صممت شركة إنتل نظارات ذكية ستعفيكم من المظهر الغريب وغير المحبب. وتحمل هذه النظارات الجديدة التي لا تزال في مرحلة الاختبار اسم «فونت Vaunt»، وتبدو وكأنها نظارات عادية، يظهر على عدستها اليمنى من وقت إلى آخر ضوء أحمر باهت.
تبدو المعلومات المرسلة إلى النظارات وكأنها معروضة على شاشة، إلا أنها في الحقيقة موجهة إلى شبكية عين الشخص الذي يرتديها. وقد كتب ديتير بون في تقرير نشرته مجلة «ذا فيرج» «بدت النظارات التجريبية التي ارتديتها مطابقة للنظارات العادية. تأتي هذه النظارات بتصميمات مختلفة، وتتوافق مع الوصفات الطبية، ويمكن ارتداؤها براحة ليوم كامل».
تركيز دائم
تستخدم نظارات «فونت» تقنية البلوتوث وهي مصممة للعمل مع الهاتف الذكي، وكثير من الساعات الذكية أيضاً. ويطلق ليزر بشعاع طفيف جداً (VCSEL) صورة حمراء أحادية اللون بمقاس 440×150 بيكسل على عاكس ثلاثي الأبعاد موجود على العدسة اليمنى للنظارات، ومن ثمّ يعاد إرسال هذه الصورة عبر خلفية مقلة العين، مباشرة إلى الشبكية. ولأن الصورة ترسل مباشرة إلى الشبكية، يستطيع المستهلك أن يركّز عليها بشكل دائم، ولهذا السبب تحديداً يصلح هذا النظام في النظارات الطبية وغير الطبية.
وحسب ما أفاد بون في «ذا فيرج»، لا يتضمن اختراع إنتل الجديد ميكروفوناً، ولكنه توقّع أن تتضمن النماذج المستقبلية منها واحداً يتيح للمستخدم التفاعل مع المساعدات الذكية مثل أليكسا من أمازون ومساعد غوغل وسيري من آبل. وكشف بون أن إنتل تعتزم إطلاق نسخة أولية من البرنامج تستهدف المطورين في أواخر هذا العام، حتى يتمكنوا من البدء بتجربة قدرات النظارات الجديدة.
قدرات محدودة
صحيح أنكم حين ترتدون «فونت» لن تشعروا أن مظهركم غريب أو مضحك، إلا أنكم في المقابل لن تبهروا أحدا بقدرات هذه النظارة. وعلق إريك آبروزيس، المحلّل في «إي بي آي ريسرتش» إن «فونت» غير مجهزة بأدوات إضافية، إذ إنها لا تتضمن كاميرا أو لوحة لمس للتحكم، أو ميكروفونا.
- تطبيقات بسيطة. وأضاف في حديث لـ«تيك نيوز وورلد»: «هذا الأمر يعني أن فوائد هذه النظارات ستكون محصورة بتطبيقات بسيطة، كالإشعارات التنبيهية، والاتجاهات، والتعليمات التوجيهية، والإشعارات الشخصية».
من جهتها، قالت كريستن هانيتش، المحلّلة في «باركس أسوشياتس» «إنها أداة خفيفة، إذ إنها تتيح للمستهلك رؤية معلومات كإشعارات الهاتف، واتجاهات الخرائط، ووصفات الطهي، ولوائح التبضع، وغيرها من الأمور الشبيهة».
ولفتت هانيتش إلى أن أدوات الواقع المعزز الشبيهة بـ«فونت» تستخدم في مجالات كالصناعة واللوجيستيات والعناية الصحية، إلا أن الكثير من هذه التطبيقات بدأت تعمل بواسطة أدوات أكثر قوة، كنظارات غوغل و«هولو لينس» من مايكروسوفت، القادرة على عرض ما يحصل أمام المستخدم مباشرة.
وتقدم النظارة الجديدة من إنتل بعض الفوائد التي قد تجذب اهتمام المؤسسات، والاهتمام بها يعود إلى عامل سهولة الاستخدام، وتفوقها في ميدان السلامة خلال العمل، وإمكانية ارتدائها ليوم كامل، إضافة إلى فعاليتها في بعض التطبيقات، وخاصة تلك التي تعتمد على التعليمات الإرشادية ستكون ميزة إضافية في نظر الزبائن.
