مرشحون موالون للنظام السوري ينافسون «المستقبل» في معاقله

يسعون إلى قلب الأكثرية النيابية لصالح محور «حزب الله»

الحريري خلال لقاء مع عائلات بيروتية أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال لقاء مع عائلات بيروتية أمس (دالاتي ونهرا)
TT

مرشحون موالون للنظام السوري ينافسون «المستقبل» في معاقله

الحريري خلال لقاء مع عائلات بيروتية أمس (دالاتي ونهرا)
الحريري خلال لقاء مع عائلات بيروتية أمس (دالاتي ونهرا)

فتح القانون الانتخابي الجديد، الطريق أمام شخصيات سياسية وإعلامية لبنانية موالية للنظام السوري، لدخول الندوة البرلمانية من الباب الواسع، باعتبار أن ما عجز هؤلاء عن تحقيقه منذ خروج نظام الوصاية من لبنان، قدّمه لهم طابخو القانون النسبي على طبق من فضّة، ومهّد لقلب الأكثرية النيابية المطلقة لصالح ما يسمّى بـ«محور الممانعة والمقاومة».
وإذا كان من المبكّر الحكم على نتائج الانتخابات قبل معرفة ما ستحمله صناديق الاقتراع في السادس من مايو (أيار) المقبل، إلا أن القانون الذي اعتمد النظام النسبي لأول مرّة في تاريخ لبنان، منح حلفاء النظام السوري قوّة معنوية تجعلهم يراهنون على نجاح شبه مؤكد، وهو ما يرجّح خضوع المجلس النيابي الجديد، إلى «حزب الله»، وفق تقدير النائب والوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون، الذي اعتبر في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العيب الكبير الذي يعتري قانون الانتخابات هو أنه قسّم المناطق اللبنانية بين مسيحية وإسلامية، لغاية واحدة، هي محاصرة الرئيس سعد الحريري، وحصر تمثيله بالشارع السني، بعدما كان تياره (المستقبل) عابراً للطوائف، وهذه لعبة مدبّرة من «حزب الله»، والمؤسف أن الحريري سار فيها».
وكشف بيضون أن «حزب الله يخطط للحصول على 8 نواب سنة، بالإضافة إلى وضع يده على النواب الشيعة، وأعتقد أن سعد الحريري يمكنه الحصول على كتلة شيعية، عبر تبنيه مرشحين شيعة، شرط ألا يخضع لضغوط من الرئيس نبيه بري»، معتبرا أن «قسماً كبيراً من هذه الانتخابات ستجري بالتزوير». وسأل: «هل يستطيع أي مرشح شيعي في الجنوب أن ينظم حملات انتخابية ولقاءات شعبية وزيارات للمناطق؟ هذا أمر مستحيل»، مشيراً إلى أن المجلس النيابي الجديد «سيكون بيد «حزب الله» وحلفاء النظام السوري، والمجتمع الدولي سيعرف حينها أن «حزب الله» سيطر على البرلمان بقوة السلاح وليس بالاقتراع، وهذا أمر خطير». وشدد بيضون على أن «تسليم البلد للحزب ستكون له تداعيات كارثية، وهو ما دلّت عليه أجواء تصريحات ريكس تيلرسون (وزير الخارجية الأميركي) خلال زيارته بيروت ولقائه الرؤساء ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري، لأنه سيزيد من عزلة لبنان، ويعرضه للعقوبات والحصار، وسيرتد ذلك على الوضع الاقتصادي المترنّح أصلاً».
ويتحضّر الحلفاء التقليديون للنظام السوري لخوض غمار المعركة الانتخابية، عبر نسج تحالفات مع أحزاب موالية لدمشق، أبرزهم النائب السابق أسامة سعد في صيدا (جنوب لبنان)، وعبد الرحيم مراد وفيصل الداود (البقاع الغربي)، وفيصل كرامي في طرابلس، وجهاد الصمد في الضنية، ووجيه البعريني في عكّار (شمال لبنان) بالإضافة إلى عدد كبير من الوجوه السياسية والإعلامية التي ستكون على لوائح الثنائي الشيعي حركة «أمل» و«حزب الله» في عدد من المناطق اللبنانية، ومنها العاصمة بيروت، وهذا مؤشر على أن هؤلاء سينافسون تيار «المستقبل» في الدوائر ذات الغالبية السنيّة.
