في غرفة خلع الملابس بنادي آرسنال تحدث أحد اللاعبين الكبار لزملائه في الفريق، لكنه لم يتمكن من استكمال حديثه بعدما انهار في البكاء نتيجة تحول هذا الفريق الموهوب إلى مجموعة من التائهين، على حد قوله. وقال هذا اللاعب، إن أولاده يسألونه لماذا أصبح آرسنال سيئاً إلى هذه الدرجة؟
وقال لاعب آخر في آرسنال: «نحن نادٍ كبير، لكننا في حاجة إلى مزيد من المساعدة من المدربين». وربما كان هذا هو الدافع الذي جعل لاعبي الفريق يجتمعون معاً من دون المدير الفني للفريق آرسين فينغر. وقال أحد اللاعبين عن ذلك: «إننا في حاجة إلى إيجاد الحلول بأنفسنا».
حدث ذلك يوم الثلاثاء الماضي، في أول حصة تدريبية بعد خسارة الفريق المذلة أمام مانشستر سيتي في نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة بثلاثية نظيفة. ولم يكن اجتماع اللاعبين حاداً أو عدوانياً في لهجته، حتى لو كانت هناك بعض الأحاديث التي اتسمت بالصراحة الشديدة والبحث عن الذات والشعور بالعجز عند نقطة ما. ويؤكد ذلك على أن أيام فينغر مع الفريق قد باتت معدودة في حقيقة الأمر.
من السهل للغاية في أوقات الأزمات أن تقول إن لاعبي كرة القدم الذين يحصلون على أموال طائلة لا يهتمون بما يحدث، لكن الحقيقة أن لاعبي آرسنال مهتمون للغاية بما يحدث داخل ناديهم، ويعملون جاهدين على معرفة الأسباب التي جعلت الفريق عاجزاً عن التأهل لدوري أبطال أوروبا والمشاركة بدلاً من ذلك في الدوري الأوروبي، كما يشعر هؤلاء اللاعبون بالإحراج من غضب جمهور النادي بسبب أداء ونتائج الفريق في الفترة الأخيرة، وبخاصة أن هذا العمل هو مصدر دخلهم، وهذا هو الفريق الذي دائماً ما كانوا يفخرون بالانتماء إليه؛ لذا فهم يحاولون بذل كل ما لديهم من جهد لإعادته إلى المسار الصحيح.
ودائماً ما كان فينغر يصرح بأنه سوف يرحل عن النادي عندما يشعر بأنه غير قادر على مساعدة لاعبيه على تقديم أفضل ما لديهم. وفي الوقت الراهن، يجب أن نعترف بأن المدير الفني الفرنسي أصبح عاجزاً عن مساعدة اللاعبين الذين يشعرون بإحباط كبير؛ وهو ما قد يتسبب في انهيار النادي.
ولعل الشيء الغريب في مباراة آرسنال أمام مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز يوم الخميس الماضي يكمن في أن الفريق قد لعب بشكل جيد في الشوط الأول رغم انتهائه بالخسارة بثلاثية نظيفة، ولولا التصدي الرائع من الحارس بيتر تشيك لكرة سيرجيو أغويرو في الدقيقة الـ40 لانتهى الشوط الأول بنتيجة أسوأ من ذلك. وفي تلك المرحلة، يشعر الجميع بالتعاطف مع آرسنال ولاعبيه.
ولم يستسلم لاعبو آرسنال بعد الهدف الأول لمانشستر سيتي – رغم أن فينغر قد حذر قبل المباراة بأنه في 85 في المائة من المباريات الكبرى فإن الفريق الذي يفتتح النتيجة لصالحه يكون هو الفريق الفائز بالمباراة. لكن الأمور تحولت بشكل كبير بعد تلقي الفريق الهدفين الثاني والثالث، للدرجة التي جعلت جمهور آرسنال يطلق صافرات الاستهجان ضد لاعبيه بعد نهاية الشوط الأول ويهاجم اللاعبين قائلاً: «أنتم لا تستحقون ارتداء قميص النادي»، كما تواصلت صافرات الاستهجان خلال الشوط الثاني.
وكان من المؤلم أن ترى لاعبي مانشستر سيتي وهم يتلاعبون بدفاع آرسنال في الهجمات المرتدة، رغم أن الأمر لم يكن مفاجئاً نظراً لعدم وجود توازن في خط الوسط الدفاعي في تشكيلة فينغر. وقد حاول لاعبو آرسنال اللعب بهدوء في الأمام، لكن مانشستر سيتي كان يستدرجهم، ثم يلعب الهجمات المرتدة القاتلة.
