الشاعرة الهولندية هاغار بيترز توجه سهاماً حادة إلى نيرودا

لم يلفظ قط اسم ابنته الوحيدة أمام الناس

بابلو نيرودا وفي الاطار ابنتة نيرودا مالفا
بابلو نيرودا وفي الاطار ابنتة نيرودا مالفا
TT

الشاعرة الهولندية هاغار بيترز توجه سهاماً حادة إلى نيرودا

بابلو نيرودا وفي الاطار ابنتة نيرودا مالفا
بابلو نيرودا وفي الاطار ابنتة نيرودا مالفا

خلال زيارتي الأولى إلى تشيلي أواسط الثمانينات، وبعد أن أمضيت يوماً في الجزيرة السوداء، وهي ليست جزيرة ولا سوداء، حيث يقوم المنزل المتحف الذي سكنه الشاعر الكبير بابلو نيرودا، عدت إلى العاصمة سانتياغو لتناول الغداء في المطعم الذي كان يتردد عليه واضع مرثيّة الغياب، وسألت عن الخادم الذي قيل لي إنه كان الذي يقدّم الطعام إلى دون بابلو. جاءني رجل نحيل وأنيق، ربما في العقد السابع من عمره، لكنه ما زال ينضح بالحيوية والابتسامة تسبقه. طلبت منه أن يُحضر لي الطبق الذي كان مفضّلاً عند نيرودا، فغاب فترة ثم عاد بصحن اتسّع لشتّى أصناف اللحوم والحبوب والبيض والخضراوات التي سخى عليها المَرَق وكأنه ينادي: يا جياع العالم اتحدوا! لم يُخفِ اندهاشي على الخادم الذي اتسّعت بسمته بلمحة من التواطؤ قائلاً: دون بابلو كان جسيماً فاره الطول!
كنت أعرف عن الضخامة البدنية لشاعري المفضّل، وعن حبّه للطعام والمُدام، وشغفه الجارف بالنساء. ولا يغيب عني أن الإبداع يتولّد في رحم تعقيدات النفس العصيّة على التفسير المنطقي، لكن ما شاهدته في ذلك الطبق كان مستحيلاً أن يوحي بأن آكله هو نفسه الذي كتب أرقّ أشعار الحب والغزل في تاريخ اللغة الإسبانية. وأعترف بأني منذ ذلك اليوم ما استطعت قراءة قصائد نيرودا من غير أن يحضر في بالي ذلك الجبل من الطعام... إلى أن جاء من يرفع السدول عن لغز أكبر بكثير في حياة من كتب أجمل دواوينه قبل أن يبلغ العقد الثاني من العمر.
«مالفا» هو عنوان الكتاب الذي وضعته الشاعرة الهولندية هاغار بيترز عن الابنة الوحيدة الشرعية، والسرية، لنيرودا، التي ولدت صيف العام 1934 في مدريد وتوفيّت في مدينة غودا الهولندية قبل بلوغ الثامنة بسبب من مرض ناجم عن تشويهات جينية في الدماغ يؤدي إلى تضخّم في الرأس ويمنع النمو ويعطّل الحواس:
«اسمي مالفا مارينا ترينيداد دل كارمن ريّس، أصدقائي هنا ينادوني مالفيتا والآخرون مالفا. أؤكّد لكم أني لست من اختار لي هذا الاسم (معناه نبتة الماء التي تنمو قرب البحر)، بل والدي، ذلك الشاعر العظيم، مثلما كان يختار عناوين قصائده ودواوينه. لكنه وضعته الشاعرة الهولندية هاغار بيترز عن الابنة الوحيدة الشرعية. بداية حياتي الأبدية كانت يوم مماتي في غودا عام 1943، حيث سارت حفنة من الناس وراء نعشي الصغير، بعكس جنازة والدي من بعدي بثلاثين عاماً في سانتياغو دي تشيلي». هكذا تبدأ بيترز كتابها عن ابنة نيرودا من زوجته الأولى الهولندية ماريّا هاغينار التي تعرّف إليها واقترب منها في جزيرة جافا عندما كان قنصلاً لبلاده في إندونيسيا.
