مستشار سابق لنتنياهو يشهد ضده في قضايا فساد

المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نير حيفتس في محكمة تل أبيب الشهر الماضي (أ.ب)
المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نير حيفتس في محكمة تل أبيب الشهر الماضي (أ.ب)
TT

مستشار سابق لنتنياهو يشهد ضده في قضايا فساد

المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نير حيفتس في محكمة تل أبيب الشهر الماضي (أ.ب)
المستشار الإعلامي السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي نير حيفتس في محكمة تل أبيب الشهر الماضي (أ.ب)

قبل ساعتين من التقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن، أمس، أعلن في تل أبيب عن تطور درامي كبير، من شأنه أن يورط نتنياهو عميقاً جداً في أربعة ملفات فساد فتحتها ضده الشرطة.
ووقع المستشار الإعلامي السابق لعائلة نتنياهو، نير حيفتس، أمس، على اتفاق «شاهد ملك» مع الشرطة وسلطة الأوراق المالية، سيقدم بموجبه إفاداته في شبهات الفساد التي تنسب إلى نتنياهو وزوجته سارة، وتحديداً في القضية التي يتهم فيها بتقديم مساعدات وتسهيلات تقدر قيمتها بربع مليار دولار لصديقه شاؤول ألوفيتش صاحب شركة «بيزك» للاتصالات وموقع «واللا» الإخباري.
ووفقاً لأحد المقربين من طاقم التحقيق في الشرطة، فإن هذا التطور يعتبر درامياً، ويشكل منعطفاً حاداً في قضية نتنياهو؛ لأن حيفتس هو أقرب المقربين من عائلة نتنياهو. وعمل معها طوال عشرين سنة من دون توقف، وانشغل في جميع الملفات. وأكد مصدر في الشرطة أن حيفتس قال في التحقيق إنه «توصل إلى قناعة بضرورة التحول إلى شاهد ملك؛ لأنه يرى أن هذه هي مصلحة البلاد، وليس فقط كي ينجو بجلده». ونقل عنه القول إن «عهد نتنياهو انتهى».
وفي واشنطن، علق أحد المقربين من نتنياهو على هذا التطور بالقول إن «تجنيد ألف شاهد ملك لن يغير من حقيقة أن نتنياهو بريء، وأن الاتهامات ضده كاذبة وذات أهداف سياسية».
وسبقت هذه المفاجأة اتهامات من حلفاء نتنياهو له بـ«افتعال أزمة» في الائتلاف الحاكم لتبكير موعد الانتخابات، لتحسين وضعه. وهاجم قائدا حزب المستوطنين «البيت اليهودي» وزير التعليم نفتالي بنيت، ووزيرة القضاء أييلت شكيد، رئيس الوزراء، واعتبرا أنه يسعى إلى تفجير أزمة «لخدمة مصالحه الشخصية في مواجهة قضايا الفساد».
وكان حزبا المتدينين اليهود المتزمتين «يهدوت هتوراه» لليهود الأشكناز الغربيين، و«شاس» لليهود الشرقيين، طالبا بإقرار فوري لتعديل على قانون التجنيد للجيش، يتيح إعفاء الشبان اليهود المتدينين من الخدمة العسكرية الإلزامية. وربطا بين تمرير القانون والمصادقة على الموازنة العامة. وأكدا أنهما لن يصوتا مع الموازنة إلا بعد إنهاء إجراءات تعديل القانون، علما بأن عدم تمرير الموازنة يؤدي إلى سقوط الحكومة بشكل فوري.
وفي المقابل، هدد وزير المالية موشيه كحلون بالانسحاب من الحكومة في حال عدم تمرير قانون الموازنة. والمشكلة أن وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان يرفض قانون التجنيد بصيغته المقترحة، ويهدد هو أيضاً بالانسحاب من الائتلاف في حال تمرير القانون.
وغادر نتنياهو إلى الولايات المتحدة من دون أن يحاول تسوية الخلاف في الموضوع، ما جعل كثيرين يرون أنه يتعمد عدم التدخل لأنه معني بسقوط حكومته. وهو يبدو واثقا من الفوز بالحكم مرة أخرى، إذ إن كل استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى احتمال فوزه بعدد النواب نفسه، وقدرته على تشكيل ائتلاف من الأحزاب المكونة للائتلاف الحالي. وهو يعتقد بأن بقاء حكومته الحالية يقوي حلفاءه عليه. فهم يشعرون بأنه بات ضعيفاً بسبب فتح خمسة ملفات فساد ضده، وسيصير عرضة للابتزاز السياسي. بينما إذا دعا إلى انتخابات وفاز بها، فإن ابتزازه سيكون صعباً لحصوله على تفويض من الجمهور يقويه في وجه الشرطة والنيابة وكذلك الحلفاء والخصوم.
