2001: A Space Odyssey
(1968)
رائعة كلوزو عن تلك الطرق المحفوفة بالخطر
عندما خرج فيلم ستانلي كوبريك «2001: أوديسا الفضاء» شهد هجوماً كبيراً من قبل شريحة كبيرة من النقاد الذين استهجنوه لفكرته غير المفهومة وطريقة سرده. في المقابل، أبدى عدد آخر من النقاد ترحيباً كبيراً به كفيلم من حيث طروحاته الفكرية في قالب ينبع من التاريخ، ويصب في المستقبل، ويلغي الحاضر. هذه الفئة من النقاد زادت من حيث العدد، وها هو اليوم يحتل مكانة مرموقة بين عشاق أفلام المخرج وهواة سينما الخيال العلمي، وكذلك هواة السينما بشكل عام.
القصّـة واحدة من أعمال مؤلف روايات علمية - خيالية شهير هو آرثر س. كلارك. وتدور حول تاريخ الإنسان وتصب في مستقبله. في البداية المعنونة «فجر البشرية» نجد قبيلتين من الغوريلا تتصارعان على استحواذ بركة ماء شرب. عندما يقتل زعيم إحدى هاتين القبيلتين عدوّه اللدود بضربه بعظام حيوان ميت، يرفع حيوان الغوريلا العظمة ويرميها بقوة إلى الأعلى معلناً انتصاره. لكن ما يقصده المخرج هو أبعد من الانتصار واكتشاف القدرة على القتل واستخدام القوّة لتحقيقه.
في عام 1968 كان لا يزال هناك 42 سنة قبل أن تحل سنة 2001. ينتقل الفيلم في قفزة عريضة واحدة من التاريخ البعيد، إلى المستقبل الذي بدا حينها بعيداً أيضاً: ملاحان في مركبة فضائية في رحلة وسط الكون الحالك والغريب. كون صامت كما نعتقد حال الفضاء الشاسع البعيد. كلاهما (غاري لوكوود وكاير دوليا) يدركان أن الكومبيوتر الخاص بالمركبة (اسمه هال) يتصرف على نحو مثير للريب وما يلبث أن يبرهن هال ذلك. يتسبب في مقتل أحدهما ويبقى الصراع قائماً بين الإنسان والكومبيوتر.
إنها فكرة الصراع والسيطرة والوصول إلى الغاية عن طريق العنف، لكن بأدوات مختلفة الآن. وبالطبع ما تخيله المخرج والمؤلف لا ينطبق على الحال اليوم، حتى رحلات الفضاء التي كانت في غاية الأهمية لم تعد كذلك اليوم، لكن الصراع تبلور كحقيقة، ونحن البشر نواجه عدوّاً ابتكرناه فانقلب علينا.
فيلم كوبريك عن العقل والمعرفة: عن صعود وهبوط متوازيين: عقل الإنسان ولّـد الوحش الذي سيحاول إخضاعه. وفي الفيلم ثلاث ثورات: الأولى للقردة التي اكتشفت معنى «السلاح»، والثانية للإنسان الذي صنع الكومبيوتر، والثالثة هي للكومبيوتر الذي تجاوز الذكاء الإنساني. كل هذه التفاصيل تم صهرها في عمل مدمج بإبداع تكنولوجي مبهر. الذكاء الذي يمارسه الإنسان في الفيلم متعاوناً مع التكنولوجيا هو ذاته الذي مارسه المخرج مستعيناً بأفضل ما استطاعت التكنولوجيا توفيره في مجال المؤثرات البصرية.
حقق كوبريك فيلماً خيالياً - علمياً، وأنجز كذلك عملاً لا يعرف العقدة التقليدية. هذا لم يضعف الفيلم مطلقاً؛ لأن المخرج لم يكن مغيباً عن طريقة تنفيذ الفيلم. لذلك؛ يبقى الغموض الناتج من تغيير نمط السرد الروائي وعدم توفير الإجابات سبيلاً لإثارة التشويق والأسئلة والألغاز.