المحكمة الدولية: الأدلة كافية لمحاكمة المتهمين باغتيال الحريري

ردّت طلب الدفاع بإعلان براءة حسن عنيسي من الجريمة

صورة أرشيفية لتشييع مصطفى بدر الدين الذي كان مطلوبا لمحكمة الحريري تعود الى مايو 2016 بعد مقتله في سوريا (رويترز)
صورة أرشيفية لتشييع مصطفى بدر الدين الذي كان مطلوبا لمحكمة الحريري تعود الى مايو 2016 بعد مقتله في سوريا (رويترز)
TT

المحكمة الدولية: الأدلة كافية لمحاكمة المتهمين باغتيال الحريري

صورة أرشيفية لتشييع مصطفى بدر الدين الذي كان مطلوبا لمحكمة الحريري تعود الى مايو 2016 بعد مقتله في سوريا (رويترز)
صورة أرشيفية لتشييع مصطفى بدر الدين الذي كان مطلوبا لمحكمة الحريري تعود الى مايو 2016 بعد مقتله في سوريا (رويترز)

أعلنت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن «الأدلة التي قدّمها فريق الادعاء، يمكن أن تؤدي إلى إدانة أربعة مشتبه بهم في قضية اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري ورفاقه، بينهم المتهم حسن عنيسي».
ووصفت التفجير الذي أودى بحياة الحريري في 14 فبراير (شباط) 2005 بـ«العمل الإرهابي المدبّر»، وأكدت أن لديها «الكثير من الأدلة التي قد تثبت تورّط هؤلاء باغتيال الحريري، بدليل مراقبة تحركاته والشوارع التي يسلكها موكبه قبل أشهر من الجريمة إلى حين حصولها».
قرار المحكمة جاء في جلسة علنية عقدتها في مقرّها، أمس في لاهاي، خصصت لإصدار الحكم بشأن المذكرة التي قدمها فريق الدفاع عن المتهم حسن عنيسي وطلب فيها إصدار الحكم بإعلان براءته لأن المدعي العام لم يقدّم أدلة كافية لإدانته. وقد اعتبر قرار أمس، بمثابة حكم إدانة لعنيسي ورفاقه المتهمين سليم عيّاش، مصطفى بدر الدين، أسد صبرا وحسن مرعي، وجميعهم ينتمون إلى جهاز أمن «حزب الله»، وفق ما ورد في القرار الاتهامي.
وخلال مجريات الجلسة كشفت المحكمة عن بعض الأدلة المتوفرة لديها ضدّ عنيسي ورفاقه، وأشارت إلى أنها «تلقت أدلة تبين أن هؤلاء كانوا يستخدمون الهواتف الجوالة الشخصية التي اقترنت بالمكان مع هواتف الشبكة الخضراء، كما تلقت غرفة الدرجة الأولى أدلة من قبل خبير لمواقع الخلايا قام بشرح كيف لشخص واحد أن يستخدم أكثر من هاتف، وذلك على أساس أنماط الاتصال والموقع الجغرافي وتحرك الهواتف الجوالة وعلى أساس استخدام سجلات بيانات الاتصال التي توفرها الشركات وهو ما يسمّى بالاقتران المكاني».
وتطرقت المحكمة إلى دور «مجموعة الهواتف الأرجوانية التي يزعم أنها كانت معنية بإعلان المسؤولية زوراً عن الاعتداء، وهذه تضمنت ثلاثة هواتف يزعم أنها الهواتف الشخصية لمرعي وعنيسي وصبرا، التي استخدمت من أجل التواصل بينهم لتنسيق إعلان العملية زوراً التي جاءت بعد فترة قصيرة من الاعتداء الذي تم في الرابع عشر من فبراير (شباط) 2005». وذكرت أن المحكمة «استمعت إلى أدلة قد تستخلص منها، أن الهواتف الثلاثة كانت للأشخاص الثلاثة المذكورين»، مشيرة إلى استنتاج يفيد بأن «الأشخاص الثلاثة قاموا بمراقبة السيد رفيق الحريري قبل تنفيذ الاعتداء في 14 من فبراير 2005، وأنهم راقبوا تحركاته عن كثب، من خلال مراقبة الطريق التي سلكها أو التي كان يسلكها لمنزله في بيروت في قصر قريطم والفيلا في فقرا التي كان يسلكها في أيام العطلات».