وينعكس الأداء السيئ لآرسنال في الحضور الجماهيري الذي لم يملأ سوى نصف مقاعد ملعب الإمارات في تلك المباراة. ورغم اعترافنا بأن الطقس السيئ ربما قد أثر على الحضور الجماهيري، لكن هذه واحدة من أهم المباريات في الموسم، وكان يُنتظر أن يملأ الجمهور جنبات الملعب.
وسوف يعود الحديث مرة أخرى عن مستقبل فينغر مع الفريق، وما إذا كان سيستمر خلال الموسم المقبل أم سيرحل بنهاية الموسم الحالي. ومن الصعب ألا يؤثر الحديث في هذا الأمر على أداء ونتائج الفريق خلال الفترة المقبلة. وقد اعترف فينغر نفسه بأن حالة الجدل التي أثيرت بشأن مستقبله قد أثرت على نتائج الفريق الموسم الماضي.
وقد سُئل المدير الفني لنادي مانشستر سيتي، جوسيب غوارديولا، عما إذا كان يشعر بالتعاطف مع فينغر، وتحدث كيف أنه «يتفهم الوضع»، وأشار إلى أن الأمر نفسه قد يحدث له أو لأي مدير فني آخر. وقال غوارديولا فيما يتعلق بمستقبل فينغر مع آرسنال: «أنا متأكد من أنه سيتخذ القرار الصحيح بالنسبة للنادي وبالنسبة له وللاعبين وللجميع».
ويعتزم فينغر أن يبقى في منصبه خلال الموسم المقبل، ويحترم العقد الأخير الذي وقعه مع النادي. لكن مجرد رؤية غوارديولا وهو يتحدث بإسهاب حول ذلك الأمر قد يكون مؤشراً على أن المدير الفني الإسباني لديه بعض المعلومات من داخل نادي آرسنال فيما يتعلق بمستقبل فينغر، حيث تشير تقارير إلى أن قائد آرسنال السابق ومساعد غوارديولا الحالي في مانشستر سيتي، مايكل أرتيتا، قد يخلف فينغر في القيادة الفنية لنادي آرسنال.
ورغم أن آرسنال قد خسر مرتين أمام مانشستر سيتي بثلاثية نظيفة في غضون خمسة أيام فقط، فيجب الإشارة إلى أن الفريق قد يكون له بعض العذر لأن المباراتين كانتا أمام فريق كبير بحجم مانشستر سيتي الذي يهيمن على كرة القدم الإنجليزية في الوقت الحالي، ويغرد منفرداً في صدارة ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز، ويقدم موسماً استثنائياً، ويضم كوكبة من اللاعبين الكبار، ولديه موارد أكبر بكل تأكيد من آرسنال. ورغم كل ذلك، ثمة شعور بأن آرسنال يواجه نكبة خطيرة، وأنه قد وصل إلى نقطة اللاعودة. وربما لم يعد فينغر قادراً على العودة بفريقه إلى المسار الصحيح هذه المرة، رغم قدرته على القيام بذلك أكثر من مرة في السابق.
من ناحية أخرى، مر آرسنال بهذا الموقف نفسه في أبريل (نيسان) الماضي عندما خسر بثلاثية نظيفة أمام كريستال بالاس، وأصبح من الصعب حينها تخيل فكرة بقاء فينغر مع الفريق، لكن المدير الفني الفرنسي استعاد توازنه ونجح في قيادة الفريق للحصول على لقب كأس الاتحاد الإنجليزي. وربما يسعى هذه المرة لمصالحة جمهوره عن طريق الفوز بلقب الدوري الأوروبي.
وقد أكد فينغر أن فريقه سوف يقاتل في مبارياته المقبلة، حتى وإن ظهرت عليه علامات الإرهاق، واعترف في الوقت نفسه بأن معدلات الثقة عند لاعبيه تبدو منخفضة. ورغم كل ما يعانيه فينغر في الوقت الحالي، فإنه يحضر المؤتمرات الصحافية ويتحدث بكل كبرياء وشموخ. في الحقيقة، لا يريد أي شخص أن يرى هذا الرجل في مثل هذا الموقف الصعب والوضع الذي يدعو للحزن.
لكن الشيء المؤكد هو أن أيام فينغر مع آرسنال قد باتت معدودة. وكان ستان كرونك، مالك آرسنال، لديه هدف واحد خلال الموسم الحالي، وهو احتلال أحد المراكز الأربعة المؤهلة لدوري أبطال أوروبا، لكن يبدو أن هذا الهدف أصبح بعيد المنال. فهل يقرر كرونك إقالة فينغر؟ في الواقع، سيكون الأمر مفاجئاً لو لم يقم بذلك.
لاعبو آرسنال يبكون حال فريقهم
أيام فينغر مع المدفعجية باتت معدودة في ظل التراجع المخيب في الأداء والنتائج
لاعبو آرسنال يبكون حال فريقهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة