قمة بين مودي وروحاني لتوطيد العلاقات سياسياً واقتصادياً

في إطار سعي الحكومة الهندية لسياسة خارجية مستقلة في غرب آسيا

صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني لدى وصوله إلى مدينة حيدر آباد الهندية أمس
صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني لدى وصوله إلى مدينة حيدر آباد الهندية أمس
TT

قمة بين مودي وروحاني لتوطيد العلاقات سياسياً واقتصادياً

صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني لدى وصوله إلى مدينة حيدر آباد الهندية أمس
صورة نشرها موقع الرئيس الإيراني لدى وصوله إلى مدينة حيدر آباد الهندية أمس

في أعقاب استضافة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في زيارة الهند، الشهر الماضي، وزيارته إلى فلسطين، خلال الشهر الحالي، يلتقي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم، مما يعد انعكاساً واضحاً للسياسة الخارجية المستقلة وذات الأهمية للمصالح الهندية الاستراتيجية، في تحد واضح للروابط التي تجمع إيران مع كثير من الدول الصديقة للهند.
ولقد وصل روحاني أمس في زيارته الأولى الرسمية للهند، التي تستغرق 3 أيام بعد انتخابه رئيساً لإيران عام 2013.
ويرى المحللون أن زيارة روحاني هي نتيجة للمناورات الهندية الجادة عبر مختلف التحالفات في منطقة الشرق الأوسط، التي تضم نحو 7 ملايين من العمالة الهندية الوافدة، وتُعتبر مصدر التحويلات الأجنبية الرئيسية إلى شبه القارة الهندية.
وقال فيفيك كاتجو الدبلوماسي الأسبق في وزارة الخارجية الهندية: «تعكس زيارة روحاني النجاح الذي حققته دبلوماسية غرب آسيا الفعالة والناجحة لحكومة مودي، إذ يسعى لتوطيد الروابط مع إيران لخدمة المصالح الجيوسياسية والاقتصادية الهندية. ولقد تعامل السيد مودي بصورة مستقلة مع كثير من البلدان بغية تعزيز المصالح الهندية، الاقتصادية الاستراتيجية على حد سواء، التي تُعتَبَر كبيرة للغاية في هذه المنطقة».
ولقد هبطت طائرة الرئاسة الإيرانية في مدينة حيدر آباد مباشرة، بدلاً من العاصمة الوطنية نيودلهي. وسوف يغادرها إلى العاصمة يوم السبت المقبل، حيث من المتوقَّع أن يوقع على مذكرة للتفاهم مع الحكومة الهندية.
وذكرت الخارجية الهندية أنه سوف يقام حفل استقبال رسمي للرئيس الإيراني يوم 17 فبراير (شباط).
ولقد صُممت مدينة حيدر آباد الهندية على غرار التخطيط المعماري لمدينة أصفهان الإيرانية الحالية منذ أكثر من 400 سنة، وكان المهندس المعماري الرئيسي للمدينة من أصول إيرانية. وللمرة الأولى خلال 325 عاماً، سوف يكون الرئيس روحاني أول رئيس دولة يلقي خطبة الجمعة في مسجد مكة الكبير بالمدينة، الذي تم بناؤه بالكامل في عام 1694 ميلاديّاً، أي بعد 74 عاماً من وضع حجر الأساس بواسطة قطب شاهي حاكم السلطان محمد على المدينة في عام 1616. وسوف تكون هذه الزيارة هي الثانية للسيد روحاني إلى حيدر آباد، وكانت الزيارة الأولى عندما كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي في عام 2003.
وتأتي زيارة الرئيس الإيراني بعد زيارة مودي إلى طهران في عام 2016.
التحديات السياسية الحقيقية
وأكثر ما يميز زيارة الرئيس الإيراني للهند هو توقيت الزيارة - إذ تأتي هذه الزيارة في منعطف تتصاعد خلاله التوترات في خضم المواجهة الإيرانية الأميركية وغير ذلك من التطورات في منطقة غرب آسيا. أما بالنسبة إلى الهند، تُعتَبَر إسرائيل من الشركاء الرئيسيين في مبادرات مكافحة الإرهاب فضلاً عن الجهود المبذولة لجذب الابتكارات والتكنولوجيات المتطورة من أجل تعزيز قاعدة التصنيع التحويلي الهندية.
وتُعتَبر دول أخرى مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من المصادر الحيوية للطاقة بالنسبة للهند، كما أنها تستضيف كذلك أعداداً كبيرة من العمالة الهندية الوافدة. وكانت الهند هي ضيف الشرف في مهرجان الجنادرية السعودي، الأسبوع الماضي، وكان السيد مودي هو المتحدث الرسمي في قمة الحكومة العالمية التي استضافتها دولة الإمارات في الآونة الأخيرة.
وذكرت وسائل الإعلام نقلا عن مصادر مطلعة لدى مكتب رئيس الوزراء الهندي أن الرئيس دونالد ترمب قد اتصل هاتفياً بالسيد مودي يوم 9 فبراير من أجل استعراض مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك. وقبل أكثر من شهر مضى، أعلن ترمب عن استراتيجية الأمن القومي الأميركية لعام 2018، التي اعتبرت إيران أنها تشكل تهديداً لأمن الولايات المتحدة وحلفائها في منطقة الشرق الأوسط. ومن المثير للاهتمام، أنه لم يصدر أي بيان رسمي من جانب الهند بشأن ما جرى بين السيد ترمب والسيد مودي في المحادثة الهاتفية الأخيرة.
في هذا الصدد، تقول الصحافية الهندية سوهاسيني حيدر إن «زيارة روحاني تأتي وسط تهديدات الرئيس الأميركي بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران عام 2015 بشأن برنامجها النووي المثير للجدل. وكانت استراتيجية الدفاع الهندية الإيرانية من نقاط الخلاف طويلة الأمد بالنسبة للولايات المتحدة، وظلت بارزة على رادار القوة العظمى طوال الوقت، وكانت واشنطن دائماً ما تدعو الهند إلى قطع علاقاتها الدفاعية مع إيران. مما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة للهند».