وقال بنيت إن الأزمة مع الأحزاب الدينية المتزمتة «تافهة وغير جدية، وبإمكان نتنياهو إن أراد ذلك أن ينهيها في غضون عشر دقائق؛ لكنه بدلا من ذلك يتركها تتدحرج حتى تفكك الائتلاف وتوصل إسرائيل إلى انتخابات مبكرة مكلفة وغير ضرورية». وحذرت شكيد من أنه «رغم استطلاعات الرأي التي تؤكد فوز اليمين مرة أخرى، فإن مفاجآت قد تحدث في اللحظة الأخيرة، وتؤدي إلى خسارة اليمين وعودة قوى الوسط واليسار إلى الحكم».
وقالت شكيد في خطاب ألقته أمام مؤتمر اللوبي اليهودي الأميركي «أيباك» في واشنطن، أمس، إن «أزمة قانون التجنيد أزمة مزيفة... سيكون من عدم المسؤولية أن تقود هذه الأزمة إلى الانتخابات وإسقاط حكومة اليمين، التي تعتبر حكومة جيدة وتفعل أشياء مهمة في مجالات الأمن والاقتصاد والقانون والتعليم». وأضافت: «ليس هناك ما يدعو إلى منح اليسار متعة إطاحة حكومة يمينية. لا يمكن لأحد القطع بأن اليسار لن يصل إلى السلطة».
وانضم الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، في وقت سابق، إلى المحذرين من إمكانية إجراء الانتخابات في ضوء أزمة قانون التجنيد، قائلا: «لا يمكن حل قضية التجنيد بالإكراه، وإنما من خلال ترتيب فقط. إذا لم ننجح في حل هذا الخلاف بواسطة الحوار العميق، ومحاولة التوصل إلى ترتيبات مسؤولة ومحترمة وواقعية، فإن هذه القضية ستواصل تقويض استقرار النظام السياسي الإسرائيلي، والأسوأ من ذلك، ستزيد التوتر بين القطاعات المختلفة».
وشدد الرئيس على أنه «من أجل تهدئة التوتر والتقدم، يجب أن نجد آليات إضافية للحوار بيننا، حتى يتضح أن هذا ليس نزاعاً بين أناس يكرهون الجيش الإسرائيلي من جهة وآخرين يكرهون التوراة من جهة أخرى، وإنما بين إسرائيليين يحترمون الجيش ويحترمون التوراة ومن يدرسونها».
وامتدت الانتقادات لنتنياهو إلى صفوف حزبه «ليكود»، ومعها تحذيرات من انتخابات جديدة «قد تحمل مفاجآت غير محمودة». وقال أحد وزراء الحزب، من دون الإفصاح عن اسمه، إن «نتنياهو يستغل الأزمة مع المتدينين من أجل تبكير موعد الانتخابات، على ما يبدو إلى نهاية يونيو (حزيران) القادم. فهذا الشهر هو التاريخ المفضل؛ لأن النيابة ستكون ما زالت تدرس قرار توجيه لائحة اتهام ضده. وبمجرد تحديد موعد للانتخابات ستوقف النيابة التحقيق معه، وتنتظر حتى انتهاء المعركة الانتخابية».
وادعى مصدر آخر في الحزب الحاكم أن من شأن نتنياهو «تقييد» شركائه إذا فاز في الانتخابات. وقال: «إذا تقرر بعد بضعة أشهر من ولايته تقديم لائحة اتهام ضده، فسيكون من الصعب أكثر على بنيت أو كحلون أو ليبرمان تفكيك حكومة جديدة، بعد حصول نتنياهو على ثقة الشعب... بدلاً من التحقيقات، بإمكانه التوجه إلى انتخابات على خلفية أزمة التجنيد». ويخشى بعض نواب «ليكود» من الانتخابات؛ لأنها قد تكلفهم مقاعدهم.
ويتهم الحزب نائب وزير الصحة يعقوب ليتسمان برفض التحلي بالمرونة، بسبب إصراره على «قانون التجنيد» الجديد، كشرط للتصويت على مشروع قانون الميزانية، وهو مطلب غير ممكن من ناحية تقنية. وأعلن وزير المالية أنه «إذا لم تتم الموافقة على الميزانية بحلول منتصف الشهر، فسينسحب حزب (كلنا) من الحكومة». وفي غياب الاتفاقات، من المتوقع أن يطرح قانون حل الكنيست الأسبوع المقبل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».