جددت جولات سفراء بعض الدول الغربية في مدن وبلدات بشرق ليبيا وغربها مخاوف أطراف عدة من «وجود استغلال للانقسام الحاصل في البلاد»، و«مناصرة أجندات وآيديولوجيات»، فيما قلل مسؤول رسمي في حكومة الوفاق الوطني بطرابلس في حديثه إلى «الشرق الأوسط» من تلك المخاوف، وقال إن «قيام السفراء بجولات في الشوارع والبلدات متعارف عليه في دول عدة، ويتم بمعرفتنا».
وقالت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان إنها «تتابع عبر مختلف مناطق ومدن ليبيا تنقل سفراء الدول الغربية، خصوصاً بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، بين مختلف البلديات، وما يتم من مراسم لاستقبالهم وتمكينهم من الاجتماع مع من يريدون، وكيف يشاءون»، مشيرة إلى أنها «لاحظت أن طاقم الاستقبال والاجتماعات في هذه البلديات لا يتغير مع كل سفير، وغالباً يتكون من نخبة من السياسيين الباحثين عن المناصب، والمتغلغلين بالبلديات، والمدعمين من بعض أعضاء مجلس النواب أو الحكومتين». وأضافت المنظمة، في بيان، أمس، أن تلك الزيارات تتم «دون مراعاة للاتفاقيات والأعراف الدولية، وحدود التمثيل الدبلوماسي المعتاد لدى جميع دول العالم»، وذهب إلى أنه «في ظل الانقسام السياسي، ووجود شخصيات تتحرك بكل الملفات من أجل الوصول إلى السلطة، يجد السفراء والمبعوثين المشار إليهم مكاناً واسعاً لتمرير أجندات دولهم، في دولة تفتك بها العصابات الإجرامية والميليشيات المسلحة، وترتكب فيه أبشع الجرائم والانتهاكات، وهؤلاء السفراء والمبعوثون لا يحركون ساكناً».
وفي نهاية الشهر الماضي تجولت برجيت كرومي، السفيرة الفرنسية لدى ليبيا، ميدانياً داخل مناطق وسط البلاد، وفي سوق الحوت، وسيدي أخريبيش، والصابري، رفقة عميد بلدية بنغازي المستشار عبد الرحمن العبار، حيث اطلعت السفيرة على حجم الدمار الذي خلفته «الجماعات الإرهابية». وقالت: «إن الهدف من الجولة هو تقييم الوضع داخل هذه المناطق، ومعرفة الاحتياجات والمساهمة في توفيرها».
ويسود اعتقاد لدى أوساط مختلفة في البلاد بأن الأقاليم التاريخية فزان وبرقة وطرابلس، (الجنوب والشرق والعاصمة)، مقسمة بين فرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وهي الأقاليم التي كانت معتمدة قبل عام 1934.
ومضت المنظمة الليبية لحقوق الإنسان تقول إنه «بالمتابعة الدقيقة لهذه التنقلات والإجراءات، كان المبرر هو المساعدات الإنسانية والمساهمة في إعمار البلاد، ودعم الديمقراطية والمؤسسات وسيادة القانون، وهو ما لم يحدث فعلياً، وإن حدث جزء منه، متمثل في المساعدات والدعم، فإنه يذهب بين ملفات الفساد». وتابعت المنظمة متسائلة: «كم من مبعوث للأمم المتحدة، أو سفير، جاء ورحل عن البلاد إلا وأضعف الدولة، وناصر الأجندات والإيديولوجيات»، وتابعت المنظمة موضحة: «بنغازي كانت ضحية الإرهاب المدعوم من كل القوى الكبرى. فماذا يمكن لسفراء الدول الغربية أن يفعلوا لبنغازي إلا التصوير وإطلاق الوعود، وتوزيع سلال الغذاء والنظافة».
وسبق أن قام فرانك بيكر، سفير بريطانيا الجديد لدى ليبيا، بزيارة ميدانية إلى طرابلس منتصف فبراير (شباط) الماضي، عقب تعيينه خلفاً لبيتر ميليت. ونشر عبر حسابه على موقع «تويتر» صوراً له مع مجموعة من السيدات والشبان في دار الفقيه حسن داخل المدينة القديمة، وقال إن لقاءً تثقيفياً جمعه مع بعض أعضاء منظمات المجتمع المدني في أحد المباني الأثرية في طرابلس.
في السياق ذاته، رأى الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب، أن الهشاشة الأمنية في ليبيا جعلت منها «دولة مستباحة من قبل مخابرات دول أجنبية»، وقال بهذا الخصوص «ما زاد من تعقيد الموقف في البلاد هو سطوة وغلو مجلس الأمن الدولي الذي حطم البنية التحتية السياسية للدولة، ولم يساعد في إعادة بنائها، وهو ما جعل مدنها وقراها ميداناً ومسرحاً تلعب فيه الدول المتنفذة».
وأضاف العباني لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الأجواء المفتوحة في البلاد هي التي سهلت لسفراء بعض الدول الغربية جني أكبر قدر من المكاسب، ومناطق النفوذ في غفلة مواطنيها»، بحسب تعبيره.
في موازة ذلك، استغرب مسؤول رسمي في حكومة الوفاق الوطني من مخاوف البعض، المتعلقة بزيارة السفراء إلى البلاد، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هذه جولات تتم تحت أعين المسؤولين، وتستهدف مساعدة البلاد ودعمها».
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن «مخاوف تقسيم البلاد، التي تسيطر على البعض، ليس لها أساس حقيقي»، معتبراً أن «العالم تغير، وما كان يحدث في الماضي لم يعد صالحاً للمستقبل».
جولات سفراء أوروبا في ليبيا تزيد المخاوف من «تمرير أجندات»
جولات سفراء أوروبا في ليبيا تزيد المخاوف من «تمرير أجندات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة