ماذا تعرف عن الغوطة الشرقية؟

الدخان يرتفع من أحد المباني بعد القصف على قرية مسرابا في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة (أ.ف.ب)
الدخان يرتفع من أحد المباني بعد القصف على قرية مسرابا في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة (أ.ف.ب)
TT

ماذا تعرف عن الغوطة الشرقية؟

الدخان يرتفع من أحد المباني بعد القصف على قرية مسرابا في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة (أ.ف.ب)
الدخان يرتفع من أحد المباني بعد القصف على قرية مسرابا في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة (أ.ف.ب)

تحظى الغوطة الشرقية المحاصرة بشكل محكم منذ عام 2013 بأهمية مزدوجة لدى الفصائل المعارضة السورية كونها آخر أبرز معاقلها، وكذلك لدى القوات الحكومية التي تسعى لضمان أمن دمشق، بعدما تمكنت من استعادة السيطرة على أكثر من نصف مساحة سوريا.
تقع الغوطة الشرقية وبدايتها في مدينة دوما، وتمتد نحو الشرق والجنوب محيطة بمدينة دمشق ببساط أخضر وكثافة أشجار الفواكه الشامية الشهيرة التي أحرقتها نيران الحرب الغارقة فيها سوريا منذ 7 سنوات. ويعيش فيها حالياً نحو 400 ألف شخص، وفق الأمم المتحدة.
انضمت بلدات الغوطة الشرقية في عام 2011 إلى موجة المظاهرات التي عمّت كثيراً من المناطق السورية ضد النظام، لكنها ووجهت بقمع شديد من الأجهزة الأمنية، وتحولت الاحتجاجات السلمية بعد ذلك إلى نزاع مسلح.
وسيطرت الفصائل المعارضة على بلدات في الغوطة الشرقية عام 2012، وأطلقت منها في منتصف العام ذاته معركة دمشق. وتمكن المقاتلون المعارضون وقتها من السيطرة على أحياء عدة في العاصمة، إلا أن قوات النظام استعادتها بعد أسبوعين. وانكفأت الفصائل المعارضة إلى أحياء في الأطراف وقرى وبلدات الغوطة الشرقية.
وخلال سنوات طويلة، تعرضت الغوطة الشرقية لقصف مدفعي وجوي عنيف من قبل قوات النظام أودى بآلاف المدنيين، وأسفر عن دمار كبير في الأبنية والبنى التحتية.
وفرضت قوات النظام السوري منذ عام 2013 حصاراً محكماً على الغوطة الشرقية، ولم تصلها في بعض الأحيان المساعدات الإنسانية لأشهر طويلة، ما دعا سكانها إلى ابتكار طرق جديدة لتأمين حاجاتهم من الوقود المصنع من البلاستيك المحروق أو الألواح الشمسية المتنقلة لضخ المياه.
وكانت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) قد أعلنت العام الماضي، أن الغوطة الشرقية سجلت أعلى نسبة سوء تغذية بين الأطفال منذ بدء النزاع في سوريا في عام 2011.
وفي مايو (أيار) الماضي، توصلت روسيا وإيران، أبرز حلفاء دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة في آستانة إلى اتفاق ينص على إنشاء 4 مناطق خفض توتر في سوريا بينها الغوطة الشرقية.
وبدأ تنفيذ اتفاق خفض التوتر في الغوطة الشرقية في يوليو (تموز) الماضي، وينص على وقف الأعمال القتالية بما فيها الغارات الجوية، بالإضافة إلى نشر قوات من الدول الضامنة لمراقبة تطبيقه.
وأسهم اتفاق خفض التوتر في توقف المعارك والغارات العنيفة التي كانت تستهدف الغوطة الشرقية. لكن توقف المعارك لم يكن مصحوباً بتكثيف وتيرة إدخال المساعدات، أحد بنود اتفاق خفض التوتر.
ولكن هذا الاتفاق تعرض لانتهاكات كبرى آخرها هذا الأسبوع، حيث كثفت قوات النظام ضرباتها بالغارات والمدافع والصواريخ، وارتفع عدد القتلى اليوم (الثلاثاء)، إلى 194 قتيلاً في الساعات الـ36 الماضية، ويعد هذا الرقم هو الأعلى منذ 3 سنوات، بين القتلى؛ أطفال ونساء، جراء القصف الجوي والمدفعي المكثف على مدن وبلدات المدينة، وفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.