لودريان: موسكو وحدها تستطيع منع النظام من قصف المدنيين بالغوطة

الضربات الجوية أصابت بلدتين بالغوطة رغم الهدنة... والفصائل تلتزم بإخراج «هيئة تحرير الشام»

رجل سوري يحمل طفلا في منطقة الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
رجل سوري يحمل طفلا في منطقة الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
TT

لودريان: موسكو وحدها تستطيع منع النظام من قصف المدنيين بالغوطة

رجل سوري يحمل طفلا في منطقة الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)
رجل سوري يحمل طفلا في منطقة الغوطة الشرقية (أ.ف.ب)

حذر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان اليوم (الثلاثاء) من تحول الحرب في سوريا إلى صراع إقليمي، داعياً إلى وضع آلية لمراقبة الهدنة.
وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك من موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف إن روسيا وحدها القادرة على الضغط على دمشق لتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي «2401» حول الهدنة في سوريا.
وأضاف قائلاً: «ناقشنا مع الروس ضرورة تطبيق الهدنة في الغوطة بسوريا». وكشف أن 3 من جماعات المعارضة لمحت إلى اعتزامها الالتزام بوقف إطلاق النار في الغوطة الشرقية.
كما شدد على ضرورة فتح معابر إنسانية فورا في الغوطة المحاصرة منذ سنوات من قبل النظام السوري، والتي شهدت منذ أكثر من 10 أيام قصفاً متواصلاً أودى بحياة أكثر من 500 شخص. وأضاف: «يجب تنفيذ مرحلة أولى في الغوطة لإجلاء الأطفال والجرحى».
وطالب بوضع آلية لمراقبة وقف إطلاق النار لتقييم مواقف كل الأطراف في الغوطة الشرقية.
من جهته، نصح لافروف الفرنسيين بمعرفة ما يجري في الغوطة، قائلاً: «ننصح الفرنسيين بمعرفة الحقيقة بشأن ما يجري في الغوطة»، في حين دعا الفصائل السورية إلى تطبيق الهدنة، بعد أن كانت روسيا اتهمتها في وقت سابق الثلاثاء بقصف ممر لخروج المدنيين من الغوطة.
وعدّ أن القرار الدولي لا يسمح بإخراج المدنيين من الغوطة.
يذكر أن وزير الخارجية الفرنسي يزور موسكو لبحث سير التحضيرات لزيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون إلى روسيا في مايو (أيار) المقبل، بحسب ما أفادت وسائل إعلام روسية.
ولم تمضِ ساعات قليلة على دخول هدنة الساعات الخمس التي أقرتها روسيا حيز التنفيذ صباح اليوم، حتى أفاد ناشطون سوريون بمقتل مدنيين اثنين إثر قصف ممر لخروج المدنيين العالقين في الغوطة الشرقية.
في حين أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن «قوات النظام شنت غارة على بلدة الأفتريس، وألقت برميلين متفجرين على بلدة الشيفونية. كما سقطت قذائف على أطراف مدينتي حرستا ودوما، وفي داخلها وفي بلدة مسرابا، حيث أصيب مدني بجروح».
وأفاد «المرصد» بمقتل طفل جراء قصف لقوات النظام السوري، هو الأول بعد بدء تطبيق الهدنة. وقال مدير «المرصد» إن «طفلاً قتل وأصيب 7 مدنيين آخرين بجروح جراء إطلاق قوات النظام لأربع قذائف على الأقل على بلدة جسرين».
من جهتها، أكدت الأمم المتحدة استمرار القتال في الغوطة الشرقية رغم الهدنة. وقال الناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية جينس ليرك للصحافيين في جنيف: «القتال مستمر هذا الصباح وفقاً للتقارير الواردة إلينا من الغوطة الشرقية»، مضيفاً أنه لا يزال من المبكر الحديث عن أي عمليات إغاثة للمدنيين في ظل تواصل الاشتباكات.
أما روسيا فحملت المعارضة السورية مسؤولية قصف ممر لخروج المدنيين. ونقلت وكالة «تاس» للأنباء عن الجيش الروسي اتهامه لمقاتلي المعارضة السورية في الغوطة الشرقية بإمطار ممر إنساني بقذائف «مورتر». وأضاف الجيش أنه لم يتمكن مدني واحد من المغادرة عبر الممر الذي يهدف إلى السماح للمدنيين بالخروج من منطقة الصراع.
في المقابل، نقل مسؤول محلي عن «جيش الإسلام» نفيه قصف «الممر الإنساني» أو منع المدنيين من مغادرة الغوطة الشرقية في سوريا.
