الجيش التركي وحلفاؤه يحققون {نصف أهداف} عملية «غصن الزيتون»

أنقرة تطلب من برلين توقيف صالح مسلم وتسليمه

TT

الجيش التركي وحلفاؤه يحققون {نصف أهداف} عملية «غصن الزيتون»

أعلنت أنقرة أن نصف المنطقة التي تستهدفها عملية «غصن الزيتون» التي تنفذها القوات التركية مع فصائل من «الجيش السوري الحر» في عفرين باتت تحت سيطرة الجيش التركي في الوقت الذي تقدمت فيه بطلب إلى ألمانيا للقبض على صالح مسلم وتسليمه إليها.
وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، في مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي في العاصمة أنقرة، أمس، إن «عدد المسلحين الذين تم تحييدهم منذ انطلاق عملية غصن الزيتون وصل إلى 2795 إرهابياً، بينما وصل عدد المناطق التي تمت السيطرة عليها إلى 142 منطقة».
وأكد بوزداغ إن العملية العسكرية في عفرين تسير كما هو مخطط لها وإنها ستتواصل حتى تحقيق كامل أهدافها، مشيراً إلى أن الجيش التركي يتخذ أعلى التدابير من أجل منع وقوع أي أضرار في صفوف المدنيين بعفرين.
وتابع بوزداغ أن تركيا «أكثر دولة أثبتت قوةً وصدقاً» في الحرب على تنظيم داعش الإرهابي، حيث قتلت الآلاف من عناصر التنظيم في سوريا والعراق، ومنعت وصول عشرات آلاف المشتبه بانتمائهم إلى التنظيم الإرهابي. وقال بوزداغ: «بين عامي 2011 و2018 اعتقلت تركيا 4 آلاف و43 من عناصر تنظيم داعش الإرهابي، منهم 1858 من المقاتلين الأجانب في صفوف التنظيم»، لافتاً إلى التنظيم الإرهابي نفّذ 20 هجوماً إرهابياً في تركيا أدت إلى مقتل 310 مواطنين.
في الوقت ذاته، واصلت المقاتلات التركية شن غاراتها الجوية على مواقع الإرهابيين في بلدة جنديرس، جنوب غربي عفرين تمهيداً للهجوم البري الشامل للسيطرة على كامل البلدة التي تحمل أهمية استراتيجية وتنطلق منها طرق رئيسية نحو وسط عفرين.
وحسب مصادر عسكرية تركية، قصفت الطائرات الحربية التركية «أهدافاً عسكرية محددة سلفاً وتابعة لوحدات حماية الشعب الكردية وحزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش الإرهابي في جنديرس». كما تواصل المدفعية التركية، قصف مواقع الإرهابيين في عفرين بريف محافظة حلب، في إطار «غصن الزيتون».
كان الجيشان التركي والسوري الحر قد سيطرا، أول من أمس، على بلدة الشيخ حديد، شمال غربي جنديرس، فضلاً عن السيطرة على بلدة راجو، شمال الشيخ حديد قبلها ليرتفع عدد البلدات (مراكز النواحي) التي تمت السيطرة عليها في منطقة عفرين إلى ثلاث. كما سيطرا على قريتي بولشك وأليجي التابعتين لبلدة شران، شمال غربي عفرين.
وتتبع قرية أليجي محور شيخ خروز، بينما تتبع قرية بولشك محور شران، ويعد هذا التقدم الأول للقوات المشاركة في عملية «غصن الزيتون» غرب بحيرة ميدانكي شمال عفرين.
وكان الجيش التركي قد أعلن، أول من أمس، أنه بات يُحكم السيطرة على الطرق التي تربط بين مناطق جنديرس وراجو بمدينة عفرين. وتوقعت مصادر عسكرية أن يبسط الجيشان التركي والسوري الحر سيطرتهما على بلدة جنديرس خلال الساعات أو الأيام المقبلة لتكون بذلك رابع مركز مهم تتم السيطرة عليه بعد مراكز بلبلة وراجو والشيخ حديد.
في الوقت ذاته، وصلت إلى ولاية هطاي جنوب تركيا، أمس، قافلة تقل عناصر من قوات المغاوير (كوماندوز) لدعم الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا. وتتألف القافلة من 20 عربة مدرعة، وصلت إلى قضاء «خاصّة» على الحدود مع سوريا، وسط إجراءات أمنية مشددة وبدأت تنتشر في الوحدات العاملة على الحدود في إطار عملية «غصن الزيتون».
إلى ذلك، بحث الرئيسان التركي رجب طيب إردوغان مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوضاع في سوريا، في اتصال هاتفي جرى بينهما مساء أول من أمس، حسب مصادر في الرئاسة التركية.
وقالت المصادر إن إردوغان وماكرون بحثا المأساة الإنسانية في الغوطة الشرقية، وإن توجهاتهما تطابقت بضرورة وقف المجازر المتواصلة هناك، وضرورة سرعة تطبيق مجلس الأمن الأخير حول وقف إطلاق النار هناك. ولفتت المصادر إلى أن إردوغان أطلع ماكرون، خلال الاتصال الذي يعد الثاني خلال أسبوع، على نتائج جولته الأفريقية الأخيرة، وعلى الترتيبات لعقد قمة ثلاثية في إسطنبول تجمع إردوغان ونظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني حول الأوضاع في سوريا. وأكد إردوغان، خلال الاتصال، أن تركيا تواصل عملية عفرين من أجل تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة والحفاظ على أمنها القومي.
في الوقت نفسه، كشفت صحيفة «يني شفق» التركية، معلومات بشأن تشكيل الولايات المتحدة ميليشيا جديدة لمواجهة الجيش التركي في عفرين. وذكرت الصحيفة أن الولايات المتحدة بدأت في جلب عناصر تابعة لميليشيا تمّ تدريبهم تدريباً خاصاً في «جزيرة غوام» الأميركية منذ 1996، إلى منطقة عفرين لدعم وحدات حماية الشعب الكردية في مواجهة الجيش التركي.
في سياق متصل، طلبت أنقرة من ألمانيا، أمس، توقيف الرئيس المشارك السابق لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم، بشكل مؤقت، وتسليمه إليها. وقال نائب رئيس الوزراء المتحدث باسم الحكومة التركية بكير بوزداغ، إن تركيا ستواصل تعقبها لـ«مسلم» المطلوب على النشرة الحمراء للإنتربول بطلب من تركيا، وإن وزارة العدل التركية بدأت التحرك في هذا الشأن.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».