سفن حربية تركية تتوقف في الشواطئ السودانية لخمسة أيام

سفير أنقرة في الخرطوم: المجموعة تهدف لإثبات الوجود التركي البحري

سفن حربية تركية تتوقف في الشواطئ السودانية لخمسة أيام
TT

سفن حربية تركية تتوقف في الشواطئ السودانية لخمسة أيام

سفن حربية تركية تتوقف في الشواطئ السودانية لخمسة أيام

وصلت سفن حربية تركية، ضمن ما يطلق عليه مجموعة العمل التابعة للبحرية التركية (بارباروس)، إلى السواحل السودانية على البحر الأحمر، ورست على ميناء بورتسودان أمس، في ختام جولة زارت خلالها 24 دولة أفريقية.
واستقبل «بارباروس» قادة البحرية السودانية، وسفير أنقرة في الخرطوم جمال الدين إيدن، وقال إيدن في تصريحات صحافية عقب وصول السفن الحربية، إن البحرية التركية نشطت المجموعة لإثبات الوجود التركي البحري في العالم، ودعم السياسة الخارجية التركية، وتعزيز العلاقات الثنائية مع الدول الأفريقية. وحسب السفير، فإن المجموعة يقودها الأميرال «علي مراد ديدي»، وتضم الفرقاطتين «قديز»، و«أورج رئيس»، والطراد العسكري «هيبالي أضة»، وسفينة الإمداد اللوجيستي «العقيد قدرة غونغور».
وكان المتحدث باسم الجيش السوداني، العقيد الصوارمي خالد سعد، قد أورد في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية (سونا) قبل يومين، إن القوات البحرية السودانية ستستقبل السفن الحربية التركية خلال الفترة من 16 إلى 20 يونيو (حزيران) الحالي. وقال إن زيارة القطع التابعة للبحرية التركية للسودان، تأتي ضمن إطار «الأنشطة التدريبية» التي تنفذها في زيارة لـ(24) دولة أفريقية، تختمها بزيارة السودان، وقال: «من المعروف أن مجموعة (بارباروس) تدعم عمليات مكافحة القرصنة، كما تساهم في الأمن البحري بالمحيط الهندي، وسيكون هنالك برنامج مشترك بين قوات البحرية السودانية والفريق التركي الزائر، الذي من المقدر أن يبلغ نحو سبعمائة فرد».
وحسب المتحدث باسم الجيش السوداني، فإن برنامج الزيارة سيشمل تدريبا عسكريا وصحيا وبرامج ثقافية بميناء سواكن، فضلا عن عقد مؤتمر صحافي على متن إحدى السفن في الثانية من ظهر يوم 17 يونيو الحالي. وأوضح أن السفن الحربية التركية فتحت أبوابها لزيارة العامة خلال فترة وجودها، وفق برمجة معدة لذلك. ولفت إلى أن المجموعة، التي تعمل أصلا على مكافحة القرصنة في المحيط الهندي، بدأت مهمتها الأفريقية في 17 مارس (آذار) الماضي وستنتهي في 27 يونيو الحالي.
وأشار إلى أنها ستنفذ برامج مشتركة مع الجانب السوداني في التدريب العسكري والصحي، وستوزع بعض المساعدات من معدات طبية وكراسي متحركة وحقائب مدرسية، مع عقد برنامج ثقافي يتضمن افتتاح معالم أثرية رممتها وكالة التعاون التركية «تيكا». واستقبلت البحرية السودانية سفنا حربية إيرانية عدة خلال الشهور الماضية. وشنت طائرات حربية يعتقد أنها إسرائيلية هجمات جوية على مصنع الأسلحة السوداني (اليرموك)، بزعم أن إيران تقوم بتصنيع أسلحة بداخله ترسل إلى قطاع غزة.
وتوالى وصول السفن الإيرانية إلى الميناء السوداني، آخرها في ديسمبر (كانون الأول) 2013، إذ توقفت حاملة الطائرات طائرات الهيلكوبتر «كرج» والمدمرة «سبلان» في ميناء بورتسودان لأكثر من أسبوع، وهو الأمر الذي أثار قلق دول بالإقليم، بيد أن الخرطوم عدت الزيارة غير رسمية، وأن السودان استقبلتها وفقا لقواعد البرتوكولات العسكرية، حال وصول ضباط من دولة صديقة للبلاد.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».