وقالت غرفة الدرجة الأولى في جلستها العلنية، إنها «تلقت أدلة متعلقة بتحركات هواتف الشبكة الحمراء التي كانت تتواصل مع قيادة الشبكة الخضراء، وتستخلص منها الغرفة أن مصطفى بدر الدين كان القائد الأعلى، وهذه الشبكة كانت تعمل بين منطقة البرلمان في وسط بيروت، وعلى الطرق المؤدي من البرلمان إلى قصر قريطم منزل الحريري، وهو الطريق الذي سلكه موكب الحريري يوم الاثنين الرابع عشر من فبراير 2005 والأهم من ذلك، في جوار فندق (السان جورج)، وهذه الأدلة قد تثبت أن فريق الاغتيال كان يتدرب على تنفيذ الاعتداء الذي حصل، ولا يزعم أن عنيسي كان من أعضاء فريق الاغتيال ولا كان معنياً في عمليات المراقبة».
وعن النقطة المحورية في الأدلة المتوفرة عن دور حسن عنيسي في الجريمة، أشارت المحكمة إلى أنه «تولّى إعلان المسؤولية زوراً عن الاعتداء بعد الانفجار تقريباً، وكان من بين الأشخاص المرتبطين بالمؤامرة، واتصلوا بوكالة (رويترز) وبقناة (الجزيرة) في بيروت، وطلبوا منها نشر وإعلان المسؤولية زوراً عن الاعتداء»، مؤكدة أن «هذه الأدلة بالتحديد يبدو أنه غير متنازع عليها وإنما هوية الأشخاص الذين أجروا الاتصالات، والذين زودوا شريط الفيديو إلى قناة (الجزيرة)، وفيه يظهر (أحمد) أبو عدس يعلن المسؤولية زوراً عن الاعتداء».
وأكدت أنه «ليس هناك من أدلة تثبت للغرفة أن أحمد أبو عدس كان سائق شاحنة (ميتسوبيتشي الكانتر) التي كانت معنية بالانفجار، ولا أنه كان متورطاً في الاغتيال، ولم يتم العثور على حمضه النووي قرب موقع الجريمة، كما أن الغرفة تلقت أدلة بأنه لم يكن يستطيع أن يقود سيارة أو مركبة».
وأكدت المحكمة أنها «تلقن ما يكفي من الأدلة تسمح لها بأن تستنتج أن المتآمرين عبر (مصطفى) بدر الدين و(حسن) مرعي كانوا يستخدمون (حسن) عنيسي (أسد) صبرا للعثور على أبو عدس، ولاستقطابه لأغراض تصوير الإعلان زوراً عن المسؤولية، عما تم تصويره عن جريمة في 14 فبراير 2005».
هذا ولم يطالب محامو الدفاع عن باقي المشتبه بهم، وهم سليم جميل عياش وحسن حبيب مرعي وأسد حسن صبرا، بتبرئتهم.
ووافق القضاة على أن معظم الأدلة المقدَّمة ضد عنيسي، التي يستند معظمها إلى تسجيلات من شبكات الهواتف الجوالة وشرائح الهواتف المستخدمة في الهجوم، ظرفية. إلا أن القاضية جانيت نوزوورثي قالت: «عدد المصادفات كبير لدرجة أن المحكمة لديها أدلة كافية يمكن الاستناد إليها لإدانة عنيسي بالضلوع في الهجوم على الحريري».
وقال القاضي الذي رأس الجلسة ديفيد ري في الحكم إن الهجوم الذي أدى إلى مقتل الحريري و21 شخصا آخرين، كان عملاً إرهابياً يهدف لنشر الخوف بين اللبنانيين ولا يمكن تنفيذه إلا على يد جماعة خبيرة، وبتخطيط معقد خلال فترة طويلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».