القاهرة تطلق عجلة المصالحة الفلسطينية مجدداً

وفد أمني مصري في غزة وترقب وصول وزراء ومديرين في حكومة التوافق

TT

القاهرة تطلق عجلة المصالحة الفلسطينية مجدداً

استأنفت مصر مجددا جهودها لإتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بعد تعثر ومماطلة من قبل الطرفين في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وتطبيق الاتفاق الذي وقع في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقد وصل وفد أمني من جهاز المخابرات المصرية إلى قطاع غزة بعد ظهر أمس الأحد، يترأسه اللواء سامح نبيل مسؤول الملف الفلسطيني في الجهاز، ويضم القنصل العام المصري في رام الله خالد سامي، والعميد عبد الهادي فرج، عبر معبر بيت حانون «إيرز» شمال قطاع غزة، والذي تسيطر عليه القوات الإسرائيلية. وكان في استقبال الوفد من الجانب الفلسطيني للمعبر، القيادي في حماس غازي حمد، ومسؤول قوى الأمن الداخلي في قطاع غزة التابع لحماس أيضا اللواء توفيق أبو نعيم.
وأبلغت مصر كلا من فتح وحماس أول من أمس، أنها سترسل الوفد إلى غزة كخطوة للتأكيد على أنها مستمرة في نهجها للمضي قدما بالمصالحة. وسيعمل الوفد على متابعة الخطوات التي ستتخذ من قبل الجانبين من أجل تمكين الحكومة من أداء مهامها لاستكمال باقي ملفات المصالحة.
والتقى الوفد المصري عقب وصوله مع وزير المواصلات في حكومة التوافق سميح طبيلة، في مقر وزارته بمدينة غزة، وذلك لبحث العقبات التي تواجهه في تسلم وزارته بالكامل، وتنفيذ القرارات التي يصدرها ويرفض موظفون تابعون لحماس تنفيذها حتى الآن، إلى جانب بعض الملفات المتعلقة بعمل الوزارة وخطط استيعاب الموظفين القدامى، للقيام بمهامهم في الوزارات، كما قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط».
وسيجري الوفد المصري سلسلة لقاءات واجتماعات مع مسؤولين من حكومة التوافق في الساعات والأيام المقبلة، بعد وصول وفد يضم عددا من وزراء الحكومة ووكلاء ومديرين عامين في الوزارات من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، لبحث الملفات المتعلقة بتمكين الحكومة من أداء مهامها، والسيطرة الكاملة على الوزارات والالتزام بالقرارات الصادرة عن المسؤولين فيها.
ووفقا للمصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن وفد حركة حماس الموجود في القاهرة منذ ما يزيد على عشرة أيام، أكد مجددا، استعداد الحركة لتقديم التسهيلات اللازمة للحكومة للقيام بكامل مهامها من دون أي عوائق. مشددا في الوقت ذاته، على ضرورة أن تقوم الحكومة بحل الأزمات التي تراكمت في الأشهر الأخيرة، والعمل على دمج الموظفين.
وكانت المصادر نفسها قد أكدت، في وقت سابق من الشهر الحالي، أن مصر كانت تبذل جهودا لجمع وفد حماس مع وفد من حركة فتح برئاسة عزام الأحمد، مسؤول ملف المصالحة في الحركة، إلا أنها لم تنجح، بعد أن ربطت فتح أي لقاءات لبحث الملفات الأخرى المتعلقة بالمصالحة بوجود ضمانات وخطوات فعلية على الأرض، تمكن الحكومة من تسلم الوزارات كاملة من دون أي عوائق، الأمر الذي تعهدت به حماس في وقت لاحق، ونتج عنه وصول الوفد الأمني المصري إلى غزة لمتابعة ملف المصالحة بعد أن كان قد غادر القطاع في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي بشكل مفاجئ.
ولم تعلق حركة فتح على التطورات الجديدة بشأن المصالحة، إلا أن عزام الأحمد رئيس وفد الحركة للمصالحة، أكد على أن قيادة السلطة الفلسطينية مصممة على المضي قدما نحو خطوات عملية لتنفيذ اتفاق القاهرة مهما كان البطء والعراقيل من قبل حركة حماس، على حد قوله.
فيما قال موسى أبو مرزوق مسؤول ملف المصالحة في حركة حماس، إن ما تم إنجازه من تفاهمات حتى الآن، كافٍ لانطلاق المصالحة من جديد، ووقف نزيف الألم والمعاناة لسكان القطاع. مضيفا: «كلنا رجاء أن لا يفقد شعبنا الأمل في مصالحة ناجزة ووحدة وطنية لمواجهة المؤامرات التي تستهدف تصفية قضيتنا، وعلى رأسها ما يسمى بصفقة القرن».
وكان متوقعا أن يصل الوفد قبل نحو أسبوعين، إلا أن بعض الظروف السياسية والميدانية حالت دون ذلك. في حين يتوقع أن يتبع وصول الوفد المصري، وصول وفد من اللجنة المركزية لحركة فتح، كان مقررا أن يصل أيضا منذ أسبوعين إلى قطاع غزة.
وتجري حركة حماس منذ ما يزيد على عشرة أيام، لقاءات مع المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية، إلى جانب لقاءات داخلية لمكتبها السياسي في العاصمة المصرية القاهرة. حيث طالبت الحركة المسؤولين المصريين غير مرة، بالضغط على السلطة لوقف إجراءاتها العقابية ضد غزة، والعمل على فكفكة الأزمات الإنسانية التي تعصف بالقطاع.
وقال حسام بدران عضو المكتب السياسي للحركة، في تصريح صحافي، إن اللقاءات في القاهرة تسير بشكل إيجابي وإن وفد قيادة حماس استمع إلى مواقف إيجابية، خاصة فيما يتعلق بحياة المواطنين في قطاع غزة وأوضاعهم، وكذلك قضية المصالحة والجهود المصرية بهذا الصدد. وقال بدران إن حركة حماس سوف تقدم التسهيلات المطلوبة والإجراءات الكفيلة بإنجاح مهمة الوفد المصري باتجاه تطبيق اتفاق المصالحة، وتعزيز خطوات بناء الثقة وصولا إلى تحقيق الوحدة الوطنية المنشودة، خاصة في ظل التحديات الجسام التي تمر بها القضية الفلسطينية والمخاطر المحدقة بحقوق الشعب الفلسطيني.
وسمحت السلطات المصرية في الأيام الأخيرة، لأول مرة منذ سنوات، بإدخال بضائع ومحروقات إلى قطاع غزة عبر معبر رفح البري. فيما قالت إذاعة إسرائيلية بالعبرية، إن تلك البضائع دخلت بالتنسيق وبموافقة إسرائيل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.