وما كان يقال في السرّ بات يطرح في البرامج الانتخابية، حيث أعلن النائب السابق وجيه البعريني أنه قدم ترشيحه رسمياً لوزارة الداخلية الأسبوع الماضي عن دائرة عكار (شمال لبنان)، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه سيخوض الانتخابات على «أساس أن القناعات والخيارات طبعت حياته السياسية والنيابية». وقال: «بالدرجة الأولى خطي لبناني مائة في المائة، وسيكون مشروعي تكريس العيش المشترك، والعمل على إنماء عكار وتنفيذ المشاريع الإنمائية التي أقرتها الحكومة الأولى للرئيس الشهيد رفيق الحريري على قاعدة الإنماء المتوازن لكل المناطق اللبنانية».
ويعترف البعريني بأن خياراته السياسية لم تتبدّل، داعياً إلى «عدم تضييع البوصلة، والمضي في خطّ الدفاع عن القدس وفلسطين، مع كلّ من يعمل على هذه الاتجاه، «حزب الله» ومحور الممانعة والمقاومة الذي يقف ضدّ إسرائيل، وعلى رأسهم سوريا، وأنا لا أستحي بهذا الخط». وأوضح أن القانون الجديد «جيّد لأنه يعتمد النسبية ويعطي حظوظاً لوجود تنوع أكبر داخل البرلمان، لكنه معقد وصعب»، لافتاً إلى أن «أبناء عكار سيختارون من يمثلهم في الندوة البرلمانية، ومن يؤمن بخياراتهم السياسية». وإذ رفض الكشف عن أسماء الشخصيات التي ستكون معه في اللائحة، أوضح أن كل المرشحين معه «ينتمون إلى نفس الخط الوطني والقومي العروبي المقاوم».
وتنسحب طروحات البعريني على كلّ المرشحين من «حلفاء سوريا» الذين يرفعون شعارات «الممانعة والمقاومة»، ويتباهون بهذا الانتماء. وأعلن النائب السابق فيصل الداود، المرشّح عن المقعد الدرزي في البقاع الغربي، أن اللائحة التي ينضم إليها باتت مكتملة، وكشف لـ«الشرق الأوسط»، عن أن هذه اللائحة «سيرأسها الوزير (السابق) عبد الرحيم مراد مع تحالف حركة «أمل» و«حزب الله» وهي لائحة قوية»، معتبراً أن القانون الجديد أفضل من السابق لأنه يعتمد النسبية ويشكل مدخلاً لإلغاء الطائفية السياسية.
وجدد الداود تأكيده أن لائحته «ستخوض الانتخابات وفق الخط الوطني المتجسّد بمحور المقاومة والممانعة وسوريا، وسنمضي بهذا الالتزام ضمن الخيارات الوطنية والقومية». وقال «قاعدتنا الشعبية لا تزال تؤمن بخيار المقاومة رغم كل الظروف التي مررنا بها، ونتائج الانتخابات ستكرّس الأكثرية لهذا الخط، الذي حقق انتصارات في سوريا وأفشل المشروع الأميركي في المنطقة»، مؤكداً أن «تبدّل الظروف لم تبدّل في قناعات اللبنانيين الرافضين لمنهج تدمير الدول العربية من تونس إلى مصر وليبيا والعراق وصولاً إلى سوريا». وشدد الداود على أن «اختلاف اللبنانيين حول بعض التفاصيل، لا يعني أنهم مختلفون على الخيارات الاستراتيجية وعلى العداء لإسرائيل التي تشكل تهديداً للسيادة اللبنانية، كما تفعل الآن في بناء الجدار الفاصل وتحاول الاعتداء على الثروة النفطية».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.