المغرب: رئيس الحكومة يكشف عن محاكمة مسؤولين بتهم الفساد

سعد الدين العثماني
سعد الدين العثماني
TT

المغرب: رئيس الحكومة يكشف عن محاكمة مسؤولين بتهم الفساد

سعد الدين العثماني
سعد الدين العثماني

كشف سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أمس، عن وجود عشرات من المسؤولين المتابعين بتهمة الفساد، موضحا أن ملفاتهم معروضة حاليا على القضاء.
وأوضح العثماني، خلال ترؤسه الاجتماع الأسبوعي للحكومة، أن عددا من المسؤولين يخضعون حاليا للتحقيق، ومنهم من يوجد في طور المحاكمة، لكن «ليس من حقنا الإعلان عن شخص بمجرد اعتقاله لأنه يمكن أن يكون بريئا، لذلك لا يمكننا تشويه سمعة أي شخص أو الحديث عنه قبل إدانته من قبل القضاء».
وصنفت منظمة الشفافية الدولية «ترانسبارنسي» المغرب في الرتبة 81 في مؤشر إدراك الرشوة من أصل 180 دولة شملها التقرير، متقدما بتسع مراتب، حيث كان يحتل المرتبة 90 خلال 2016.
وقالت المنظمة في التقرير، الذي عرض مساء أول من أمس الرباط، إنه رغم الجهود الحكومية، فإن المغرب لا يزال يحتل «مرتبة متدنية في محاربة الفساد»، موضحا أنه بات مطالبا باعتماد إجراءات ملموسة للحد من الرشوة، عبر إشعار المسؤولين بأنهم عرضة للمحاسبة، وتطبيق القانون، وذلك بهدف منح المواطنين شعورا بالتغيير الفعلي الذي يشهده بلدهم في مجال محاربة الفساد. ووصفت المنظمة الإجراءات المعلن عنها من قبل الحكومة بأنها «خطوات تدخل في نطاق إعلان النوايا دون تفعيل على مستوى الواقع».
وتعليقا على تقرير «ترانسبرانسي»، اعتبر العثماني تحسن رتبة المغرب في مؤشر إدراك الرشوة: «نتيجة إيجابية، لكنها غير كافية»، ودعا إلى جعل مكافحة الفساد والرشوة مشروعا مجتمعيا ومسؤولية جماعية. وتابع موضحا: «نحن الحكومة نتحمل المسؤولية الكبرى، ولا نتملص منها، وقد بدأنا معالجة هذا الملف بكل جرأة».
كما كشف رئيس الحكومة المغربية عن أن ملفات الفساد أحيلت إلى القضاء، إما انطلاقا من شكاوى المواطنين المباشرة، أو عن طريق الرقم الأخضر لوزارة العدل، وإما انطلاقا من تقارير المفتشيات العامة، أو استنادا إلى تقارير المجلس الأعلى للحسابات، مشيرا إلى أن «هذه الملفات تعرض كلها على السلطات المعنية لتقوم باللازم، وفي حال توفرها على المعايير فإنها تحيلها إلى القضاء الذي يتابعها ويقول كلمته النهائية فيها».
في السياق ذاته، أعلن العثماني أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد ستعقد اجتماعها في غضون شهر، وذلك بعد أن أنهت جميع اللجان الفرعية إعداد تقاريرها، مشددا على أنه عازم على إعطاء هذا المجال أهمية بالغة، لأن «عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعدم المعاقبة تبقى من الأمور التي تشجع على بقاء الفساد مستشريا داخل المجتمع».
وأوضح العثماني أن محاربة الفساد يعد مسؤولية الجميع، من حكومة وسلطات عمومية ومجتمع مدني وقطاع خاص، كما أنه موضوع يهم الباحثين، داعيا الإعلام لأن يكون شريكا ويسلط الضوء على ملفات الفساد: «فإذا كانت بلادنا قد حققت تقدما في مجال محاربة الفساد»، يقول العثماني، فإن «ما تحقق غير كاف، ونحن غير راضون، ونطمح إلى مزيد من التقدم لنحقق الأفضل لبلادنا حالا ومستقبلا».
من جهة أخرى، شدد العثماني على ضرورة رفع درجة الشفافية بخصوص آليات اطلاع المواطنين على تطور ملف مكافحة الفساد، وقال بهذا الخصوص: «نحن الآن بصدد مراجعة عدد من القوانين والمراسيم لرفع درجة الشفافية على جميع المستويات، إذ بدأت ورشات الحكومة الإلكترونية على اعتبار أن تطوير الخدمات الإلكترونية يعد شكلا من أشكال رفع درجات الشفافية، ورفع وتيرة متابعة الملفات».
كما أشار العثماني إلى البوابة الوطنية للشكاوى التي أطلقت مؤخرا، التي تمنح المواطن الحق في توجيه شكواه مباشرة، ومتابعة ردود فعل الإدارات بشأنها، وهي صيغة تهدف من ورائها الحكومة التعرف على الإدارات التي تجيب عن شكاوى المواطنين، وتلك التي لا تجيب، سواء تعلق الأمر بالمواعيد أو مضامين الجواب.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.