شاشة الناقد

«قطار الثالثة و17 دقيقة لباريس» لكلينت إيستوود
«قطار الثالثة و17 دقيقة لباريس» لكلينت إيستوود
TT

شاشة الناقد

«قطار الثالثة و17 دقيقة لباريس» لكلينت إيستوود
«قطار الثالثة و17 دقيقة لباريس» لكلينت إيستوود

The 15:17 to Paris
إخراج: كلينت إيستوود
دراما عن أحداث حقيقية | الولايات المتحدة، 2018
تقييم:
هناك مشكلات كثيرة في فيلم كلينت إيستوود الجديد لم نعهدها في أي من أعماله السابقة. حتى بصرف النظر عن ميوله السياسية الوطنية ومعرفة الواحد منا المسبقة لما سيكون عليه موقفه من الواقعة الحقيقية التي يسردها في هذا الفيلم، فإن التجارب السابقة له علمتنا أنه يستطيع الدخول والخروج بأفكاره من دون مشكلات فنية.
«قطار الثالثة و17 دقيقة لباريس» يروي ما حدث ‫في الحادي والعشرين من شهر أغسطس (آب) سنة 2015 عندما قام ثلاثة جنود أميركيين برحلة سياحية في أوروبا بواسطة قطار ينطلق يومياً من أمستردام إلى باريس.
على متن هذا القطار رجل مغربي الأصل اسمه أيوب الخزاني يدخل الحمام ليخرج منه ومعه بندقية أراد إطلاق النار منها على الركاب. عندما ضغط على الزناد لم تخرج الرصاصة؛ ما جعل الفرصة سانحة لقيام الجنود الثلاثة بالقفز عليه وضربه وتجريده من السلاح.‬
سريعاً ما ينضوي الفيلم تحت كومة الأفلام الحديثة التي تتعامل مع بطولات وطنية. بينها بالطبع «قناص أميركي» لإيستوود و«يوم الوطنيين» لبيتر بيرغ و«قوّة من 12» لنيكولاي فولسيغ. بعض هذه الأفلام تتحدث عن بطولات دارت رحاها داخل الولايات المتحدة رداً على عمل إرهابي، كفيلم بيرغ، وبعضها الآخر ينتقل إلى خارج أميركا باحثاً عنها. هذا الفيلم يحتوي على نحو ساعة من البحث في خلفيات أبطاله الثلاث، ونصف ساعة لهم في الزمن الحاضر للفيلم ثم أقل من دقيقة لتصوير كيفية تغلبهم على أيوب وإنقاذ أرواح الركاب.
إحدى أهم مشكلات الفيلم تكمن في أن الحادثة التي هي مشهد الذروة ليس لديها الكثير لتفرزه. المشاهد سيجد نفسه في انتظار طويل لتلك الحادثة التي تتم بسرعة فائقة. طبعاً هذا ما حدث في الواقع، لكن على الشاشة فإن الأمر كان يمكن له أن يعالج بوسيلتين: البحث عن ملء الفراغ الواضح من بداية الفيلم والذي حاول سيناريو دوروثي بلايسكول الهش تغطيته بسرد الحكايات الخلفية لهؤلاء الجنود الثلاثة، فإذا بها حكايات غير مثيرة وتأخذ الوقت الغالب، ولا تؤدي إلى بلورة شيء مفيد.
الوسيلة الثانية لخلق شيء أبعد من سرد آلي السياق يمنح شخصية العربي أيوب ما تستحقه من اهتمام. فهو ليس دمية، بل شخص لديه دوافع كان يمكن تقديمها من دون الدفاع عنها، لكن الكاتبة والمخرج استخدماه بصفته مناوئاً شريراً في توظيف نمطي باهت. هذا علماً بأن الكتاب الذي وضعه أنطوني ساندلر، والذي كان من بين ثلاثة كتب قامت دوروثي بالاستعانة بها، ابتعد عن التنميط وقدم ما كان يمكن له أن يكون إثراء للعمل، من شأنه الكشف عن خلفية العربي وأفكاره وشخصيته.
الاستعانة بالشخصيات الحقيقية لتأدية أدوارها (الجنود الثلاثة) لا ينفع في منح الفيلم واقعيته؛ لأن الفيلم ليس مشروعاً واقعياً في الأساس. ولا بد أن إيستوود كان يدرك فراغات المشروع وهشاشة النص فعمد إلى أسلوبه في تأليف سرد حركي وخلق بعض التشويق في نصف الساعة الأخيرة فقط، لكن ذلك لم يكن كافياً.


مقالات ذات صلة

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما «من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة

محمد رُضا‬ (سانتا باربرا - كاليفورنيا)
سينما «موعد مع بُل بوت» (سي د.ب)

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم.

محمد رُضا‬ (لندن)

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
TT

8 أفلام عن أزمات الإنسان والوطن المُمزّق

«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬
«من المسافة صفر» (مشهراوي فَنْد)‬

تُحرّك جوائز «الأوسكار» آمال العاملين في جوانب العمل السينمائي المختلفة، وتجذبهم إلى أمنية واحدة هي، صعود منصّة حفل «الأوسكار» وتسلُّم الجائزة وإلقاء ما تيسَّر له من تعابير فرحٍ وثناء.

لا يختلف وضع العام الحالي عن الوضع في كل عام، فجميع آمال العاملين في هذه الصّناعة الفنية المبهرة يقفون على أطراف أصابعهم ينتظرون إعلان ترشيحات «الأوسكار» الأولى هذا الشهر. وحال إعلانها سيتراجع الأمل لدى من لا يجد اسمه في قائمة الترشيحات، وترتفع آمال أولئك الذين سترِد أسماؤهم فيها.

