غارات سورية على الرقة تستهدف آليات أميركية أدخلت من العراق

جيش النظام مدعوما بحزب الله يستعيد كسب ويحرم «الحر» من منفذ بحري

غارات سورية على الرقة تستهدف آليات أميركية أدخلت من العراق
TT

غارات سورية على الرقة تستهدف آليات أميركية أدخلت من العراق

غارات سورية على الرقة تستهدف آليات أميركية أدخلت من العراق

للمرة الأولى، شن سلاح الجو السوري غارات عنيفة على مقرات تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المعروف بـ«داعش»، في الرقة والحسكة، وذلك خلال اليومين الماضيين على خلفية «إدخال أسلحة غنمها التنظيم في معاركه ضد القوات الحكومية العراقية على الطرف الحدودي المقابل للرقة». وأكد ناشطون تنفيذ طائرات النظام أكثر من خمس غارات في المحافظة، يومي أول من أمس (السبت) وأمس (الأحد).
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بقصف سلاح الجو السوري مقار لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) بالقرب من الحدود مع العراق المجاور لسوريا الذي يشهد منذ أسبوع هجوما كبيرا لعناصر هذا التنظيم المتشدد، مشيرا إلى أن الهجمات الجوية استهدفت مقار أمنية في مدينتي الرقة (شمال) والحسكة (شمال شرق) العراق، مؤكدا أنها المرة الأولى التي يكون القصف فيها عنيفا بهذا الشكل.
وبينما عزا المرصد أسباب القصف لكون الدولة الإسلامية «تمكنت من إدخال أسلحة ثقيلة إلى سوريا، خاصة الدبابات وسيارات الهامر» التي تركها الجيش العراقي وراءه، أفاد ناشطون في الرقة بوصول عدد من سيارات الهامر والدبابات الأميركية وراجمة تحمل ثلاثة صواريخ إلى مدينة الرقة من الموصل بالعراق، مساء الجمعة الماضي.
وأوضح هؤلاء أن مقاتلي «داعش» أدخلوا الأسلحة والآليات إلى مدينة الرقة، قبل ساعات قليلة من استهدافها من قبل الطيران السوري بغارات عنيفة.
ويعد القصف الجوي، الأعنف منذ سيطرة «داعش» على الرقة واتخاذها كمعقل لها، في سبتمبر (أيلول) الماضي، في حين تتمدد سيطرة التنظيم إلى ريفي حلب والحسكة، ويتقدم مقاتلوه للسيطرة على كامل مدينة دير الزور، وسط اشتباكات مع مقاتلي الجيش السوري الحر ومقاتلين إسلاميين بعضهم ينتمي إلى «جبهة النصرة».
ولم يفد مقاتلو المعارضة في دير الزور بتراجع المعارك مع تنظيم «داعش» بعد تقدمه على الضفة العراقية من الحدود، والسيطرة على مدن عراقية. فقد ظهر أن التنظيم يتخذ من مواقعه في سوريا قاعدة انطلاق ومأوى، بعد خوض المعارك في الأراضي العراقية، على ضوء ترحيل سيارات عسكرية وذخائر غنمها من العراق باتجاه سوريا، كان آخرها موكبا ضخما يضم أكثر من 50 سيارة هامر وحافلات رباعية الدفع محملة بالأسلحة الرشاشة المتوسطة.
وتواصل قصف الطائرات الحربية السورية لمقار «داعش» في الرقة، حتى ظهر أمس، مستهدفا المركز الثقافي الذي يتخذه تنظيم الدولة الإسلامية «محكمة شرعية» دون وقوع إصابات. كما استهدف وسط المدينة من جهة قصر المحافظة، ومبنى الشرطة العسكرية ومبنى المحافظة وسط المدينة التي يستخدمها تنظيم الدولة الإسلامية مقرات له، إضافة إلى استهداف ناحية دبسي عفنان بالقنابل العنقودية المحرمة دوليا، بحسب ما أفادت به تنسيقية «شباب الرقة» في صفحتها على موقع «فيسبوك». وأفاد المرصد السوري بأن الطيران الحربي شن غارات على مقار «داعش» في مدينة الشدادي الواقعة في ريف الحسكة الجنوبي، مشيرا إلى مقتل سبعة أشخاص على الأقل، بينهم مقاتلان اثنان من الدولة الإسلامية في العراق والشام، جراء الغارات على مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي.
ورأى مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن هذه الغارات نفذت «بالتنسيق مع السلطات العراقية» التي تتهيأ لشن هجوم لاستعادة عدة مناطق في البلاد قام التنظيم بالاستيلاء عليها في شمال البلاد، لا سيما الموصل. ويقول خبراء ومعارضون سوريون إن تنظيم داعش الإسلامي المتطرف يسعى في سوريا إلى إقامة «دولته» في المنطقة الممتدة من الرقة شمالا إلى الحدود السورية العراقية في الشرق، لإقامة تواصل مع عناصر التنظيم نفسه داخل العراق.
وظهر التنظيم في سوريا في ربيع 2013. وقوبل بداية باستحسان معارضي الرئيس بشار الأسد الباحثين عن أي مساعدة في قتالهم ضد القوات النظامية، إلا أن هذه النظرة سرعان ما تبدلت مع ارتكاب التنظيم تجاوزات وسعيه إلى التفرد بالسيطرة.
وتخوض فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، وبينها جبهة النصرة المتطرفة، منذ يناير (كانون الثاني) معارك ضارية ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، الذي تتهمه بتنفيذ مآرب النظام السوري، وبالتشدد في تطبيق الشريعة الإسلامية، وبتنفيذ عمليات قتل وخطف عشوائية. وتسببت هذه المعارك التي شملت محافظات حلب والحسكة (شمال) ودير الزور (شرق) وإدلب (شمال غرب) بمقتل أكثر من ستة آلاف شخص من الطرفين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».