ولكن قدرتها على جذب اهتمام المستهلك العادي ستكون أكثر صعوبة. فقد اعتبر الخبراء أن «فونت» فشلت في التخلّص من واحدة من أبرز شوائب نظارات غوغل، وهي عدم تلبيتها لحاجات الناس في حالات ضرورية وأوضاع مهمّة.
تقول هانيتش إن العامل الذي يمكن أن يعتمد عليه المستهلكون هو السعر، وإن الأمر سيكون أكثر سهولة إن تمّ تحديد السعر الصحيح، معتبرة أن منحها سعراً يوازي سعر الساعات الذكية سيكون بداية جيدة وسيزيد احتمال مبيعها.
- غير مفيدة لهواة الألعاب. الألعاب هي المجال الأكثر جذباً للمستهلك في عالمي الواقع الافتراضي والواقع المعزز وأدواتهما، إلا أن «فونت» لن تذهب في هذا الاتجاه في السوق. وقد رأى آبروزيس أن هذه النظارات أبسط بكثير من أن تشارك في تطبيقات تتطلب خصائص بصرية حادّة.
وتبرز الفعالية كمشكلة أخرى في «فونت»، إذ لفتت هانيتش إلى أن النظارات تفتقر إلى وجود كاميرا، وإلى قدرة كبيرة على المعالجة، أو عرض البيانات بأي لون غير الأحمر. وشرحت أن تطبيقاً كـ«بوكيمون غو» مثلاً يمكن أن يعمل على هذه النظارة، ولكن سيفرض على المطورين التخلّي عن ميزات الغرافيكس وإمكانية عرض الأشياء بشكل متزامن مع المحيط.
من جهة أخرى، يمكن القول إن افتقار النظارة إلى عنصر الكاميرا له بعض الفوائد. فقد قالت هانيتش إن واحدة من مشاكل نظارات غوغل وحجمها الكبير واللافت كان بسبب وجود كاميرا ظاهرة في تصميمها، لافتة أن عدم وجود كاميرا في «فونت» قلّل من مشاكل الخصوصية فيها.
سوق مستقبلية
صحيح أنّ النظارات الشبيهة بـ«فونت» تثير بعض الضجة حالياً، إلا أننا لن نرى دخول نظارات الواقع المعزز إلى الأسواق الاستهلاكية قبل سنة أو اثنين. فقد توقعت شركة «إي بي آي». أننا لن نصل إلى مرحلة تصبح فيها نظارات الواقع المعزز سلعة استهلاكية منتشرة قبل 2019 أو أوائل 2020.
واعتبر آبروزيس أن دفع نظارات الواقع المعزز باتجاه الأسواق الاستهلاكية يتطلّب علامات تجارية قوية وتسويق مؤثر. وآبل مثلاً هي واحدة من العلامات التجارية التي لها وزن في هذا المجال، وتقول الشائعات إنها تتحضّر لطرح نظارات للواقع المعزز. ولفت آبروزيس إلى أنّ دخول هذه النظارات إلى السوق سيقابل بمبيعات بالملايين، لأول مرّة في فضاء هذا العالم.
وشرح أن «فونت» لن يكون لها غالباً هذا النوع من التأثير في السوق، ولكنها قد تلعب دوراً مهماً في تجاوز المستهلكين لخيبة أملهم بنظارات غوغل إلى عالم أكثر واقعية في مجال نظارات الواقع المعزز.
ورأى براين بلو، مدير الأبحاث في شركة «غارتنر» أن «فونت» هي إشارة واضحة على أنّ تقنيات العرض القابلة للارتداء تتقدّم بوتيرة سريعة. وأضاف في حديث لـ«تيك نيوز وورلد»: «تمثّل النظارة الجديدة من إنتل نموذجاً سيعتبره مزودو التكنولوجيا خطوة مقبلة مهمّة، خاصة أنها تبدو وكأنها نظارة عادية».
وأخيراً، قال بلو: «سنوات تفصلنا عن وصول نظارة كـ(فونت) إلى أيدي المستهلكين، ولكن من الرائع أن نرى نماذج مبكرة مع ازدياد الشركات والعلامات التجارية المهتمة بالنظارات الذكية، حتى ولو كانت لا تزال في أولى مراحل تطويرها».