حكومة تونس تجمد خطط تشغيل سكان الحوض المنجمي

بعد فشل التفاوض مع محتجي المناطق المنتجة للفوسفات

TT

حكومة تونس تجمد خطط تشغيل سكان الحوض المنجمي

قررت الحكومة التونسية تجميد خطط لتشغيل السكان في مناطق الحوض المنجمي (جنوب غربي تونس)، وذلك رداً على فشل المفاوضات مع المحتجين الممثلين لسكان المنطقة.
وأعلنت الحكومة عن التجميد الفوري لكل المقترحات المتعلقة بالتشغيل في مواقع إنتاج الفوسفات (نحو 7 آلاف انتداب)، وتجميد كل برامج التوظيف التي أعدتها شركة فوسفات قفصة، أو التي تعتزم القيام بها، وتعليق نتائج المسابقات حتى استئناف الإنتاج ونقله بوتيرته العادية من مناطق الإنتاج إلى مناطق تصنيعية في مدينتي قابس وصفاقس. وفي المقابل، جددت الحكومة التزامها بتسريع نسق التنمية، وتنويع القاعدة الاقتصادية بولاية قفصة، من خلال تنفيذ كل برامج التنمية التي تعهدت بها الدولة، ودراسة وتنفيذ مشاريع تنموية جديدة لفائدة المنطقة، وتكليف وزير المالية بمتابعة هذه البرامج الحكومية.
وخصص يوسف الشاهد رئيس الحكومة، أول من أمس، مجلساً وزارياً مصغراً للنظر في تطور الأوضاع بالحوض المنجمي، ومتابعة ملف التنمية بولاية قفصة. ولفت إلى توقف خطط إنتاج ونقل الفوسفات الاستراتيجية بالنسبة لصادرات الاقتصاد التونسي لفترات طويلة، وإلى الصعوبات المالية التي أصبحت تعيشها شركة فوسفات قفصة إثر تعطل الإنتاج، واتخذ مجموعة من القرارات الحكومية الحازمة، بينها: «تكليف الجهات المختصة بتحديد المسؤوليات، وتكليف وزير العدل بالقيام الفوري بالمتابعة القضائية ضد كل من يخرق القانون ويتعمد تعطيل الإنتاج ونقله».
وجددت رئاسة الحكومة تمسكها بالحق في الاحتجاج الاجتماعي السلمي، وشجبها لكل عملية تعطيل للإنتاج، وهو ما قد ينبئ بتغيير على مستوى صراع الحكومة مع مطالب المحتجين الغاضبين بسبب قلة مشاريع التنمية وضعف استيعاب الشباب العاطل عن العمل.
وقال مسعود الرمضاني رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية (منظمة حقوقية مستقلة) لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة مطالبة بإيجاد حلول لمشكلات التنمية في الجهات، وتوقع ألا تنتهي هذه الاحتجاجات نتيجة توفر عوامل دافعة إلى ذلك، على حد تعبيره. وأشار الرمضاني إلى رفض المنظمة تعطيل الإنتاج في أي موقع، ولكن السلطات مطالبة في المقابل بالاستماع لمطالب المحتجين، وتغيير منوال التنمية الحالي، حتى يستجيب لانتظارات الشباب التونسي، على حد قوله.
يذكر أن الحكومة التونسية قد قدمت عرضاً، من خلال نقابة العمال، لتشغيل نحو 7 آلاف شاب من أبناء الجهة داخل شركة الفوسفات والمؤسسات العمومية في الجهة وشركات البيئة، إضافة إلى إنجاز مشروعات يتكفل بها القطاع الخاص. لكن المفاوضات، التي قادها بوعلي المباركي القيادي النقابي، باءت بالفشل، وهو ما جعله يعلن عن توقف جلسات الحوار، دون التوصل إلى نتائج إيجابية، بعد أن رفض المحتجون نتائج المجلس الوزاري، الذي خصصته الحكومة يوم 23 فبراير (شباط) الماضي لمناطق إنتاج الفوسفات في الحوض المنجمي.
وأشار المباركي إلى وجود أزمة ثقة في قرارات الحكومة، وما تتخذه من إجراءات لفائدة كامل ولاية قفصة، وقال إن المحتجين قد طالبوا الحكومة بتنفيذ القرارات التي اتخذتها الحكومة يوم 15 مايو (أيار) 2015، حتى تعود الثقة بين الطرفين، على حد تعبيره.
كان الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي قد أعلن مطلع مايو 2017 عن تكليف المؤسسة العسكرية التونسية بحماية مناطق إنتاج مناجم الفوسفات وحقول الغاز والبترول، وأكد أن الدولة ستمنع المتظاهرين والمضربين والمعتصمين من قطع الطرق المؤدية إلى مناطق الإنتاج. واعتبر السبسي هذا القرار «خطيراً، لكنه ضروري»، إلا أن الإجراء بقي حبراً على ورق، لصعوبة الاستجابة لمطالب التنمية، وخلق فرص العمل في المناطق الداخلية المهمشة، والتخوف من نتائج مواجهة المطلبين بالتنمية والتشغيل.
من ناحية أخرى، دعا أحمد عظوم، الوزير التونسي للشؤون الدينية، الأئمة المترشحين للانتخابات البلدية المزمع إجراؤها في السادس من مايو المقبل إلى التخلي المؤقت عن مهامهم في المساجد، وقال على هامش الندوة الإقليمية التي نظمت بمدينة توزر (جنوب تونس)، وتناولت «المسجد.. بين الوظيفة والتوظيف»، إن هذا الإجراء يهدف إلى تحييد المساجد، وإبعادها عن التوظيف السياسي والحزبي.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.