يتجلّى هذا الوضع في كل مسابقات «الأوسكار» من دون تمييز، لكنه أكثر تجلّياً في مجال الأفلام الأجنبية التي تتقدّم بها نحو 80 دولة كل سنة، تأمل كل واحدة منها أن يكون فيلمها أحد الأفلام الخمسة التي ستصل إلى الترشيحات النهائية ومنها إلى الفوز.

«ما زلت هنا» لوولتر ساليس (ڤيديو فيلمز)

من المسافة صفر

لا يختلف العام الحالي في شكل التنافس وقيمته بل بأفلامه. لدينا للمناسبة الـ97 من «الأوسكار» 89 دولة، كلّ واحدة منها سبق أن تنافست سابقاً في هذا المضمار. لكن المختلف هو بالطبع الأفلام نفسها. بعض ما شُوهد منها يستحق التقدير، والفرق شاسع بين ما يستحق التقدير وبين ما يستحق الترشيح والوصول إلى التّصفية.

الحلمُ في تحقيق هذه النقلة يسيطر على المخرجين والمنتجين العرب الذين نفّذوا أعمالهم الجديدة خلال هذه السنة وسارعوا لتقديمها.

من بينهم المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي وفّر خلال العام الحالي فيلمين، واحدٌ من إخراجه بعنوان «أحلام عابرة»، والثاني بتوقيع 22 مخرجاً ومخرجة أشرف مشهراوي على جمع أفلامهم في فيلم طويل واحد بعنوان «من المسافة صفر»، وجميعها تتحدّث عن غزة، وما حدث فيها في الأسابيع الأولى لما يُعرف بـ«طوفان الأقصى». بعض تلك الحكايا مؤثرٌ وبعضها الآخر توليفٌ روائي على تسجيلي متوقع، لكنها جميعها تكشف عن مواهب لو قُدِّر لها أن تعيش في حاضنة طبيعية لكان بعضها أنجز ما يستحق عروضاً عالمية.

لا ينحصر الوضع المؤلم في الأحداث الفلسطينية بل نجده في فيلم دانيس تانوفيتش الجديد (My Late Summer) «صيفي المتأخر». يقدم تانوفيتش فيلمه باسم البوسنة والهرسك، كما كان فعل سنة 2002 عندما فاز بـ«الأوسكار» بصفته أفضل فيلم أجنبي عن «الأرض المحايدة» (No Man‪’‬s Land). يفتح الفيلم الجديد صفحات من تاريخ الحرب التي دارت هناك وتأثيرها على شخصية بطلته.

«صيفي الأخير» لدانيس تانوفيتش (بروبيلر فيلمز)

مجازر كمبودية

تختلف المسألة بالنسبة للاشتراك الصّربي المتمثّل في «قنصل روسي» (Russian Consul) للمخرج ميروسلاڤ ليكيتش. في عام 1973 عندما كانت يوغوسلاڤيا ما زالت بلداً واحداً، عاقبت السلطات الشيوعية هناك طبيباً إثر موت مريض كان يعالجه، وأرسلته إلى كوسوڤو حيث وجد نفسه وسط تيارات انفصالية مبكرة ونزاع حول الهوية الفعلية للصرب. حسب الفيلم (الاشتراك الثاني لمخرجه للأوسكار) تنبأت الأحداث حينها بانهيار الاتحاد السوفياتي و«عودة روسيا كروسيا» وفق قول الفيلم.

التاريخ يعود مجدداً في فيلم البرازيلي والتر ساليس المعنون «ما زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) وبطلته، أيضاً، ما زالت تحمل آلاماً مبرحة منذ أن اختفى زوجها في سجون الحقبة الدكتاتورية في برازيل السبعينات.

في الإطار نفسه يعود بنا الاشتراك الكمبودي (التمويل بغالبيته فرنسي) «اجتماع مع بُل بوت» (Meeting with Pol Pot) إلى حقبة السبعينات التي شهدت مجازرعلى يد الشيوعيين الحاكمين في البلاد، ذهب ضحيتها ما بين مليون ونصف ومليوني إنسان.

وفي «أمواج» (Waves) للتشيكي ييري مادل، حكاية أخرى عن كيف ترك حكمٌ سابقٌ آثاره على ضحاياه ومن خلفهم. يدور حول دور الإعلام في الكشف عن الحقائق التي تنوي السلطة (في السبعينات كذلك) طمسها.

تبعات الحرب الأهلية في لبنان ليست خافية في فيلم ميرا شعيب «أرزة»، الذي يدور حول أم وابنها يبحثان عن سارق دراجة نارية ويتقمصان، في سبيل ذلك، شخصيات تنتمي إلى الطائفة التي قد تكون مسؤولة عن السرقة. هما سنّيان هنا وشيعيان هناك ومسيحيان أو درزيان في مواقع أخرى وذلك للتأكيد على أن التربة الطائفية ما زالت تنبض حية.

حتى كوريا الجنوبية ما زالت تحوم حول الانقلاب (وهي تعيش اليوم حالة مشابهة) الذي وقع في مثل هذا الشهر من سنة 1979 عندما اغتيل الرئيس بارك على يد رئيس شعبة الدفاع لي تايدو-غوانغ (أُلقي القبض عليه لاحقاً وأُعدم). هذا هو ثالث فيلم شاهده الناقد كاتب هذه الكلمات حول الموضوع نفسه.