احتضنت دار سينما الكوليزي وسط العاصمة التونسية، العرض الأول لفيلم «همس الماء» لمخرجه التونسي الراحل الطيب الوحيشي الذي لم تكتب له متابعته، إثر رحيله المفاجئ عن الحياة يوم 21 فبراير (شباط) الماضي. ويروي فيلم «همس الماء» حياة مخرج أوبرا يدعى «أنس» كان يعيش آلاماً وهموماً، يعود إلى الوطن مثقلاً بماض غامض، وحاضر مضطرب. وكان المخرج الراحل قد استغل منطقة سيدي بوسعيد ذات الصيت السياحي العالمي لتقديم هذه القصة، ولإبراز تأثيرات الوحدة الموحشة على الإنسان، إلى جانب مشكلات الأوبرا وكواليسها، وذلك بالتوازي مع المعيش اليومي لشباب يحبون الحياة؛ لكنهم يواجهون صعوبات متعددة وعوائق متنوعة تجعلهم غير قادرين على الاندماج الاجتماعي.
وحضر عدد مهم من السينمائيين والنقاد وفريق العمل الذي أنجز آخر أفلام الوحيشي، هذا العرض الذي دار في أجواء خيم عليها الحزن، لفقدان أحد رموز الإخراج السينمائي على المستويين المحلي والعربي.
وقبيل عرض فيلم «همس الماء»، تم تكريم المخرج التونسي الراحل، من خلال عرض مقتطفات من خزينة الأفلام الخاصة به، التي تؤكد علو كعبه ووجود بصمة سينمائية محلية خالصة ومختلفة عن تجارب سينمائيين تونسيين آخرين.
وقدم عدد من أصدقائه ومن عائلة الوحيشي وفريق العمل المساهم في فيلم «همس الماء»، إضاءات عن الجوانب الإنسانية للمخرج الراحل، وإبداعه وتفرده واستقلاليته عن السلطة، وحبه الجنوني للسينما.
وأشار الممثل التونسي هشام رستم، بطل فيلم «همس الماء» إلى ما كان يطبع حياة الوحيشي من عزيمة قوية، وحرص على حسن إخراج أعماله، رغم ضعف الموارد المالية، مع حفاظه على استقلالية موضوعات الأفلام التي يقدمها.
ومن جهته، أكد لطفي العيوني منتج فيلم «همس الماء»، على أن «الطيب الوحيشي كان يحلم بأفلامه قبل أن ينجزها»، وأضاف: «سيظل رمزاً للمقاومة وقوة الإرادة، ومثلاً للجيل الجديد من المخرجين التونسيين»، في إشارة إلى إخراجه ثلاثة أفلام منذ أن تعرض إلى حادث مرور أليم، جعله مقعداً عن الحركة، وقد تمكن من إخراج الفيلم الوثائقي «أهل الشرارة» عن ثورة 2011، وفيلم «طفل الشمس» الذي عرض في قاعات السينما سنة 2014، إضافة إلى فيلمه الأخير «همس الماء» الذي أنتج سنة 2017، وقدم في عرض أول خاص في الدورة 28 لأيام قرطاج السينمائية، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2017.
ويعتبر المخرج التونسي الراحل الطيب الوحيشي، من بين المخرجين الأوائل الذين تحصلوا في تونس على أول «تانيت ذهبي»، وكان ذلك في أيام قرطاج السينمائية لسنة 1972، من خلال فيلمه «قريتي، قرية بين القرى»، وهو خريج معهد السينما في باريس، عاش سنوات كثيرة في دبي، وقد ترك وراءه إرثاً سينمائياً هائلاً يتعدّى حدود عشرة أفلام طويلة، وهي تتميز بتناولها الاجتماعي أو الأنثروبولوجي للمجتمع التونسي، وقد تأثر في ذلك باختصاص الأنثروبولوجيا، حيث حصل على شهادة الدكتوراه.
وطوال مسيرته الفنية، حصل الوحيشي على تتويجات دولية كثيرة، من بينها جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالجزائر، عن فيلم «غوري… جزيرة الجد»، وجوائز أخرى في مهرجانات ميلانو (إيطاليا)، وواغادوغو (بوركينا فاسو)، وباري (إيطاليا)، ومونتريال (كندا)، وجوهانسبورغ (جنوب أفريقيا)، وروتردام (هولندا)، إضافة إلى تكريمه سنة 2014 في مهرجان الإسكندرية السينمائي عن فيلم «طفل الشمس».
ومن الأعمال السينمائية التي أخرجها الوحيشي إضافة إلى «ظل الأرض»، نذكر «الطريق المتقاطع» (1970)، و«مجنون ليلى» (1989)، و«عرس القمر» (1998)، و«رقصة الريح» (2002) و«ليلة أفريقية»، و«الخمّاس»، و«قرطاج»، و«طفل الشمس» سنة 2014، وآخرها «همس الماء».
«همس الماء» يرى النور بعد رحيل صاحبه
وسط إضاءات على الجوانب الإنسانية لدى مخرجه التونسي الطيب الوحيشي وإبداعه وتفرده
«همس الماء» يرى النور بعد رحيل صاحبه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة