الصناعة الألمانية تنتظر «وضوحاً» من تيريزا ماي

TT

الصناعة الألمانية تنتظر «وضوحاً» من تيريزا ماي

يبدو أن تلكؤ أوروبا وبريطانيا في التوصل إلى اتفاق بشأن «بريكست» صار يقلق اتحاد الصناعة الألماني أكثر مما يقلق حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، إذ قال ياخيم لانغ، رئيس الاتحاد الألماني للصناعة، لوكالة الأنباء الألمانية، إن الشركات على طرفي بحر المانش تنتظر وضوحاً في الموقف، وأضاف: «لا يرضي الاقتصاد أن تكتفي الحكومة البريطانية ببعض الوزراء البارزين الذي يلونون مرحلة ما بعد (بريكست) بألوان ذهبية».
ورئيس اتحاد الصناعة الألماني يقصد بذلك حديث وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، الذي أكد من جديد على الحرية الاقتصادية التي ستتمتع بريطانيا بها بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأضاف لانغ أن الخطب المنمقة والجدل العقيم تزعزع أمن الاقتصاد، وتعزز الشك بموقع بريطانيا الاقتصادي. وقال إنه ما يزال يفتقد إلى الوضوح في الهدف في العلاقة المستقبلية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ودعا إلى تسريع عجلة المفاوضات بين الطرفين.
والقلق من تعثر «بريكست»، وتحوله إلى عارض اقتصادي يقف بوجه الصناعة الألمانية، يؤكده موقف معهد الدراسات الاقتصادية في ميونيخ، وهو معهد ممول من جامعة ميونيخ وحكومة بافاريا، التي يقودها الاتحاد الاجتماعي المسيحي. وقد نصح كليمنس فوست، رئيس المعهد، المستشارة أنجيلا ميركل، قبل ساعات من لقائها مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، بالتمسك بوضع موعد محدد لـ«بريكست»، وللاتفاقات حول ما بعد «بريكست»، والتشبث بذلك في كل الأحوال.
وأضاف فوست أن على ميركل أن تضمن عدم انقطاع المفاوضات، وعدم انقطاع العلاقات التجارية بين ألمانيا وبريطانيا. وحذر فوست من أن «بريكست» سيكون ضد مصالح الاقتصاد الألمانية، خصوصاً قطاع صناعة السيارات. كما يعتقد مسؤولون ألمان، كما جاء في تقرير الوكالة الألمانية، أن الإخفاق في التوصل لاتفاق مع لندن قبل رحيل بريطانيا رسمياً عن الاتحاد، في مارس (آذار) 2019، ستكون له تداعيات على بريطانيا أخطر من بقية الدول الأعضاء.
واجتمعت تيريزا ماي، الجمعة، مع ميركل، على أمل حل الأزمة التي تواجه محاولاتها للتفاوض على اتفاق لخروج بلادها من الاتحاد الأوروبي. ويقول مسؤولون ألمان إنهم يشعرون بالإحباط بسبب غموض بريطانيا فيما يتعلق بما تريده عقب الانفصال، بما في ذلك نظام جديد للجمارك تريد تطبيقه، وإلى أي مدى ستتمسك بقواعد الاتحاد الخاصة بالخدمات والسلع. وأشار مسؤولون ألمان إلى أنه ليس هناك ما يدعو لأن تغير برلين موقفها من انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حين تشكل حكومة ائتلافية جديدة في نهاية المطاف.
وسبق لميشال بارنير، كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، أن دعا بريطانيا في الأسبوع الماضي إلى موقف سريع يكشف خططها الاقتصادية لفترة ما بعد «بريكست». وواقع الحال أن الخلاف في المفاوضات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي يتركز على المطالب الأوروبية الداعية إلى بقاء بريطانيا عملياً داخل السوق الأوروبية، وضمن الشروط الاقتصادية الأوروبية وقوانين الجمارك الأوروبية، حتى سنة 2020. كما بقي الخلاف بين الطرفين على شكل العلاقات الاقتصادية بين الطرفين في مرحلة ما بعد «بريكست»، رغم إصرار الجميع على أنهم يعيشون في أوروبا واحدة. ويبدي الاتحاد الأوروبي قلقه من عدم وضوح في الموقف البريطاني، رغم مرور أكثر من 19 شهراً على الاستفتاء العام الذي وضع بريطانيا خارج الاتحاد.
ويعتقد مفاوضو الاتحاد الأوروبي أن الجانب البريطاني، ببرودته الإنجليزية، لا يمتلك تصوراً ثابتاً له عن خريطة الخروج، وعن مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي. وبدلاً من التفاهم، اختار البريطانيون الخلاف نهجاً في الفترة الأخيرة بين الحكومة والبرلمان. ويطالب أحد الطرفين بالاستقلال التام عن الاتحاد الأوروبي بأي ثمن، بينما يطالب الطرف الثاني بالحفاظ على أواصر العلاقات الاقتصادية والسياسية مع الاتحاد، رغم «بريكست».
وفي حين ينتظر الاتحاد الأوروبي وضوحاً في الموقف ما بعد «بريكست»، تتصاعد الدعوات في بريطانيا من أجل إعادة الاستفتاء حول العضوية في الاتحاد الأوروبي. ولا تزال حكومة المحافظين، بقيادة ماي، منقسمة بشأن طبيعة العلاقة التي يجب أن ترتبط بها بريطانيا مع الاتحاد. ويمارس المتشككون في الاتحاد داخل حزبها، مثل وزير الخارجية بوريس جونسون، ضغوطاً على ماي لتبتعد ببريطانيا عن قواعد التكتل، لكن هناك آخرين، مثل وزير الخزانة فيليب هاموند، يحبذون إجراء أقل تغييرات ممكنة. ويشمل الخلاف بين أوروبا وبريطانيا السياسة التجارية بين الطرفين، وذلك رغم تأكيد وزير المالية فيليب هاموند على تغيير طفيف فقط في هذه السياسة. وقد أثار هذا التصريح غضب أنصار «بريكست»، وعلقت ماي عليه بالقول إن الوزير لا يتحدث باسم الحكومة، إذ تفضل ماي الاحتفاظ بالعلاقة التجارية مع الاتحاد الأوروبي، لكنها تود تحرير هذه التجارة من شروط الاتحاد الأوروبي. وقد أثار هذا الموقف المؤيدين لـ«بريكست مخفف»، من الذين يعتقدون أن الاحتفاظ بالعلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي غير ممكن دون الالتزام بالشروط الأوروبية.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».