جوبا تستدعي مسؤولا أمميا بشأن تورط أفراد من بعثة السلام في جرائم جنسية

TT

جوبا تستدعي مسؤولا أمميا بشأن تورط أفراد من بعثة السلام في جرائم جنسية

طالبت حكومة جنوب السودان، الأمم المتحدة بإجراء تحقيقات بشأن جرائم جنسية ارتكبها بعض منسوبيها في مدينة «واو» شمال غربي البلاد، وشددت على ضرورة محاسبة الفاعلين وتقديمهم للمحاكمة.
وقال المتحدث باسم الخارجية في جنوب السودان ماوين ماكويل في بيان، بأن حكومته طالبت بإجراء تحقيق مشترك بمعاونة جهات مستقلة، حول هذه الانتهاكات وتقديم المتورطين إلى العدالة، في وقت حثت المنظمة الدولية أطراف النزاع في هذه الدولة الواقعة في شرق أفريقيا وتشهد حرباً أهلية منذ أربع سنوات على ضرورة التوصل إلى اتفاق في منتدى تنشيط اتفاق السلام في الجولة القادمة التي يتوقع أن تبدأ الأسبوع القادم.
قال المسؤول الجنوبي إن «وزارته استدعت رئيس أركان بعثة الأمم المتحدة لقوات حفظ السلام في بلاده لتسليمه احتجاجا رسميا على تورط بعض منسوبي البعثة الأممية في جرائم جنسية في أحد معسكرات حماية النازحين، بمدينة واو، شمال غربي البلاد، مقابل المال، في استغلال مشين لأوضاع النازحين»، مشيراً إلى أن الوزارة طالبت البعثة بإجراء تحقيق تقوم به لجنة مشتركة من الجانبين إضافة إلى أعضاء مستقلين، وتقديم المتورطين إلى العدالة دون إبطاء. وأضاف «استدعينا رئيس أركان قوات بعثة حفظ السلام في جنوب السودان ونقلنا له استياء واحتجاج الحكومة».
وقال ماكويل إن «الوزارة طلبت من الأمم المتحدة الالتزام بعدم تهريب المتورطين إلى خارج جنوب السودان قبل اكتمال التحقيق، وتقديم من تثبت إدانته إلى العدالة». وعبر البيان عن استياء الحكومة من مخالفة البعثة الأممية للتفويض الممنوح لها، والقيام بأعمال مشينة. وقال إن شرطة الأمم المتحدة خانت الثقة التي منحت لها من قبل شعب جنوب السودان واستغلت نساء وفتيات بريئات، في جرائم جنسية مقابل المال.
وكانت بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان قامت السبت الماضي باستدعاء وحدة من الشرطة الغانية التابعة لها والمؤلفة من 46 جندياً، بعد اتهام بعض عناصرها بدفع أموال لنساء وفتيات يعشن في معسكر تابع للأمم المتحدة مقابل ممارسة الجنس معهن. وأكدت أنها ستبعد هؤلاء الجنود بعد التحقيق معهم.
من جانبه طالب وزير الإعلام والبث الإذاعي والمتحدث باسم الحكومة مايكل مكواي تقديم أفراد البعثة الأممية إلى محاكمة فورية، مشيراً إلى أن تورط جنود البعثة في جرائم جنسية في معسكر النازحين يمثل انتهاكا صارخاً لقوانين البلاد. وانفصل جنوب السودان في العام 2011 عبر استفتاء شعبي عن السودان، لكنه دخل في حرب أهلية بين القوات الحكومية والمعارضة المسلحة منذ العام 2013 والتي اتخذت بعداً إثنياً أدت إلى مقتل الآلاف وتشريد قرابة مليونين، وفشلت اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين في العام 2015 في إنهاء النزاع المسلح.
وكانت لجنة التحقيق التابعة لمجلس حقوق الإنسان قد أوردت في تقرير نشرته الجمعة انتهاكات وتجاوزات لحقوق الإنسان بما فيها حوادث العنف الجنسي المروعة والتي وصلت إلى مستويات مقلقة مع إفلات مرتكبي هذه الجرائم من العقاب. وعلاوة على ذلك لا يزال أكثر من 200 ألف من النازحين محميين في قواعد «يونميس» بمساعدة الشركاء في المجال الإنساني.
إلى ذلك شددت مساعدة الأمين العام لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بنيتو كيتا في كلمة أمام مجلس الأمن الدولي على أن التوصل إلى حل سياسي للصراع الحالي في جنوب السودان هو أكثر الطرق فاعلية لحماية المدنيين. وقالت إن الحل السياسي المستدام هو السبيل الوحيد لوضع استراتيجية خروج قابلة للتطبيق للبعثة الأممية في جنوب السودان.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.