«تحرير الشام» تشن هجوماً معاكساً على «تحرير سوريا»

TT

«تحرير الشام» تشن هجوماً معاكساً على «تحرير سوريا»

استمرت المعارك بين «هيئة تحرير الشام» التي تشكل «جبهة النصرة» عمودها الفقري و«جبهة تحرير سوريا» التي تشكلت مؤخراً نتيجة اندماج عدد من الفصائل المعارضة في الشمال السوري. وتوعد القيادي في الهيئة، أبو اليقظان المصري، باستمرار القتال «حتى تعود الساحة هذه لقتال الكفار».
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بمواصلة «هيئة تحرير الشام» هجومها المعاكس لاسترداد عدد من القرى والبلدات التي خسرتها في الأيام القليلة الماضية في ريف حلب الغربي وريف إدلب. وأشار إلى اشتباكات عنيفة شهدتها يوم أمس منطقة كفرحايا ومحاور في منطقة مرعيان، في الريف الجنوبي لإدلب، بين مقاتلي «صقور الشام» ومقاتلي «هيئة تحرير الشام»، إثر هجوم نفذته الأخيرة للسيطرة على المنطقة، لافتاً إلى ارتفاع عدد قتلى الهيئة خلال الاشتباكات المستمرة في 20 فبراير (شباط) الماضي إلى 132 مقابل مقتل 91 من حركة «أحرار الشام» و«نور الدين الزنكي».
وتلقى «المرصد» شريطاً مصوراً قال إنه يُظهر القيادي في «هيئة تحرير الشام»، المدعو أبو اليقظان المصري وهو يخطب في جمع من المقاتلين متوعداً بـ«استمرار القتال حتى تعود الساحة هذه لقتال الكفار»، لافتاً إلى أن «حركة نور الدين الزنكي بعد معركة حلب لم تفتح معركة واحدة، وأرسلت 40 مقاتلاً إلى نقطة رباط واحدة في منطقة سكيك، ومن ثم انسحبوا بعد 10 أيام». وأضاف: «السلاح جاء للجهاد وبقي مخزناَ كله لنحو عام وسيخرج للجهاد، ومضادات ودبابات ومجنزرات ومستودعات «أحرار الشام» باتت تحت سيطرتنا والجهاد في الشام أمانة لا تضيعوها. وجاء هذا الخطاب بالتزامن مع هجوم معاكس لـ«تحرير الشام» مكّنها من استعادة نحو 25 قرية وبلدة ومنطقة على الأقل بدعم من «الحزب الإسلامي التركستاني» في ريف إدلب الشمالي وريف حلب الغربي.
وقالت مواقع معارضة: إن «(هيئة تحرير الشام) أسرت مساء الخميس خمسة عناصر من كتائب ثوار الشام التابعة لـ(جبهة تحرير سوريا)، قرب بلدة التوامة بريف حلب الغربي وقامت بتصفيتهم على الفور».
كذلك، أفيد يوم أمس بـ«انسحاب رتل من (هيئة تحرير الشام) من قرية الجينة بالريف الغربي لحلب، بعد احتجاجات أهلية ضد (الهيئة)». كما اتفق أعيان من قريتي كفرتعال وتديل في الريف الغربي مع ريف حلب الغربي مع «هيئة تحرير الشام» على تحييد القريتين عن الاقتتال.
وبالتزامن مع استمرار القتال بين مجموعات المعارضة في الشمال السوري، نفذت طائرات حربية تابعة للنظام غارات على مناطق في ريف إدلب الجنوبي وبالتحديد على قريتي الخوين وأم جلال بريف إدلب الجنوبي الشرقي، ومناطق أخرى في مدينة خان شيخون؛ ما أسفر عن مقتل شخص وسقوط جرحى. كذلك، قصفت الطائرات الحربية مناطق في بلدة السرمانية وقريتي تل حمكي وفريكة بريف إدلب الغربي.
وفي محافظة حماة، أفيد باشتباكات متفاوتة العنف على محور السرمانية بسهل الغاب في ريف حماة الشمالي الشرقي بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، و«هيئة تحرير الشام» و«الحزب الإسلامي التركستاني» من جهة أخرى. ورصد «المرصد السوري» تنفيذ قوات النظام هجوماً على المنطقة، بغطاء من القصف الصاروخي، مكّنها من التقدم في نقاط، لتعاود «تحرير الشام» تنفيذ هجوم مضاد واستعادة ما خسرته.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».