أنقرة تتوقع انتهاء «غصن الزيتون» بعد شهرين

إردوغان يتهم واشنطن بتكديس الأسلحة شمال سوريا

TT

أنقرة تتوقع انتهاء «غصن الزيتون» بعد شهرين

أعلنت أنقرة أن عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي مع فصائل من الجيش السوري الحر في عفرين شمال سوريا للقضاء على تواجد وحدات حماية الشعب الكردية فيها قد تنتهي في مايو (أيار) المقبل بعد تحقيق كل أهدافها، وفي الوقت نفسه اتهمت واشنطن بتكديس الأسلحة في شمال سوريا عبر إنشاء 20 قاعدة عسكرية في المنطقة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: إن عملية «غصن الزيتون» قد تنتهي في شهر مايو المقبل بعد أن تحقق أهدافها. وأضاف في مؤتمر صحافي مع نظيرته النمساوية كارين كنيسل، في فيينا أمس، إنه كلما انتهت عملية «غصن الزيتون» مبكراً كان إرساء الاستقرار في عفرين أسرع؛ وهو ما سيحقق عودة السكان المدنيين إلى المنطقة.
في الوقت ذاته، رحب جاويش أوغلو بالخطوات التي اتخذتها النمسا ضد استخدام رموز وأعلام حزب العمال الكردستاني المحظور على أراضيها، مضيفاً: «ينبغي ألا تشعر (التنظيمات الإرهابية) بأنها في جنة بأوروبا، وينبغي أن يتم التعامل معها بالطريقة نفسها في كل مكان».
وتواصلت المعارك في محيط عفرين أمس مع تقدم سريع لقوات «غصن الزيتون» باتجاه مركز المدينة، وسيطر الجيشان التركي و«السوري الحر» على مركز بلدة جندريس جنوبي غربي عفرين، لتكون بذلك خامس بلدة يتم تطهيرها من عناصر وحدات حماية الشعب الكردية و«داعش».
وجاءت السيطرة على جندريس بعد السيطرة على قرى عدة محيطة بها، وتلة استراتيجية تطل عليها، ولا تزال تدور اشتباكات في عدد قليل من الجيوب في البلدة التي لجأ إليها مقاتلو الوحدات الكردية وبعض عناصر «داعش» بعد إحكام السيطرة على مركزها.
وسبق لقوات «غصن الزيتون» السيطرة على بلدات «بلبلة» و«راجو» و«شيخ حديد»، و«شران» ولم يتبق سوى بلدة واحدة تابعة لمدينة عفرين تخضع لسيطرة الميلشيات الكردية هي «معبطلي».
ووصل عدد النقاط التي تمت السيطرة عليها في عفرين إلى 157 نقطة، بينها 5 بلدات، و122 قرية.
في السياق، استهدفت عناصر تابعة للوحدات الكردية سيارة تقل مدنيين سوريين أثناء محاولتهم الانتقال إلى منطقة آمنة سيطرت عليها قوات «غصن الزيتون» قرب جندريس.
وذكرت وكالة أنباء «الأناضول» أن أسرة سورية تعيش في إحدى القرى القريبة من جندريس تعرضت لنيران الوحدات الكردية أثناء محاولتها الانتقال إلى قرية أخرى آمنة، سيطر عليها الجيشان التركي و«السوري الحر».
وأوضحت المصادر، أن السيارة كانت تقل ثلاثة أشخاص بينهم طفل، حيث أصيبت سيدة بجروح جراء نيران هذه العناصر.
وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أن القوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» تمكنت حتى أمس من تحييد 3 آلاف و89 مسلحاً، مؤكداً أن العملية ستستمر حتى تحقيق أهدافها.
في الوقت ذاته، تساءل الرئيس التركي عن سبب تكديس الولايات المتحدة كميات ضخمة من الأسلحة في الشمال السوري رغم تصريحات واشنطن حول انتهاء تطهير تلك المناطق من تنظيم داعش الإرهابي، وما إذا كان الهدف من ذلك هو استخدامها ضد تركيا.
وقال إردوغان، في كلمة خلال فعالية نظمتها وزارة الأسرة والسياسات الاجتماعية التركية بالقصر الرئاسي في أنقرة أمس، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: «لماذا تحشدون كل هذه الأسلحة في الشمال السوري، ما دمتم تقولون إنكم طهّرتم المنطقة من (داعش)، هل تحشدون هذه الأسلحة كي تستخدموها ضدّنا؟».
وأشار إلى أن الولايات المتحدة أسست 20 قاعدة عسكرية في الشمال السوري، وأرسلت إلى تلك المنطقة أسلحة وذخائر كثيرة عبر 5 آلاف شاحنة وألفي طائرة شحن. على صعيد آخر، تقدمت أنقرة بطلب جديد إلى السويد للقبض على الرئيس المشارك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم وتسليمه لها.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: إن أنقرة طلبت رسمياً من استوكهولم اعتقال مسلم مؤقتاً وتسليمه إلى تركيا، في إطار الملاحقات القانونية بحقه بتهم تتعلق بالإرهاب، والإشراف على عمليات إرهابية استهدفت المواطنين الأتراك في الفترة الماضية.
وسبق أن تقدمت تركيا بطلبين مماثلين إلى كل من جمهورية التشيك وألمانيا.
في شأن آخر، اتهم وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في الحكومة التركية، عمر تشيليك، النظام السوري باستهداف قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى الغوطة الشرقية رغم المطالبات الدولية بضرورة إيصال المساعدات إلى المحتاجين هناك.
وقال تشيليك أمس: إن النظام السوري لا يتردد في استهداف قوافل المساعدات الإنسانية، رغم أن العالم بأسره متفق على وجود مأساة إنسانية في الغوطة الشرقية.
واعتبر تشيليك أن نظام الأمم المتحدة يشهد سقوطاً لعدم تمكنه من إبداء أي رد فعل ضد من لا يلتزمون بالقرارات الصادرة عنه، لافتاً إلى أن قرارات الأمم المتحدة تتجاهل المجازر أمام أنظار العالم.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.