تقرير يتهم إسرائيل بتسييس القضاء لشرعنة البؤر الاستيطانية

TT

تقرير يتهم إسرائيل بتسييس القضاء لشرعنة البؤر الاستيطانية

اتهم تقرير فلسطيني رسمي الحكومة الإسرائيلية بتسييس جهاز القضاء لخدمة «تسوية وشرعنة» «بؤر استيطانية» في الضفة الغربية.
وجاء في بيان صادر عن «المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان»، التابع للمنظمة: «الجهاز القضائي في إسرائيل لم يعمل بمعزل عن الاعتبارات السياسية الإسرائيلية في كثير من المحطات»، مضيفا أن «الجهاز القضائي يتدخل في العادة بتوجيه من المستويات السياسية والأمنية ليضفي شرعية هنا، وأخرى هناك على مصادرة أراضي المواطنين الفلسطينيين وتحويلها لفائدة النشاطات الاستيطانية».
وقالت المنظمة، إن الجديد في الأمر الآن هو محاولة تسييس القضاء الإسرائيلي، ليعمل بشكل سلس من أجل تسوية وشرعنة مزيد من البؤر الاستيطانية، التي أقامتها حكومة إسرائيل على رؤوس الجبال والتلال في طول الضفة الغربية وعرضها. ونقل البيان عن وزيرة القضاء الإسرائيلي إيليت شاكيد أن «جهودا إسرائيلية كبيرة في مجال القضاء والقانون تبذل لتسوية وشرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية». وقال البيان إنه في هذا الإطار صادقت لجنة تعيين القضاة في إسرائيل، التي تترأسها وزيرة القضاء أيليت شاكيد، على تعيين باحيا زاندبيرغ قاضية في المحكمة المركزية بالقدس المحتلة، بعد أن كانت تشغل منصب رئيسة لجنة تبييض البؤر الاستيطانية، التي تعتبر من المقربات لوزيرة القضاء.
وأضاف البيان موضحا أن «زاندبيرغ قادت حملتين قضائيتين داعمتين للمستوطنين، كانتا معاكستين لتعليمات وزارة القضاء والمستشار القضائي للحكومة ومواقفهما، وبعد ذلك تم تعيينها في النيابة العامة».
وبحسب البيان، تسعى شاكيد من خلال التعيين إلى ترسيخ سياسة الاستيطان، ومنع إخلاء البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة، ومن بينها تلك التي تقام على أراض فلسطينية خاصة، وليس فقط ما يعرف بـ«أراضي دولة»، وهي التي تسلبها سلطات الاحتلال من الفلسطينيين.
وتابع البيان مبرزا أنه «مع نقل الصلاحيات للمحكمة المركزية، سيكون لزاندبيرغ التأثير الأكبر على القرار حول المستوطنات والبؤر الاستيطانية، وهذا من شأنه أن يزيد الاستيطان، حتى وإن عارضت الحكومة أو المستوى السياسي ذلك، وهو أحد أهداف حزب البيت اليهودي».
كما تطرق البيان إلى أول مستوطنة جديدة تبنيها إسرائيل منذ سنوات في الضفة الغربية المحتلة، حيث تم نقل 12 منزلا جاهزا إلى المستوطنة الجديدة التي سميت «عميحاي»، وتقع قرب مستوطنة «شيلو» في منتصف الطريق بين مدينتي نابلس ورام الله، حيث من المفترض أن تأوي مستوطنة «عميحاي» 40 عائلة أخلتها السلطات الإسرائيلية بقرار قضائي في فبراير (شباط) 2017 من المستوطنة العشوائية «عمونا» داخل محافظة رام الله، التي بنيت على أراض خاصة لمواطنين فلسطينيين. وأضاف البيان أن الحكومة الإسرائيلية بدأت بتشييد المنازل هناك.
وتصادر المستوطنة الجديدة أراضي توجد بملكية خاصة لمواطنين فلسطينيين، من ضمنها مساحات زراعية مستثمرة تصل إلى أكثر من 205 دونمات، وقد جرى وضع اليد عليها ومصادرتها العام الماضي، بذريعة «احتياجات عسكرية»، وسيطر عليها جيش الاحتلال، واعتبرها «أراضي دولة».
وكانت إسرائيل قد شرعت بتسوية الأراضي التي تقام المستوطنة الجديدة عليها في 11 أبريل (نيسان) الماضي، بهدف نقل المستوطنين الذين تم إخلاؤهم في وقت سابق من البؤرة الاستيطانية «عمونا» للسكن فيها. ويوجد في الضفة الغربية نحو 150 مستوطنة معترفا بها من الحكومة الإسرائيلية، وأكثر من 200 بؤرة استيطانية لا تعترف بها الحكومة.
ويعيش بين الفلسطينيين اليوم أكثر من 650 ألف مستوطن؛ 300 ألف منهم على الأقل في القدس الشرقية، التي ينشدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة، وهذه الإحصاءات الأخيرة تشير إلى ارتفاع كبير في أعداد المستوطنين، الذين تضاعفوا مرتين على الأقل خلال 10 سنوات فقط.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.