كانت الحدود المشتركة تجمع بين الهند وإيران حتى عام 1947، حيث أصبحت الحدود جزءاً لا يتجزأ من باكستان التي تشكلت بناء على تقسيم الهند الموحدة سابقا تحت الحكم البريطاني. وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإيران قد أقيمت في عام 1950.
بدوره قال الدبلوماسي الهندي إم كيه بهادراكومار: «إن التفاهم الهندي الإيراني المشترك قد بلغ حد النضج لدرجة أن كلا الجانبين لا يتقدم بمطالب تتعلق بالاستقلال الاستراتيجي للجانب الآخر. وتحظى الهند بالحرية في اختيار ما تشاء، إذ يمكنها المحافظة على العلاقات القوية مع دولة إسرائيل، وكذلك مع الدول الخليجية الغنية بالنفط، وبعض منها على خصومة واضحة مع النظام الإيراني. وعلى نحو مماثل، فإن العلاقات الإيرانية القوية مع الصين إلى جانب مصالحها الخاصة في تعزيز روابطها مع باكستان لا تثير أي قدر من الاستياء لدى نيودلهي. إذ بذلت الهند جهودا مضنية كي تنأى بنفسها عن الدوران المستمر في المدار الأميركي».
لقد جاءت زيارة روحاني إلى الهند على خلفية تحديات جادة وخطيرة في الداخل وفي المنطقة. مما انعكس سلباً على ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة في إيران إلى اندلاع 10 أيام من الاحتجاجات العارمة في مختلف أنحاء البلاد منذ 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ولقد أسفرت تلك الاحتجاجات عن تراجع كبير في شعبية السيد روحاني، الذي زعم أن الاقتصاد الإيراني سوف يشهد نمواً كبيراً في أعقاب التوقيع على الاتفاق النووي لعام 2015.
كيف يمكن للهند التعامل مع روحاني ومع إيران في هذه المرحلة؟
يقول كيه سي سينغ السفير الهندي الأسبق إلى إيران: «لدى إيران نظام حكم معقد مع كثير من مراكز القوى المتنافسة في كثير من الأحيان. وكانت الهند تتعامل بالأساس مع الحكومة المنتخبة هناك مع الحفاظ على قنواتها مفتوحة مع مراكز السلطة الأخرى.
وبالتالي، فإن زيارة روحاني توفر الفرصة السانحة للتركيز ليس فقط على قضايا التعاون الثنائي، كما هو الحال في مجال الطاقة والاتصالات، وإنما على الموقف الإقليمي كذلك.
وعلى نحو محدَّد، فإن كلا البلدين من أصحاب المصالح حيال أي مبادرة جدية للتوصل إلى تسوية حقيقية في أفغانستان. وقد يستغل السيد مودي الفرصة لتقدير تفكير السيد روحاني، في جملة من القضايا، وعلى الصعيد الأفغاني الذي حدث فيه تحول كامل في المواءمات. وتقدم إيران وروسيا إلى جانب باكستان الدعم حاليا لحركة طالبان، مما يزيد من تعنُّت وعناد الحركة ومعارضتها العنيفة للحكومة الأفغانية.
المصالح والحواجز الاقتصادية
وقبل وصول السيد روحاني إلى العاصمة الهندية، يجري وفد من الشركة الإيرانية الوطنية للنفط محادثات مع الجانب الهندي لاستطلاع آفاق التوصل إلى اتفاق بشأن تطوير حقل غاز فارزاد - ب الإيراني، الذي تحوَّل إلى نقطة من النقاط الحساسة في العلاقات الثنائية بين نيودلهي وطهران.
كما تعمل الهند على تطوير ميناء تشابهار الإيراني باستثمارات تبلغ نصف مليار دولار، وهو أول مشروع كبير للموانئ تقوم به الهند في الخارج، إذ تحاول الهند من خلاله عرض البدائل لمبادرة الحزام والطريق الصينية لبناء الروابط التجارية والنقل في جميع أرجاء آسيا، فضلاً عن أفغانستان من خلال تجاوز باكستان المنافسة.
ويبعد الميناء الإيراني نحو 72 كيلومتراً من ميناء غوادار الباكستاني، الذي تعمل الصين على تطويره من جانبها.
وتعتبر الهند وإيران وأفغانستان أيضاً أعضاء في الاتفاقية الثلاثية بشأن إنشاء ممرات النقل والعبور الدولي في ميناء تشابهار.
وفي ديسمبر، أرسلت الهند شحنة من القمح عبر ميناء تشابهار تمثل أول حالة استخدام للميناء في إرسال البضائع إلى لأفغانستان. وتهدف الخطة إلى قيام الهند بتجهيز وتشغيل رصيفين بحريين باستثمار رأسمالي يبلغ 85.21 مليون دولار على مدى عشر سنوات.
وتسعى الهند جاهدة للحصول على المعدات مثل الرافعات للميناء الإيراني، وذلك لأن المصارف الغربية غير مستعدة لتسهيل التحويلات المالية.
يقول أحد المصادر الهندية المطلعة ممن شاركوا في تطوير الميناء وغير مخول له الحديث إلى الإعلام: «إن المصالح المصرفية للبنوك في الولايات المتحدة أكثر أهمية، وبمجرد ذكر أن الوجهة هي إيران، تنأى البنوك بأنفسها عن العملية. إنهم لا يريدون إغضاب الولايات المتحدة».
ويناقش الجانبان الآن إمكانية تنفيذ آلية «الروبية - الريال»، بالإضافة إلى القناة الحالية عبر بنك يو سي أو للمدفوعات بالروبية الهندية. ومع ذلك، فقد رفضت البنوك الأوروبية دعم التجارة، لاعتبارات عدم اليقين بشأن حزمة جديدة من العقوبات من جانب الولايات المتحدة.
وقال المسؤولون الذين يتابعون زيارة الرئيس الإيراني: «تسعى إيران للحصول على دعم الهند خلال الاجتماع المقبل لفريق العمل المالي التابع للأمم المتحدة، حيث تأمل طهران في الخروج من القائمة السوداء الخاصة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب».
وفي حين أن آفاق التهديد بجولة أخرى من العقوبات التجارية من جانب الولايات المتحدة ضد إيران تلوح في الأفق، اتخذت الهند قرارها بأنها لن تنأى بنفسها عن الاستثمار في مشاريع البنية التحتية الكبرى في إيران النابع من رغبتها المستمرة في عزل باكستان عن جميع خطوط اتصالها مع العالم الخارجي. وخطط الاتصالات الهائلة التي تتصور الهند إقامتها مع إيران يكمن أن تكون بمثابة الاستجابة الهندية للموقف الصيني، كما أفادت به المصادر.



نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو: الضربات الإسرائيلية أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ف.ب)

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الخميس)، أن الضربات التي وجّهتها إسرائيل إلى إيران وحلفائها في الشرق الأوسط أثارت «ردود فعل متسلسلة» ستغير وجه المنطقة برمتها في المستقبل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وقال نتنياهو، في كلمة موجهة إلى الشعب الإيراني، إن «الأحداث التاريخية التي نشهدها اليوم هي ردود فعل متسلسلة».

وتابع: «ردود فعل متسلسلة على قصف (حركة) حماس والقضاء على (حزب الله) واستهداف (أمينه العام السابق حسن) نصر الله، والضربات التي سدّدناها لمحور الرعب الذي أقامه النظام الإيراني».

واتهم نتنياهو إيران بإنفاق عشرات مليارات الدولارات لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي أطاحه هجوم شنّته فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام»، ودعم حركة «حماس» في قطاع غزة و «حزب الله» في لبنان.

وأكد أن «كل ما تسعى إليه إسرائيل هو الدفاع عن دولتها، لكننا من خلال ذلك ندافع عن الحضارة بوجه الوحشية».

وقال للإيرانيين: «إنكم تعانون تحت حكم نظام يسخركم ويهددنا. سيأتي يوم يتغير هذا. سيأتي يوم تكون فيه إيران حرة». وتابع: «لا شك لديّ في أننا سنحقق هذا المستقبل معاً أبكر مما يظن البعض. أعرف وأؤمن بأننا سنحول الشرق الأوسط إلى منارة للازدهار والتقدم والسلام».

ومع سقوط الأسد، خسرت إيران في سوريا حلقة رئيسية في «محور المقاومة» الذي تقوده ضد إسرائيل، بعد أن خرج حليفها الآخر «حزب الله» ضعيفاً من الحرب مع إسرائيل.

ولطالما أدّت سوريا، التي تتشارك مع لبنان حدوداً طويلة سهلة الاختراق، دوراً استراتيجياً في إمداد «حزب الله» اللبناني المدعوم عسكرياً ومالياً من إيران، بالأسلحة.