مرجع شيعي بارز يحذر من تقسيم العراق على قاعدة «التجييش الطائفي»

تراجع المخاوف في بغداد من هجوم مع انشغال «داعش» بمعارك في الشمال والغرب

عناصر في «جيش المهدي» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يحضرون تمرينا في البصرة أمس (أ.ف.ب)
عناصر في «جيش المهدي» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يحضرون تمرينا في البصرة أمس (أ.ف.ب)
TT

مرجع شيعي بارز يحذر من تقسيم العراق على قاعدة «التجييش الطائفي»

عناصر في «جيش المهدي» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يحضرون تمرينا في البصرة أمس (أ.ف.ب)
عناصر في «جيش المهدي» التابع لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يحضرون تمرينا في البصرة أمس (أ.ف.ب)

دعا المرجع الشيعي البارز آية الله محمد اليعقوبي، المرشد الروحي لحزب الفضيلة الإسلامي (سبعة مقاعد في البرلمان العراقي)، الكتل السياسية إلى حوار جاد بعد إعلان المحكمة الاتحادية مصادقتها على نتائج الانتخابات. وفيما عد قيادي بائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء نوري المالكي أن «منطقة سامراء باتت بمثابة رمزية التحرك نحو إعادة السيطرة على تكريت والموصل، فإن اليعقوبي عد أن سياسة التجييش الطائفي المتبعة حاليا إنما تحقق مآرب الساعين لتمزيق العراق».
وقال اليعقوبي في بيان أمس، إن «المصادقة على النتائج يمكن جعلها منعطفا تاريخيا في حياة العراق وشعبه ووجودهما بأن نجعل منهما تحولا في الحالة السياسية فننقلها من حالة التشرذم والانقسام والصراع إلى حالة الانسجام والشراكة الحقيقية، والإنصاف في نيل المواطنين، بكل أديانهم وطوائفهم وقومياتهم وأجناسهم وآيديولوجياتهم، حقوقهم كاملة غير منقوصة على أساس المواطنة فقط من دون ملاحظة أي اعتبار». وأضاف اليعقوبي أن «هذا يتحقق ببدء حوار شفاف بين الكتل السياسية لفئات الشعب وفق الخريطة الجديدة التي صودق عليها، وأن يقبل الجميع بكل التنازلات التي يتطلبها إنقاذ العراق وشعبه من محنتهما، مهما كانت تلك التنازلات صعبة من وجهة نظر أصحابها». وحذر اليعقوبي من أن «حالة الاحتراب وتجييش كل فئة لشارعها لا يخدم أحدا من هذا البلد وهو يحقق مآرب أعداء العراق والطامعين فيه والساعين لتمزيقه وإضعافه وقد استخدمت التنظيمات الإرهابية المعادية للحياة والإنسانية كأداة لتنفيذ تلك الأجندات والسيناريوهات المؤلمة».
من جهته، أكد الأستاذ في الحوزة العلمية في النجف حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الفتوى التي أصدرتها المرجعية واضحة وصريحة ولا تحمل بعدا طائفيا بل هي دعت أبناء الشعب العراقي إلى التطوع دفاعا عن الوطن وليس عن أي شيء آخر»، مشيرا إلى أن «هناك مساعي لإثارة فتنة طائفية وذلك بتحويل مضمون الفتوى إلى غير مقاصدها بينما هي تتجه وبشكل صريح لدرء الفتنة الطائفية لا سيما بعد ما أعلنه تنظيم (داعش) عن نيته هدم المراقد والأضرحة وغيرها من أماكن العبادة وهي أمور حساسة ويمكن أن تكون منفذا للفتنة الطائفية». وأشار إلى أن «الفتوى حددت الآليات ومن أبرزها أن يكون التطوع تحت إمرة الحكومة وأن يكون بقدر الحاجة وألا يحصل في المناطق المختلطة». ودعا الغرابي إلى «عدم اللجوء إلى تصديق ما يشاع هنا أو هناك لأن المرجعية الدينية في النجف وقفت بشكل صارم ضد كل دعوات الفتنة والتمزيق وبقيت تقف على مسافة واحدة من الجميع».
ويأتي موقف اليعقوبي في وقت تتواصل حشود المتطوعين في طريقها إلى سامراء التي تضم مرقدي الإمامين العسكريين كنقطة انطلاق لبدء عملية عسكرية عكسية ضد «داعش». وفي هذا السياق، قال القيادي في ائتلاف دولة القانون، عدنان السراج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «بالحسابات العسكرية وطبقا لما يؤشره القادة العسكريون فإن زخم (داعش) انتهى وبالتالي لم يعد يشكل خطورة استراتيجية لا سيما بعد أن جرى امتصاص صدمة سقوط الموصل التي أعطت لـ(داعش) قيمة وأهمية أكبر من حجمه فوجئ هو بها». وأضاف السراج أن «ما يحصل الآن هو ليس هجمات كبيرة مثلما حصل أول الأمر بل هي عبارة عن مجاميع مسلحة هنا وهناك تحاول استعادة ما لديها من زخم فضلا عن تشتيت الجهد العسكري العراقي بينما بدأت عملية العد العكسي للمواجهة بدءا من سامراء التي يتدفق إليها المتطوعون حيث من المتوقع أن يجري الزحف أولا على تكريت لتحريرها».
من ناحية ثانية، جعلت العمليات القتالية الحالية في مناطق مختلفة من البلاد وأقربها ما يجري في ديالى (56 كم شمال شرقي بغداد) فضلا عن استمرار المعارك في تلعفر شمالا وبعض المناطق الغربية ومنها القائم غربا، جعلت المخاوف تتراجع من احتمال شن هجمات على العاصمة العراقية بغداد استنادا إلى توقعات سابقة للمراقبين السياسيين كون غالبية مناطق حزام بغداد ذات غالبية سنية وتعاني من عمليات الاعتقالات العشوائية.
لا سيما مناطق أبو غريب غرب بغداد واللطيفية جنوبها بينما جرى تصنيف مناطق على أنها حواضن للجماعات المسلحة مثل ناحية جرف الصخر شمال محافظة بابل. وبينما ارتفعت في بغداد أسعار بعض المواد الغذائية والوقود لا سيما زيت الغاز فإنها ومنذ يومين سجلت انخفاضا ملحوظا بالإضافة إلى اختفاء المظاهر المسلحة التي برزت خلال الأيام الأولى للأزمة والتي تمثلت بقيام بعض الميليشيات، ومنها عصائب أهل الحق، باستعراض قوة في بعض شوارع بغداد.
إلى ذلك ، صرح حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة بأن عدد المتطوعين لحمل السلاح تجاوز المليونين. وقال الشهرستاني في تصريح صحفي اليوم الثلاثاء إن الدولة العراقية ليست مهيأة لاستقبال أعداد إضافية حيث لا يزال توافد الآلاف لتسجيل أسمائهم، خاصة بعد دعوة المرجع السيستاني للتطوع لمقاتلة «داعش» والدفاع عن المراقد الشيعية. وأضاف أن «المعركة لا أحد يعرف متى ستنتهي لكننا سننتصر وعلينا عدم الانتباه للدعايات المضادة والتقنين في استخدام المحروقات والكهرباء والمواد الغذائية كما أن القوات العراقية في أحسن أحوالها وهي قادرة على الانتصار».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.