السودان: إطلاق سراح العشرات من معتقلي احتجاجات الخبز والغلاء

مساعد البشير يعتبر الإفراج عنهم خطوة باتجاه الحوار الوطني

TT

السودان: إطلاق سراح العشرات من معتقلي احتجاجات الخبز والغلاء

أطلقت سلطات الأمن السوداني أكثر من 80 معتقلا، بينهم سياسيون ونشطاء وصحافيون ونساء، كانت قد احتجزتهم لأسابيع، على خلفية احتجاجات ومظاهرات منددة بالغلاء وارتفاع أسعار الخبز والسلع الأساسية، التي اجتاحت البلاد منذ منتصف الشهر الماضي.
وقال مساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق المهدي، في تصريحات بسجن «كوبر» الشهير بالخرطوم أمس، إن الرئيس البشير أصدر مرسوماً رئاسيا أعفى بموجبه «جميع المعتقلين» بمن فيهم القادة السياسيون والنشطاء والصحافيون والطلاب.
ووجهت سلطات الأمن في وقت باكر من عصر أمس الدعوة لوسائل الإعلام ومراسلي الوكالات والصحف الدولية، لحضور مراسم إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، في سابقة غير معهودة في حالات إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
وأوضح مساعد البشير، أن القرار الرئاسي يهدف لمعالجة أسباب الاعتقالات، وليس العرض، وأن الهدف منه تحقيق المصالحة الوطنية، ومعالجة مشكلات الوطن عن طريق الحوار.
وقال إن الذين أفرج عنهم يبلغ عددهم أكثر من ثمانين معتقلاً من الرجال والنساء، بيد أن تقديرات المعارضة ومنظمات حقوقية، قدرت أعداد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات بأكثر من مائتي معتقل.
وبحسب مراسل «الشرق الأوسط» فإن كلا من نائب رئيس حزب الأمة فضل برمة، ونجل المهدي الصديق، والأمينة العامة للحزب سارة نقد الله، والصحافية أمل هباني، أطلق سراحهم ليلة أمس، فيما قال مساعد البشير، إن عملية إطلاق السراح ستتواصل حتى اليوم، وأن عمليات إطلاق السراح ستبدأ بالنساء والطلاب.
وفي لحظة إطلاق سراحهن هتفت مجموعة من المعتقلات المفرج عنهن بشعارات مناوئة لنظام الحكم، وهتفن «حرية... حرية... الثورة خيار الشعب»، فيما ردد العشرات من ذوي المعتقلين الذين تجمعوا خارج السجن، هتافات مناوئة للاعتقال وانتهاك الحريات الدستورية.
وقال نائب رئيس حزب الأمة فضل برمة في تصريحات داخل السجن قبيل إطلاق سراحه للصحافيين، إنهم اعتقلوا بسبب الاحتجاجات السلمية، وطالب السلطات بإتاحة الحريات السياسية، وحرية التجمع والتظاهر التي يكلفها الدستور.
فيما ندد نجل المهدي الصديق، بظروف الاعتقال، وتعرض بعض المعتقلين لعمليات تعذيب، بيد أنه نفى أن يكون قد تعرض شخصياً لتعذيب مادي، مؤكدا تعرضه لتعذيب معنوي وإهانات.
يشار إلى أن سلطات الأمن اعتقلت عشرات القادة السياسيين والنشطاء والصحافيين والطلاب والنساء، بسبب الاحتجاجات التي قادتها المعارضة، ضد موازنة العام 2018 والتي أدت لارتفاع غير مسبوق في أسعار الخبز والسلع الرئيسية، وإلى انخفاض مريع في سعر العملة الوطنية، مقابل العملات الأجنبية.
وأطلقت سلطات الأمن من قبل عدد من المعتقلين السياسيين والنشطاء والصحافيين، وقالت إنها أكملت إطلاق سراح كل المعتقلين المتبقين، وذلك بعد أيام قليلة من إعادة تعيين الفريق صلاح عبد الله «قوش» مديراً لجهاز الأمن، خلفاً للفريق محمد عطا المولى الذي اعتقل المفرج عنهم في عهده.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.