حلم طفلة الحرب

قصتي مع الإعلام

حلم طفلة الحرب
TT

حلم طفلة الحرب

حلم طفلة الحرب

كانت طفلة من «ضيعة» تقبع على مرتفعات جبل لبنان. الطموح والحلم كانا يرافقانها، على الرغم من أنّهما كانا ممنوعين عن الأطفال، كما اللعب في ساحات الضيعة، خوفاً من قذيفة تسقط هنا أو هناك. فمعظم الوقت كانت في الملجأ، وإذا توقف إطلاق النار تذهب أياماً قليلة إلى المدرسة.
مرّت السنين وانتهت الحرب الأهلية، وبقي لهذه الطفلة حلم تجتهد لتحقيقه، ألا وهو الوقوف أمام عدسة الكاميرا والإمساك بالمايكروفون. وضع الله أمامها بعض الأشخاص الذين أمسكوا بيدها لتخطو خطوة الألف ميل. منهم من أسهم في إنهاء دراستها الجامعية، ومنهم من شجَّعَها وآمن بموهبتها، ومنهم من أعطاها الفرصة الأولى لتبدأ حياتها المهنية، ومنهم من علمها الاحتراف.
ولهؤلاء جميعاً لا تكفي الكلمات لشكرهم؛ فبعضهم أصبح في ذمة الله. وهذه الطفلة الشابة اليوم، تستمر بالدّعاء لمن بقي منهم على قيد الحياة، أن يمدهم الله بالعمر الطويل والحياة الكريمة التي أغدقها تعالى عليها بفضلهم.
طفلة الأمس باتت امرأة اليوم، وتحقق الحلم الذي ترافق مع نجاحات وإخفاقات، لحظات سعادة عاشتها، وخيبات أمل واجهتها في هذه المهنة التي لطالما عُرِفت بمهنة المتاعب، ولكنّها لم تكن تتوقع يوماً أنّها ستنقل للمشاهدين مأساة وإجراماً ووحشية لم يشهدها العالم القديم والحديث. لم تكن تصدق يوماً على الرّغم من عيشها الحرب الأهلية اللبنانية، أنّ العالم فقد كل ما في داخله من إنسانية، وبات يحسب أعداد القتلى وكأنّها مجرد أرقام تذاع كل يوم على هذه القناة أو تلك.
طفلة الحرب، لم تصل إليها فظائع القتل على الهوية والتهجير والجرائم في بلدها بصور وفيديوهات يومية، فذلك الزمن لم يكن زمن التكنولوجيا المتطورة ولا زمن كل ما تحويه شبكات التواصل الاجتماعي من مواقع، تبثّ وتنشر دون رقيب ما يحدث في أرض تأكلها حرب أهلية، سمعت صوت المدافع والرشاشات وهي تقبع في ملجأ... وامرأة اليوم باتت ناقلة الخبر وصور المآسي وأعداد القتلى.
طفلة استطاعت الاختباء من الحرب وكبرت لتحقيق حلم راودها لسنوات، فلم تكن تتوقع يوماً أنّ الطفولة تتمزق وتنزف وتصارع في الحروب من أجل لقمة عيش قد لا تحصل عليها غالباً، أو تسارع للوصول حيّة إلى مخيم تعيس تتقوقع به هروباً من البراميل المتفجرة أو من بطش المتطرفين، ومن جماعات يبيعون أوطانهم من أجل آيديولوجيات عقيمة.
على الرغم من سوء الأوضاع وصعوبة العمل الصحافي في ظل هذا الاصطفاف العمودي في منطقتنا، يبقى الشغف والإيمان بهذه المهنة المحرِّك والدم الذي ينبض في دواخلنا كي نستمر، علّنا نطلّ على شاشاتنا العربية يوماً، للحديث عن تحول في عالمنا الممزق إلى آخر يحتضن إنجازات أبنائه من ابتكارات علمية وآداب وفنون وإعلام ورياضة، إلى تبوُّء المناصب العالمية، عالمٌ عربي ينعم بالسلام، ويلهو أطفاله بألعاب خاصة بهم عوضاً عن البنادق والسكاكين، يعيشون ويترعرعون بفرح لا بدموع البؤس والألم، يحلمون بالحياة ولا ينامون والخوف يأكلهم من الموت.
الأحلام لا تنتهي وحبر القلم لا ينضب والكلمة الحرة يجب أن تُصان لترافق الأجيال القادمة، وتكون الدافع الحقيقي لدخولهم هذه المهنة، لأن الشهرة مجد باطل.
* إعلامية لبنانية
مذيعة في قناة «العربية»


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.