أنقرة تلوح بـ«القضاء» على قوات النظام إذا دخلت عفرين لحماية «الوحدات»

إردوغان يبحث مع بوتين تطورات «غصن الزيتون» و«نقاط المراقبة» في إدلب

مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)
TT

أنقرة تلوح بـ«القضاء» على قوات النظام إذا دخلت عفرين لحماية «الوحدات»

مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)
مقاتلون من المعارضة السورية قرب عفرين أمس (رويترز)

هددت أنقرة بضرب أي قوات تابعة للنظام السوري حال دخولها عفرين لحماية «وحدات حماية الشعب» الكردية، وأشارت إلى أنها «سترحب» بها إذا كانت ستشارك في القتال ضد «الوحدات»، في وقت أجرى فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان اتصالاً هاتفياً، أمس، بنظيره الروسي فلاديمير بوتين لبحث آخر التطورات في عفرين وإدلب.
وقالت مصادر بالرئاسة التركية إن إردوغان وبوتين أكدا «تصميمهما على استمرار التعاون في مكافحة الإرهاب والعمل بشكل متضافر»، وأضافت أن الرئيسين «تناولا أيضاً مسألة تشكيل نقاط مراقبة جديدة في مناطق خفض التوتر بمحافظة إدلب السورية».
وكانت الجيش التركي أعلن الأسبوع الماضي الانتهاء من إقامة نقطة المراقبة الثامنة في معرة النعمان بين 12 نقطة مراقبة تم الاتفاق على إقامتها داخل إدلب بالاتفاق بين تركيا وروسيا وإيران بصفتها دولا ضامنة خلال مباحثات آستانة.
وجاء الاتصال الهاتفي بين إردوغان وبوتين، في وقت أفاد فيه الإعلام الرسمي السوري أمس بأن قوات «شعبية» متحالفة مع النظام ستدخل عفرين بشمال غربي البلاد خلال ساعات، بعدما قال مسؤول كردي إنه تم التوصل لاتفاق مع جيش النظام السوري على مساعدة القوات الكردية في صد الهجوم التركي، في إشارة إلى عملية «غصن الزيتون» التي ينفذها الجيش التركي مع فصائل من «الجيش السوري الحر» ضد «وحدات حماية الشعب» الكردية في عفرين.
وبحسب «رويترز»، كان مسؤول كردي سوري كبير قال أول من أمس إن «القوات الكردية السورية وحكومة دمشق توصلتا لاتفاق على دخول جيش النظام السوري إلى عفرين وقد يُنفذ الاتفاق خلال يومين».
وتحظى كل الاتفاقات بين الحكومة السورية والأكراد بمتابعة عن كثب لأنها قد تكون محورية في تحديد مسار الحرب في المستقبل؛ إذ يسيطر الجانبان على مساحات أكبر من أي طرف آخر في الصراع.
وقال بدران جيا كرد، الذي يعمل مستشارا للإدارة التي يرأسها الأكراد بشمال سوريا وتدير قطاعات من منطقة شمال البلاد، لـ«رويترز» إن «قوات الجيش النظامي السوري ستنتشر على طول بعض المواقع الحدودية بموجب الاتفاق مع النظام». وأضاف أن الاتفاق لا يتعلق سوى بالجوانب العسكرية فقط، وأن أي اتفاقات سياسية أو غيرها سيجري التفاوض بشأنها بين دمشق والإدارة الكردية لاحقا، وأن بعض المعارضة للاتفاق قد يحول دون تنفيذه.
وردا على إعلان النظام السوري عن إرسال قوات شعبية إلى عفرين، قالت تركيا إنها «سترحب بأي تحرك سوري إلى داخل عفرين للتخلص من (وحدات حماية الشعب الكردية)، ولكن إذا دخلت القوات السورية لحماية المقاتلين الأكراد، فسيستمر الهجوم التركي وسيقضي على القوات التي يرسلها النظام».
وقال وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو إنه «إذا دخل النظام هناك لتطهير المنطقة من حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي، فلا توجد مشكلة، لكن إذا جاء جيش النظام للدفاع عن (وحدات حماية الشعب) الكردية (الذراع العسكرية للاتحاد الديمقراطي)، فحينها لا شيء ولا أحد يمكنه وقفنا أو وقف الجنود الأتراك». وأكد جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مع نظيره الأردني أيمن الصفدي في عمّان أن هذا الأمر ينطبق على عفرين، ومنبج (التي توجد بها قوات أميركية)، والمناطق الواقعة تحت سيطرة «الاتحاد الديمقراطي» في شرق نهر الفرات.
وأشار جاويش أوغلو إلى أن تركيا «نفذت عملية (درع الفرات) من أجل تطهير المنطقة الحدودية من إرهابيي تنظيم داعش، والآن تقوم بعملية (غصن الزيتون) بهدف تطهير منطقة عفرين من (إرهابيي) (الوحدات) الكردية و(العمال الكردستاني) الذين يهاجمون تركيا من تلك المنطقة».
وشدد جاويش أوغلو على أن بلاده أكدت دائماً حرصها على وحدة الأراضي السورية، ولفت إلى أن رئيس هيئة أركان الجيش التركي خلوصي أكار سيزور الأردن الثلاثاء لبحث التعاون العسكري التركي - الأردني والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، كما سيزوره رئيس الوزراء بن علي يلدريم خلال الأيام المقبلة لتقوية العلاقات الثنائية بين البلدين.
في غضون ذلك، دخلت عملية «غصن الزيتون» في عفرين شهرها الثاني أمس، واستهدفت المدفعية التركية، في ولاية هاطاي الحدودية مع سوريا، مواقع «الوحدات» الكردية في غرب عفرين. وتمكنت القوات التركية و«الجيش السوري الحر»، أمس، من السيطرة على 3 قرى وتلة استراتيجية في محيط عفرين هي: «إيكي دام»، و«شلتاح»، و«مرساوا»، التابعة لناحية شران، شمال عفرين، و«تلة 687»، في ناحية راجو، غرب عفرين.
كما استولت القوات المشاركة في العملية على قمة «النبي هوري» التاريخية التابعة لناحية شران شمال عفرين، وتوجد فيها قلعة «النبي هوري» وجسر يعود للعصر الروماني، وبعض البقايا الأثرية.
وارتفع عدد النقاط التي سيطرت عليها قوات عملية «غصن الزيتون» إلى 73 نقطة بينها مركز ناحية، و50 قرية، و3 مزارع، و19 جبلا وتلة استراتيجية. وأعلن الجيش التركي أمس تحييد 1641 مسلحا منذ بدء عملية «غصن الزيتون» في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وواصل الجيش التركي إرسال تعزيزات عسكرية، بينها دبابات، إلى الوحدات المنتشرة على حدود البلاد الجنوبية. ووصلت إلى ولاية كليس التركية المحاذية للحدود مع سوريا، أمس، دفعة جديدة من التعزيزات العسكرية المرسلة إلى القوات المتمركزة على الحدود التركية السورية، ضمت 7 شاحنات عسكرية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».