وقال ياسر دلوان، رئيس المكتب السياسي لـ«جيش الإسلام»: «لم نمنع أحدا، والمدنيون يتخذون قرارهم».
إلى ذلك، قالت الأمم المتحدة إن القتال والقصف استمرا في الغوطة الشرقية، مما حال دون وصول أي مساعدات للجيب السوري المحاصر أثناء وقف لإطلاق النار «من جانب واحد» أعلنته روسيا لمدة 5 ساعات.
وقال ينس لاريكه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بإفادة في جنيف: «إنها مسألة حياة أو موت؛ إذا كانت هناك مسألة حياة أو موت. نريد وقفا للأعمال القتالية لمدة 30 يوما في سوريا كما طالب مجلس الأمن».
وقال طارق جسارفيتش، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية، إن أكثر من ألف مريض وجريح على قائمة الهلال الأحمر العربي السوري يحتاجون لإجلائهم، وأضاف: «لكن ليس لدينا أي معلومات حديثة بشأن حدوث شيء من هذا القبيل الآن أو قريبا».
يذكر أن الهدنة التي أعلنت عنها روسيا في الغوطة الشرقية لدمشق كانت دخلت حيّز التنفيذ عند الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي (7 بتوقيت غرينيتش)، وذلك بعد نحو 10 أيام من القصف العنيف الذي أودى بحياة أكثر من 560 مدنياً.
وكانت روسيا سارعت لإعلان هدنة أحادية وفق معاييرها لمدة 5 ساعات يومياً، خلافاً لما كان اتفق عليه في مجلس الأمن (هدنة لـ30 يوماً في سوريا) تسمح فيها للسكان بمغادرة الغوطة الشرقية من خلال فتح ممر إنساني لهم. وأكدت وزارة الدفاع الروسية أن جيش النظام السوري سيعلق الضربات الجوية على منطقة الغوطة الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة خلال هدنة يومية مدتها 5 ساعات اعتبارا من الثلاثاء.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن الميجور جنرال يوري يفتوشينكو، رئيس مركز المراقبة الروسية في سوريا، قوله إن المركز سيقوم مع النظام السوري بإجلاء المرضى والمصابين من المنطقة. وأضاف أن النظام السوري أعد «ممرا إنسانيا» لخروج المدنيين وأنه وزع منشورات بشأن تفاصيل الإجلاء.
وبينما يستمر النظام السوري وحليفه الروسي بالترويج للهدنة الهشة، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن ضربات جوية أصابت بلدتين بالغوطة الشرقية اليوم رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنته روسيا.
وأضاف «المرصد» أن طائرتي هليكوبتر أسقطتا قنبلتين على بلدة الشيفونية كما قصفت طائرة حربية بلدة الأفتريس.
وكان مجلس الأمن قد صوت (السبت) بالإجماع لصالح قرار الهدنة في سوريا.
وفي وقت سابق اليوم (الثلاثاء)، التزمت الفصائل بإخراج متشددين ينتمون لـ«جبهة تحرير الشام»، (جبهة النصرة سابقا)، وعائلاتهم من الغوطة الشرقية، وذلك بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الفعلي، بحسب بيان مشترك أصدرته الفصائل التي تسيطر على المنطقة المحاصرة بريف دمشق.
وأعلن البيان الذي وقعه «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» و«حركة أحرار الشام»... «التزامنا التام بإخراج مسلحي تنظيم (هيئة تحرير الشام) و(جبهة النصرة) و(القاعدة) وكل من ينتمي لهم وذويهم من الغوطة الشرقية لمدينة دمشق خلال 15 يوما من بدء دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ الفعلي».
وفي سياق متصل، صرحت مصادر دبلوماسية لـ«رويترز» بأن منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تحقق في هجمات وقعت في الآونة الأخيرة بالغوطة الشرقية المحاصرة الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية لتحديد ما إذا كانت أسلحة محظورة قد استخدمت.
وقالت المصادر إن المنظمة، التي يقع مقرها في لاهاي، فتحت تحقيقا يوم (الأحد) الماضي في تقارير تحدثت عن تكرار استخدام قنابل الكلور هذا الشهر في المنطقة القريبة من العاصمة دمشق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.