تسعى باريس للعب دور نشط لوضع حد للعملية العسكرية التي يقوم بها النظام ضد الغوطة الشرقية من خلال ما يقوم به سفيرها فرنسوا دولاتر لدى الأمم المتحدة أو أعلى سلطاتها الدبلوماسية ممثلة بالرئيس إيمانويل ماكرون ووزير الخارجية جان إيف لودريان. وإلى جانب الاتصالات الهاتفية وتلك التي تتم عبر القنوات الدبلوماسية التقليدية، فإن الوزير سيزور موسكو في 27 الحالي، كما أنه سيزور طهران في الخامس من الشهر المقبل. وفي الحالتين، سيكون الملف السوري الذي تجد باريس نفسها ضعيفة التأثير في مساره، الطبق الرئيسي في محادثاته في العاصمتين المذكورتين.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر دبلوماسية في نيويورك، أن باريس «لم تكن مرتاحة لنص مشروع القرار» الذي حضرته الكويت والسويد من جهة، كما أنها عبرت عن «امتعاضها» من تأخير طرحه على التصويت. وأشارت هذه المصادر إلى أن فرنسا كانت تريد «نصا أقوى» لجهة إدانة النظام لمسؤوليته في سقوط مئات القتلى والجرحى بسبب عمليات القصف العشوائي المتعددة. كما أنها كانت تدفع باتجاه أن يعرض النص على التصويت «في أسرع وقت»، رغم ترجيح أن تلجأ روسيا إلى استخدام حق النقض «الفيتو» لإجهاضه. وجدير بالذكر أن الطرفين اللذين أعدا مشروع القرار سعيا إلى «تحييد» التصويت الروسي، بمعنى الاستماع لمطالب السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا وتحديدا بخصوص أن ينص مشروع القرار بوضوح على أن الهدنة «لا تشمل» النصرة و«داعش» أو التنظيمات الأخرى المرتبطة بهما. والحال أن المخاوف الفرنسية، وفق ما أشارت إليه هذه المصادر، هو أن يتخذ النظام السوري من النصرة و«داعش» «ذريعة» لعدم احترام الهدنة كما حصل ذلك عشرات المرات في السابق الأمر الذي سيعني نسفها في أي لحظة.
أما التخوف الثاني فهو أن يحترم النظام الهدنة لوقت قصير للغاية ثم يعاود القصف بذريعة إضافية هي عدم احترام «الطرف الآخر» لبنودها. أما التخوف الثالث فمرتبط بالمهل المنصوص عليها في مشروع القرار الذي يمهل الأطراف 72 ساعة لبدء سريان الهدنة. ووفق باريس، فإن هذه المدة «طويلة وسيدفع مئات الضحايا ثمنها لأن النظام سيستغلها لإيقاع أكبر عدد منهم».
من هذا المنطلق، سعت باريس إلى «تحفيز» الطرف الروسي ودفعه إلى «تحمل مسؤولياته» بحيث يعمل على «ضبط» النظام. وقال وزير الخارجية في تصريحين صحافيين، أمس، إن روسيا «تمتلك وسائل الضغط الضرورية على بشار الأسد» لوقف الهجمات على الغوطة. فضلا عن ذلك، تريد باريس من موسكو إفساح المجال من أجل صدور القرار الدولي من جهة ومن جهة أخرى: «فرض احترام الهدنة وإيصال المساعدات الإنسانية» وإخراج الجرحى ووضع حد لهذه «الكارثة الإنسانية». وفي أي حال، فإن باريس ترى أنه «يتعين التحرك لأن التزام الجمود سيكون (تصرفا) مذنبا».
وكان ماكرون قد طالب أول من أمس بـ«هدنة إنسانية في أسرع وقت»، وندد بلجوء النظام إلى «حجة محاربة الإرهابيين لاستهداف المدنيين وبعض المعارضة».
بيد أن باريس تعي، وفق ما تقوله مصادرها، أن «الأوراق» التي في حوزتها للضغط على موسكو «ضعيفة» في حالة الغوطة الشرقية، بسبب القناعة المترسخة من أن النظام عازم بشكل قاطع على إغلاق ملف الغوطة الشرقية في مسلسل «قضم» الجيوب التي ما زالت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة. ورغم القناعة الفرنسية التي تعتبر أن إعادة انخراط واشنطن في الملف السوري «عامل قوة»، إلا أنه «غير فاعل» اليوم وعلى المدى القصير وفي ملف الغوطة الشرقية. من هنا، المراهنة على أن تفعل الضغوط الدولية فعلها بحيث تجد موسكو نفسها في مواجهة اتهامات جماعية تحملها مسؤولية الكارثة الإنسانية الجارية ما سيدفعها إلى القيام بـ«بادرة ما» على أن تلتف عليها أو تنقضها في أول فرصة.
تخوفات فرنسية من عدم احترام النظام للهدنة بذريعة «النصرة»
باريس انتقدت تأخر التصويت على قرار الغوطة الشرقية
تخوفات فرنسية من عدم احترام النظام للهدنة بذريعة «النصرة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة