سنوات السينما

عادل إمام ورفاق الحارة في «الحريّف»
عادل إمام ورفاق الحارة في «الحريّف»
TT

سنوات السينما

عادل إمام ورفاق الحارة في «الحريّف»
عادل إمام ورفاق الحارة في «الحريّف»

الحريّف
(1983)
اعتبره عادل إمام أسوأ أفلامه
لكن العكس هو الصحيح
«الحريّف» هو أحد أفضل أفلام محمد خان. دراما اجتماعية شاملة ورحلة حياة لفرد في مجتمع مؤلف من جزر منفردة. حكاية من حكايات خان والمؤلف بشير الديك الحزينة التي تتحدث عن الرجل الأعزل من سلاح يقاوم فيه حالة اهتراء اجتماعي ترمز إليه الأزقة والمباني المتآكلة والسطوح التي تراكمت عليها حطامات منسية. بطله، كأبطال سابقين ولاحقين في أفلام خان، ليس رسول محبة وليست لديه رسالة يخاطب بها المجتمع لينهض أو يتقدّم أو ينفض عنه أي شيء، بل شخص يحاول لملمة قطع حياته التي تكسّـرت قبل الأوان.
القاهرة كما لم نشاهدها من قبل حتى في أفلام خان ذاتها. المباني العتيقة المتقاربة التي تفصلها عن بعضها بعضاً أزقة. كلها، المباني والأزقة، بلون التراب وكالحة. لا شيء يدفع بالمشاهد إلى البهجة لأن لا شيء في ذلك الواقع مُـبهج.
فارس (عادل إمام) يعمل في مصنع صغير للأحذية ويلعب الكرة وقت فراغه ويحاول العودة إلى زوجته دلال (فردوس عبد الحميد) من حين إلى آخر. لكن لا شيء يسير كما يجب. في المشهد الذي يسوق فيه فارس سيارة صديقه شعبان (فاروق يوسف) والمشهد اللاحق الذي يقود فيه فارس سيارته الخاصّـة، يدوران في تلك الرحى. حين يعطي شعبان فارس القيادة فإن الحياة لا تتبدل أمام ناظري فارس. محمد خان يختار له أن يقود السيارة في الشوارع والأزقة ذاتها التي كان يمشي فيها عوضاً عن أن يسارع بها إلى طرق مفتوحة أو شوارع فسيحة لا تخلو منها القاهرة ولا محيطها.
هذا محسوب بدقة؛ لأن الفيلم - عكس مئات الأفلام المصرية الاجتماعية - التي تدور حول الأمل. لا يمكن تغيير واقعها لمجرد أن النهاية عليها أن سعيدة لترضي المشاهد.
هذا رغم أن نهاية «الحريّف» لا تخلو من ابتسامة، لكن معرفتنا أن فارس عاد لزوجته يجمعهما حب لا يتوارى وابن صغير، إلا أن السبيل الوحيد أمام فارس الآن لكي يحرز تقدماً اجتماعياً واقتصادياً هو التهريب. ويكفي أن هذه العودة لعائلته (وعائلته له) بُـنيت على إخفائه الحقيقة عن زوجته بخصوص ما سيقوم به من عمل.
هناك بالطبع خيوط وشخصيات محيطة بالحبكة الرئيسية، من بينها حكاية رزق (عبد الله فرغلي) الذي كان يتمنى لو أن فارس احترف كرة القدم، وجريمة القتل التي قام بها جار فارس بهدف سرقة جارته العجوز.
بعد سنوات من تحقيق الفيلم أدلى عادل إمام بتصريح قال فيه إن «الحريّف» هو أسوأ ما قام بتمثيله. الغالب أنه اقتنع بذلك بعدما عاين الإخفاق التجاري الذي مُـني الفيلم به. من ناحية أخرى، يجذب اهتمامنا أن اسم فارس ورد في فيلمين آخرين لمحمد خان هما «طائر على الطريق» (كتابة بشير الديك وتمثيل أحمد زكي) و«فارس المدينة» (كتابة فايز غالي وتمثيل محمود حميدة).


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.