قوات النظام كثفت قصف الغوطة قبل التصويت

426 قتيلاً شرق دمشق... وفصائل معارضة ترد بقصف العاصمة

TT

قوات النظام كثفت قصف الغوطة قبل التصويت

كثفت قوات النظام السوري قصف مناطق الغوطة الشرقية قبل ساعات من الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن لإقرار هدنة تضع حدّاً للعنف المتصاعد منذ يوم الأحد الماضي. وفيما أفيد عن ارتفاع عدد القتلى المدنيين إلى 426 خلال 6 أيام، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن انفجارات عنيفة هزت مناطق في وسط العاصمة دمشق، ما أدّى إلى مقتل شخصين وإصابة 47.
وأشارت مصادر متعددة إلى «مقتل 5 أشخاص يوم أمس بينهم طفلان في مجزرة ارتكبتها الطائرات الحربية في مدينة دوما»، كما أفيد بمقتل 4 آخرين في قصف جوي وبري على زملكا واوتايا وحمورية، وعن جرح 15 آخرين في مدينة سقبا.
وتحدث المرصد عن كثيرين ممن لا يزالون عالقين تحت أنقاض الأبنية المدمرة وآخرين منتشرين في المستشفيات والمرافق الطبية التي لم تسلم من القصف. وبلغت حصيلة القتلى منذ يوم الأحد 426 مدنياً، بينهم 96 طفلاً، كما أصيب أكثر من ألفين آخرين بجروح.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن انتشار الحرائق الناتجة عن القصف في دوما، ولم تتمكن عربات الإطفاء من إخمادها جميعاً. وفي أحد الأحياء، بادر سكان إلى استخدام أواني الطبخ لإخماد حريق في أحد المنازل.
وبقي معظم السكان يوم أمس في الأقبية والملاجئ حيث تنعدم الحاجات الأساسية. وأشارت الوكالة الفرنسية إلى أن البعض منهم يخرج مستغلاً دقائق من الهدوء لإحضار بعض الحاجات أو الطعام في ظل انقطاع الكهرباء بعد تقطع أشرطة الإمدادات عن المولدات. وفي أحد شوارع دوما، شاهد مراسل الصحافة الفرنسية أهالي يتفقدون متاجرهم ومنازلهم قبل أن يبدأ القصف بالصواريخ فبدأوا بالجري في كل ناحية للاختباء. وفي مستشفى المدينة، قال أبو مصطفى: «ما يحدث معنا يُبكي الحجر، لا يوجد أحد لا يفقد يومياً شخصاً أو اثنين من عائلته. لا نستطع أن ننام، كل الوقت مروحيات تلقي البراميل والطائرات الروسية فوقنا. ليس لدينا سوى الله».
بالمقابل، أشارت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) يوم أمس إلى مقتل شخص وإصابة 15 آخرين بجروح الجمعة بعد استهداف أحياء في دمشق. وقالت «الصحافة الفرنسية» إنّه منذ بدء التصعيد الأخير، قُتِل نحو 20 شخصاً وأصيب العشرات بجروح في دمشق جراء قصف الفصائل. وتحدث المرصد عن «انفجارات عنيفة هزت مناطق في وسط العاصمة دمشق يوم أمس ناجمة عن استهداف منطقة صلاح الدين في حي ركن الدين بقذيفة على الأقل تسببت في قتل وإصابة عشرات الأشخاص بجراح، بالتزامن مع سقوط قذيفتين على مناطق في دمشق القديمة وشارع بغداد»، لافتاً إلى أن «قذائف أخرى استهدفت مناطق في ضاحية الأسد، وأماكن أخرى في حي القصور ومنطقتي برزة البلد وعش الورور»، حيث وثق المرصد مقتل شخصين في سقوط القذائف على منطقة ركن الدين، وإصابة أكثر من 47 آخرين بجراح متفاوتة، ليرتفع إلى 120 شخصاً عدد الذين قتلوا جراء سقوط قذائف منذ بدء التصعيد على العاصمة دمشق وضواحيها، في 16 من نوفمبر (تشرين الثاني).
من جهته، قال «جيش الإسلام» إنه تصدى صباح يوم أمس لمحاولات قوات النظام التقدم على محور القصر على جبهة بلدة حزرما، وقتل وجرح أكثر من 20 عنصراً بعد إيقاعهم بعدة كمائن.
وبالتزامن، بعثت فصائل المعارضة في الغوطة الشرقية رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الحالي لمجلس الأمن الدولي، تؤكد فيها رفضها أي «تهجير للمدنيين أو ترحيلهم»، بعدما كانت موسكو أعلنت أنها عرضت على الفصائل إجلاء مقاتليها مع عوائلهم من معقلهم الأخير هذا قرب دمشق. ووقّع الرسالة كل من «جيش الإسلام» و«فيلق الرحمن» وحركة أحرار الشام، فضلاً عن عدد من المؤسسات المدنية وبينها «الخوذ البيضاء». وقال الموقعون في رسالتهم، إن «أي مبادرة أو مشروع قرار يجب أن ينسجم مع المبادئ الثابتة في القانون الدولي التي تمنع تهجير المدنيين أو ترحلهم قسراً عن أماكن سكناهم الطبعة». وأضاف الموقعون: «لذلك نرفض رفضاً قاطعاً أي مبادرة تتضمن إخراج السكان من بيوتهم ونقلهم لأي مكان آخر».
وأكد المتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن، ثاني أبرز فصائل الغوطة الشرقية، وائل علوان: «رفض الفصائل إجلاء مقاتليها من الغوطة الشرقية»، مشيراً إلى أن «أحداً لم يعرض على الفصائل أي شيء من ذلك أصلاً خلال الفترة الماضية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».