يدخل جنرالات متقاعدون من الجيش اللبناني والقوى الأمنية معترك السياسية، من باب الانتخابات النيابية المقبلة، وهي المرة الأولى التي تشهد كثافة في ترشيحات ضباط متقاعدين من رتب عالية للانتخابات المقبلة، حيث بلغت الترشيحات 10 حتى الآن، بهدف «استكمال المسيرة الوطنية التي بدأت في المؤسسة العسكرية، بعمل سياسي»، كما يقولون، مؤكدين أن «الضابط الذي يموت لأجل عسكرييه، لن يبخل في الدفاع عن قضايا المدنيين والتضحية لأجلهم حين يبلغ العمل السياسي».
وتقدم 10 ضباط سابقين على الأقل بترشيحاتهم للانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في مايو (أيار) المقبل، هم: القائد السابق لفوج «المغاوير» العميد شامل روكز الذي رشحه «التيار الوطني الحر» عن دائرة كسروان، والقائد السابق لفوج «المجوقل» العميد جورج نادر الذي يخوض الانتخابات عن المقعد الماروني في عكار عن «المجتمع المدني»، والعميد المتقاعد وهبه قاطيشا الذي رشحه حزب «القوات اللبنانية» عن دائرة عكار، ومدير عام الأمن العام السابق اللواء جميل السيد الذي يخوض الانتخابات حليفا لـ«حزب الله» في دائرة بعلبك الهرمل، وهي الدائرة نفسها التي يخوض فيها الجنرال المتقاعد الوليد سكرية (وهو نائب حالي) الانتخابات حليفا للحزب عن المقعد السنّي في الدائرة. وفي طرابلس، تقدم اللواء المتقاعد أشرف ريفي بترشحه عن المقعد السني، فيما ترشح العميد المتقاعد من قوى الأمن الداخلي علي الشعار عن المقعد الشيعي في دائرة بيروت الثانية في مواجهة مرشحي الثنائي الشيعي.
أما في دائرة عاليه - الشوف، فيخوض 3 جنرالات سابقين الانتخابات ضمن لوائح «المجتمع المدني»، هم العمداء المتقاعدون: سامي رمّاح ومازن شبو ومارون بدر. كما تأكد ترشح الجنرال المتقاعد خليل الحلو.
يذكر أن اسم مدير عام قوى الأمن الداخلي السابق اللواء إبراهيم بصبوص طُرح للترشح للانتخابات، من غير أن يُحسم ترشحه بعد .
ولا ينفي الضباط المتقاعدون أن تجربة العمل السياسي التي تحتاج إلى «ديناميكية وبراغماتية»، تختلف عن تجربة السلك العسكري التي تتسم بالصرامة والنظام إلى حد بعيد، لكن الراغبين منهم بدخول العمل السياسي لا تنقصهم القدرة على خوض العمل السياسي انطلاقاً من الثوابت في السلك العسكري.
وقال العميد المتقاعد جورج نادر لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت بعض الممارسات السياسية في لبنان تتسم بالفساد، وفيها كذب وطعنات بالظهر، فإنني أعيش الصراحة والمناقبية وأحمل الأخلاق العسكرية معي لأطبقها بالعمل السياسي»، متعهدا بـ«الوقوف إلى جانب الناس، والمساعدة لنتخلص من الفساد المستشري». وقال: «نحن ملتزمون بالثوابت الوطنية ومبادئنا التي تتمثل في أنه لا سلاح فوق سلطة الدولة، ومحاربة الفساد، وتكريس الدولة المدنية»، فضلاً عن أن «هناك حاجات لأهالي عكار، سنتبناها ونعبر عن أوجاعهم، ونعمل على رفع الحرمان عن المنطقة» الواقعة في شمال لبنان، منذ 70 عاماً؛ «إضافة إلى تحصيل حقوق العسكريين لأن كل الكتل السياسية تآمرت على حقوقهم أخيراً، مستغلة كونهم العامل الصامت، لكننا سنجاهر بحقوقهم رفضاً للامبالاة والاحتقار لكراماتهم والإهمال لتلك الحقوق».
