاة التابع للمجلس الرئاسي، حالة النفير العام، وأرسل قوات إلى هناك تتألف من كتيبة دبابات ومدفعية ومشاة، وفرقة استطلاع، وأطلق عملية عسكرية حملت عنوان «بشائر الأمان» لردع «القوات الغازية»، أطلقت القيادة العامة للجيش الوطني عمليات مماثلة باسم «فرض القانون» في سبها تضمنت إرسال غرفة عمليات إلى قاعدة براك الشاطئ الجوية، بتجهيزات عسكرية ضخمة بينها مقاتلات. لكن أمام تعثر السيطرة على الأوضاع في الجنوب، ودخول أطراف خارجية على خط المواجهة، دعا الجيش الوطني الليبي «الوافدين الأفارقة» إلى «عدم الانجرار وراء الميليشيات الخارجة عن القانون، أو استغلالهم زعزعة أمن واستقرار الجنوب»، وطالبهم بـ«مغادرة ليبيا والعودة إلى بلدانهم الأصلية»، ومنحهم مهلة 9 أيام تنتهي في السابع عشر من الشهر الحالي، «قبل أن يستخدم القوة لإخراجهم بكل الوسائل العسكرية المتاحة جواً وبراً». كذلك، دعا الجيش أعيان ومشايخ مناطق الجنوب للاتصال بالغرفة الأمنية في المناطق العسكرية سبها، وأيضاً في أوباري وغات ومرزُق، ورفع الغطاء الاجتماعي عن كل من يساهم في حماية أو إيواء أو مساعدة الوافدين الأفارقة بأي شكل من الأشكال. وأمام تحذير حفتر للأفارقة، رأى الوزير السابق مرصدي، أن «القوات الأجنبية المتمثلة في المعارضة التشادية والسودانية، جرى استغلالها واستخدامها من قبل الحكومات الحالية والسابقة، وباتت تنتشر قي معظم مناطق الليبية بآلياتها وأسلحتها، وتصرف لها مبالغ مالية مقابل ذلك... إنهم يتحركون بحرية داخل ليبيا»!

مخاطر التهميش والتمييز
وتابع مرصدي، مذكراً بمشكلات وأزمات الجنوب، وما تمثله من مخاطر مستقبلية، كلامه لـ«الشرق الأوسط» موضحاً: «نعم الحكومات المتعاقبة مارست أنواعاً مختلفة من التهميش والتميز ضد الجنوبيين من خلال استخدام أدوات وأساليب وطرق مختلفة من بينها الإقصاء السياسي والإداري في تولي المناصب السياسية والإدارية العليا في الدولة». وأردف «مؤسسات الدولة تدار الآن بـ98 في المائة من كوادر من شرق البلاد وغربها، سواء كان ذاك في الحقائب السياسية أو التمثيل الدبلوماسي أو في المؤسسات الاستثمارية الخارجية والداخلية. أضف إلى ذلك غياب العدالة في توزيع الخدمات وفرص العمل والعلاج والدراسة في الخارج على الرغم مما يمتلكه الجنوب من الموارد الاقتصادية من النفط والغاز والمعادن والمياه الجوفية». ومن ثم، حذّر من أنه في حال عدم استدراك الأوضاع في الجنوب، فإن المنطقة، بشكل خاص، والبلاد عموماً، ستدخل مرحلة خطرة، قائلاً: «نعم، أخشى أن يتحول هذا الاقتتال إلى صراع عرقي بسبب انحياز بعض الحكومات في البلاد، وبعض وسائل الإعلام المحلية لطرف من طرفي الصراع؛ مما قد يسهم في تدويل ملف الجنوب».

حول واقع التبو في ليبيا
> يوصف التبو في ليبيا، بأنهم أكثر قرباً من حكومة طبرق (شرق البلاد)، في حين يعتبر خصومهم العرب والطوارق في فزان والكفرة أكثر قرباً من حكومة طرابلس، ويتهم الطوارق الفرنسيين بأنهم يفضلون التبو عليهم، وبأنهم يتساهلون أكثر مع حركة التهريب لدى التبو منه لدى الطوارق. وللعلم، على مقربة من الحدود الليبية توجد قاعدة عسكرية فرنسية في منطقة مداما النيجرية، وتبعد 70 كيلومتراً فقط عن أول نقطة حدود ليبية. وسبق لعميد بلدية سبها حامد الخيالي، اتهام المسؤولين عن هذه القاعدة بالتواطؤ مع مهرّبي البشر. هذا، ولا توجد في ليبيا بيانات إحصاء وافية عن الأعداد الإجمالية للتبو، لكنها تقدّر بـ350 ألفاً، وفق تقدير مركز كارنيغي لـ«الشرق الأوسط» عام 2012. وهم ينتشرون حالياً في جنوب شرقي ليبيا، بالإضافة إلى انتشارهم في شمال تشاد والنيجر، والواقع أن هذه القبيلة تسيطر بشكل فاعل على جزء كبير من المناطق الحدودية في الجنوب، التي تمتد من واحة الكفرة في أقصى الشرق إلى القطرون والويغ جنوبي سبها.
ووفق تقرير للأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لا تزال مسألة الجماعات المسلحة الأجنبية في ليبيا تشكل عاملاً مزعزعاً للاستقرار، في الجنوب الغربي والجنوب الشرقي، وضرب مثلاً بوقوع اشتباكات سابقة في بلدة أم الأرانب، (100 كيلومتر جنوب سبها)، بين أفراد من التبو ومتمردين من تشاد (قبيلة الزغاوة) ودارفور.



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».