كان نيرودا سعيداً بولادة ابنته، لكن سعادته لم تدم طويلاً؛ إذ لم يكن وارداً في حساباته أن تكون مولودته مصابة بمثل تلك العاهة الجسدية. هذا ما يستدّل من مراسلاته التي تتضمن مقاطع يصعب التخيّل كيف يمكن أن تصدر عن الشاعر الذي كتب مائة قصيدة حب. يقول في إحدى رسائله إلى صديقته وزوجة الشاعر الأرجنتيني بابلو روخاس: «... تفرّق شمل الكتّاب الذين توزّعوا على المصايف. فيديريكو (لوركا) بعث إلي من غرناطة قصيدة جميلة مهداة إلى ابنتي. ابنتي، أو من هكذا أسمّيها، كائن في منتهى السخافة، أشبه بنقطة وفاصلة، مصّاصة دماء ضئيلة الوزن. تحسّن الوضع الآن أيتها العزيزة بعد فترة مديدة من العذاب...».
ويستدّل من شهادة الشاعر الإسباني فيثنتي ألكسندري الحائز أيضاً جائزة نوبل، والذي كان صديقاً مقرّباً يتردد على نيرودا خلال إقامته في مدريد، كم كان شاعر التشيلي الأكبر متعثّراً أمام مصابه بابنته. بعد زيارته نيرودا في منزله عقب ولادة ابنته كتب ألكسندري: «... خرجت إلى الشرفة الضيّقة والطويلة كطريق نحو النهاية لأرى بابلو منحنياً فوق سرير ابنته الصغير. بدا لي بعيداً فيما كنت أسمعه يقول: مالفا مارينا، هل تسمعيني؟ تعال يا فيثنتي، تعال! أنظر إلى هذه المعجزة... طفلتي... أجمل ما في الدنيا. كانت العبارات تنثال من فمه بينما كان يشير إلي بيده كي أقترب وينظر بسعادة إلى السرير أمامه. كان مبتسماً وراء سحابة رقيقة ومحيّرة من الانبهار. دنوت من السرير ونظرت بداخله لأرى رأساً ضخماً... رأساً كاد أن يبتلع تقاسيم الوجه بكاملها... رأساً شرساً نما بلا رحمة ومن غير انقطاع إلى أن ضيّع مآله. رأيت مخلوقاً (هل كانت فعلاً مخلوقاً؟) يتعذّر أن تنظر إليه من غير ألم. رفعت عيني مصعوقاً، تمتمت أصواتاً لمن كان ينتظر سماعها وتدبّرت لي قناعاً على شكل ابتسامة في حين كان بابلو يشّع ذهولاً في يقظة حلمٍ بصلابة الصخر، واعتزاز فرحه، والامتنان لعطيّة السماء».
لم تنقض فترة طويلة على ولادة مالفا حتى راح نيرودا يبتعد عن زوجته، وانقطع عن ذكر ابنته حتى أمام الأصدقاء، ويرجّح أنه كان قد بدأ علاقة مع سيدة أرجنتينية سينتقل ليعيش معها بعد أن هجر زوجته. ومع اندلاع الحرب الأهلية الإسبانية قرر الهرب مع عائلته إلى مونتي كارلو، حيث سرعان ما قرر أن يقطع علاقته نهائياً بزوجته رافضاً أن يمدّها بأي مساعدة مالية؛ مما اضطرها إلى التوجّه مع ابنتها إلى بلدها هولندا لتستقر في مدينة غودا، حيث كانت تودع الطفلة المريضة في عناية الأسر والمستشفيات في حين كانت هي تعمل فيما تيسّر لها.
حرصت بيترز في كتابها الموثّق على استخدام لغة شاعرية، وطفولية في ظاهرها، حمّلتها سهاماً جارحة وجهّتها بدقة إلى صرح الشاعر الذي كان العالم يذوب على عذوبة قصائده ورقة مشاعره. يستفاد من الرسائل التي واصلت ماريّا هاغينار كتابتها إلى نيرودا، أنها إلى جانب معاتبته وتوبيخه لإهماله واجباته تجاه ابنته، كانت تخاطبه دائماً بموّدة وحنان رغم الظروف القاسية التي كانت تعيشها مع ابنتها، وبخاصة مع اندلاع الحرب العالمية الثانية وتعرّض مدينة غودا تحديداً لقصف الطيران النازي. وفي الثاني عشر من مارس (آذار) انطفأت مالفا عن ثماني سنوات ودُفنت بعيداً عن البحر الذي تنمو بقربه زهرة الماء. أبلغت ماريّا الشاعر بوفاة مالفا وطلبت إليه أن يحضر لدفنها، لكن ردّ نيرودا جاء صمتاً مدويّا ما زال يتردد إلى اليوم.



اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
TT

اهتمام «سوشيالي» واسع بنبيل الحلفاوي إثر مرضه

الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)
الفنان نبيل الحلفاوي (إكس)

حظي الفنان المصري نبيل الحلفاوي باهتمام واسع على «السوشيال ميديا» إثر مرضه، وانتقاله للعلاج بأحد مستشفيات القاهرة، وتصدر اسم الفنان «الترند» على «إكس» في مصر، الجمعة، بعد تعليقات كثيرة من أصدقائه ومتابعيه على منصة «إكس»، داعين له بالسلامة، ومتمنين له سرعة الشفاء والعودة لكتابة «التغريدات».

صورة للفنان نبيل الحلفاوي (متداولة على إكس)

واشتهر الحلفاوي بنشاط تفاعلي على منصة «إكس»، معلقاً على العديد من القضايا؛ سواء العامة أو السياسية أو الفنية، أو الرياضية بالتحديد، بوصفه واحداً من أبرز مشجعي النادي الأهلي المصري.

وكتب عدد من الفنانين داعين للحلفاوي بالسلامة والتعافي من الوعكة الصحية التي أصابته والعودة لـ«التغريد»؛ من بينهم الفنان صلاح عبد الله الذي كتب على صفحته على «إكس»: «تويتر X ما لوش طعم من غيرك يا بلبل»، داعياً الله أن يشفيه.

وكتب العديد من المتابعين دعوات بالشفاء للفنان المصري.

وكان بعض المتابعين قد كتبوا أن أسرة الفنان نبيل الحلفاوي تطلب من محبيه ومتابعيه الدعاء له، بعد إصابته بأزمة صحية ونقله إلى أحد مستشفيات القاهرة.

ويعد نبيل الحلفاوي، المولود في القاهرة عام 1947، من الفنانين المصريين أصحاب الأعمال المميزة؛ إذ قدم أدواراً تركت بصمتها في السينما والتلفزيون والمسرح، ومن أعماله السينمائية الشهيرة: «الطريق إلى إيلات»، و«العميل رقم 13»، ومن أعماله التلفزيونية: «رأفت الهجان»، و«لا إله إلا الله»، و«الزيني بركات»، و«غوايش»، وفق موقع «السينما دوت كوم». كما قدم في المسرح: «الزير سالم»، و«عفريت لكل مواطن»، و«أنطونيو وكليوباترا».

نبيل الحلفاوي وعبد الله غيث في لقطة من مسلسل «لا إله إلا الله» (يوتيوب)

ويرى الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين أن «نبيل الحلفاوي نجم كبير، وله بطولات مميزة، وهو ممثل مهم لكن معظم بطولاته كانت في قطاع الإنتاج»، مستدركاً لـ«الشرق الأوسط»: «لكنه في الفترة الأخيرة لم يكن يعمل كثيراً، شارك فقط مع يحيى الفخراني الذي قدّر موهبته وقيمته، كما شارك مع نيللي كريم في أحد المسلسلات، فهو ممثل من طراز فريد إلا أنه للأسف ليس اجتماعياً، وليس متاحاً كثيراً على (السوشيال ميديا). هو يحب أن يشارك بالتغريد فقط، ولكن لا يتفاعل كثيراً مع المغردين أو مع الصحافيين. وفي الوقت نفسه، حين مر بأزمة صحية، وطلب المخرج عمرو عرفة من الناس أن تدعو له بالشفاء، ظهرت مدى محبة الناس له من أصدقائه ومن الجمهور العام، وهذا يمكن أن يكون فرصة لمعرفة قدر محبة الناس للفنان نبيل الحلفاوي».