النظام و«داعش» يطبقان الحصار على دير الزور.. والغذاء والوقود يقتربان من النفاد

بلدة ميادين تخشى هجوما جديدا من التنظيم انطلاقا من الأراضي العراقية

النظام و«داعش» يطبقان الحصار على دير الزور.. والغذاء والوقود يقتربان من النفاد
TT

النظام و«داعش» يطبقان الحصار على دير الزور.. والغذاء والوقود يقتربان من النفاد

النظام و«داعش» يطبقان الحصار على دير الزور.. والغذاء والوقود يقتربان من النفاد

يقول سكان محاصرون في منطقة يسيطر عليها الثوار في إحدى المدن الرئيسة شرق سوريا إنهم يرزحون تحت حصار كامل منذ إقامة الانتخابات الرئاسية في البلاد في وقت سابق من هذا الشهر، وإن الغذاء والوقود بدءا في النفاد. وعن هذه الأزمة، أخبر أبو جعفر، عامل بمشروع في المجلس المحلي التابع للمعارضة، صحيفة «الشرق الأوسط» عبر «سكايب» من حي الحميدية بدير الزور، بأن ما بين 30 و40 ألف شخص عالقون في منطقة تحاصرها قوات الأسد من الجنوب إلى الغرب، وبقوات «الدولة الإسلامية في العرق والشام» (داعش) – التنظيم الإسلامي المسلح الذي فرض سيطرته على مدينة الموصل شمالي العراق.
وقال: «لدينا بعض المخزون من الدقيق، ولكننا لا نستطيع تشغيل مولدات المخابز دون وقود». وأضاف: «سينفد مخزوننا من الأغذية المعلبة خلال عشرة إلى 15 يوما».
كانت دير الزور سابقا محافظة مزدهرة حيث تقع على الضفاف الخصبة لنهر الفرات، ولكن دمرت بصورة كبيرة جراء استمرار القتال بين الثوار السوريين وقوات النظام لمدة عامين ونصف العام. وتقع الكثير من حقول النفط السورية التي سقطت تحت سيطرة «داعش» في الأشهر الأخيرة في الصحارى المحيطة بالمحافظة. ويقول الثوار في دير الزور إنهم يقاتلون الآن على جبهتين - ضد «داعش» من جهة، والنظام من جهة أخرى.
وقال أبو سلطان، وهو مقاتل ينتمي إلى كتيبة بشائر النصر، وهي جماعة من الثوار الذين يقاتلون على الكثير من الخطوط الأمامية للمدينة، إن المدينة منقسمة إلى نصفين بين الجيش السوري الحر والنظام. وأضاف: «بيد أننا بدأنا أيضا نقاتل (داعش) في الآونة الأخيرة، والآن أصبحنا في غاية الضعف. وبدأت الذخيرة في النفاد».
يذكر أن تنظيم «داعش» سيطر الأسبوع الماضي على «جسر السياسية»، وهو طريق رئيس يمتد عبر نهر الفرات، كان من قبل يمثل شريان الحياة للمقيمين في المناطق التي يسيطر عليها الثوار في المدينة.
وأفادت تقارير بأن بعض سكان المدينة كانوا يستقلون قوارب صغيرة ذهابا وإيابا عبر نهر الفرات في ساعات مبكرة من الصباح، في محاولة بائسة لجلب الغذاء إلى المدينة.
وعقب أبو جعفر قائلا: «إنها في غاية الخطورة. فمن الممكن أن يتعرضوا لإطلاق نار من جانب قناصة (داعش) أثناء مرورهم على الجسر». وأخبرت الكثير من المصادر «الشرق الأوسط» بأن مقاتلي «داعش» يرفضون السماح لسيارات الإسعاف بحمل المدنيين المصابين عبر الجسر. وفتح التنظيم نيرانه يوم الخميس على قافلة كانت تقل رجلا مصابا إلى خارج المدينة، وأجبروها على الرجوع. ونظرا للإصابة الشديدة التي كان يعاني منها الرجل، بترت ساقاه في مستشفى ميداني مؤقت داخل المدينة.
ويعتقد الثوار بأن دير الزور تتعرض لنفس حملة «الحصار والتجويع» التي أجبرتهم على الاستسلام في مدينة حمص الشهر المنصرم. وعلى خلاف تحالفات الثوار القوية الممولة تمويلا جيدا في شمال غربي سوريا، لا تزال المعارضة المعتدلة في دير الزور مكونة من كتائب صغيرة وضعيفة، على الرغم من أن الجماعة الإسلامية الكبيرة، «جبهة النصرة»، لها وجود على نطاق واسع في المدينة وتقاتل إلى جانبهم على الخطوط الأمامية.
وقال حسين، مقاتل في صفوف كتيبة جيش الأقصى، إن «مجموعات الثوار في دير الزور جماعات معتدلة، ولكن السبب وراء ذلك هو أننا لا نجد رعاة».
ويشعر كثيرون في دير الزور بالقلق إزاء إمكانية عودة مقاتلي «داعش» مرة أخرى عبر الحدود العراقية، ومن ثم يشنون هجوما على المدينة بعد أن استعادوا حيويتهم وتزودوا بالأسلحة عقب تقدمهم داخل مدينة الموصل هذا الأسبوع. وأكد أبو سلطان «نعلم أنهم يستطيعون أن ينتقلوا من الموصل إلى مدينة ميادين في غضون ثلاث ساعات». يذكر أن هذه المدينة هي أحد آخر معاقل «الجيش السوري الحر» في الريف المحيط بمحافظة دير الزور.
ووصف المثنى العيسى، يعمل طبيبا وهو ناشط معارض من دير الزور، الوضع هناك بأنه «مأساة». وقال، إن «(داعش) هي مثل الشر المستوطن. إنهم يقتلون أي شيء».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.