وقال نادر إنه يترشح ضمن لوائح «المجتمع المدني» الذي يعبر عن الحراك الشعبي، وهي تضم مرشحين مستقلين، مشيراً إلى «أننا نعبر عن نبض الشارع ووجع الناس وحاجات العسكريين». ولفت إلى أن اللائحة التي تحمل اسم «القرار الحر» في عكار «بات فيها مرشح ماروني ومرشحان من السنة، فيما يجري التنسيق لإضافة مرشح أرثوذكسي». وقال إن «العسكري في مجلس النواب يستطيع أن يعمل فرقاً في العمل السياسي، لأنه يحترم التاريخ والمستقبل وكرامات الناس ويتصرف وفق المبدأ الذي يتصرف به في الخدمة العسكرية»، موضحاً: «الضابط الذي يموت أمام عسكرييه في المعارك لأجل الوطن وكرامته، لن يبخل على المدنيين بالتضحية نفسها».
وفي حين كان الضباط، سابقا، يصلون إلى رئاسة الجمهورية، مثل اللواء فؤاد شهاب في عام 1958، والعماد إميل لحود في عام 1998، والعماد ميشال سليمان في عام 2008، والعماد ميشال عون الذي انتخب رئيساً في عام 2016، شكل العسكريون المتقاعدون في السنوات الأخيرة، جزءاً من المشهد السياسي الداخلي، حيث عُين اللواء المتقاعد أشرف ريفي وزيرا للعدل في عام 2014، كما عين العميد المتقاعد جان أوغاسبيان وزير دولة لشؤون المرأة في حكومة الرئيس سعد الحريري الأخيرة. ويتضمن مجلس النواب الحالي 4 ضباط متقاعدين.
ولا يخفي الضباط المتقاعدون في البرلمان أن التجربة السياسية تتعدى المشاركة في لجنة «الدفاع» في مجلس النواب، رغم اصطدام العقل العسكري المنظم بالعقل السياسي البراغماتي، لكن الضابط «ينقل قناعاته الوطنية غير الفئوية من الحياة العسكرية إلى السياسية»، كما يقول النائب الوليد سكرية لـ«الشرق الأوسط»، مشدداً على أن المبادئ نفسها يحملها النائب لجهة «الدفاع عن لبنان والدفاع عن النظام وقمع الفساد وقيام دولة المؤسسات». وقال سكرية: «النائب بصفته فردا لا يستطيع تحقيق الكثير، كونه يحتاج إلى كتلة نيابية وازنة تضغط لتحقيق تلك المطالب»، من غير أن ينكر أن التركيبة السياسية الطائفية والمناطقية والمحاصصة، تحول أحياناً دون قدرة النائب على تحقيق العدالة بين أبناء الوطن.
وأشار إلى أنه حقق نجاحين في السنوات الأخيرة، هما «قانون الإيجارات الذي يؤثر على 200 ألف عائلة، نصفهم غير قادر على شراء منازل جديدة ضمن الشروط الجديدة لبرامج الإسكان»، وعليه «توصلنا إلى تحسين في قانون الإيجارات يرضي المالكين والمستأجرين بعد 70 اجتماعا ومتابعة، وكنت أدافع عن حق الشعب بغض النظر عن الطائفة والمنطقة التي يتحدر الأفراد منها، وكان العبء الأكبر في القانون ملقى على أكتافي». ولفت إلى أنه حمل «قضية العسكريين والمتقاعدين في سلسلة الرتب والرواتب؛ حيث قاتلت لأجل سلسلة عادلة».
وأتاح قانون الانتخاب ترشيح كثيرين من فئات مختلفة بينهم ضباط متقاعدون ومحامون وإعلاميون وفنانون وناشطون في المجتمع المدني، بعدما كانت الأغلبية من المرشحين من المحامين والقانونيين. ومن المتوقع أن يُضاف عدد المرشحين من الجنرالات خلال المهلة المتبقية للتقدم بالترشيحات لوزارة الداخلية.
جنرالات الأمن والجيش يستعدون لدخول معترك السياسة
10 ضباط متقاعدين تقدموا بترشيحاتهم للانتخابات النيابية
جنرالات الأمن والجيش يستعدون لدخول معترك السياسة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة