عندما أذاق آرسنال المرار لفرنسا في عيد الحب

حين سعى الفريق اللندني لتقديم خدمة لبلاتيني في 1989

TT

عندما أذاق آرسنال المرار لفرنسا في عيد الحب

من الصعب تخيل آرسنال في سباق للحصول على بطولة في فبراير (شباط)، ثم يقدِم على إضافة مباراة جديدة في جدول مبارياته أمام منتخب وطني. لم يكن ذلك ليحدث هذه الأيام، لكنه حدث بالفعل عام 1989 عندما حصل الفريق بقيادة المدرب جورج غراهام على عطلة من السعي وراء البطولة كي يقدم خدمة لميشيل بلاتيني.
كان مدرب المنتخب الفرنسي في ذلك الوقت في حاجة إلى كل مساعدة ممكنة بعد أن قدم بداية مضطربة في مسيرة التأهل لبطولة كأس العالم لعام 1990. كانت فرنسا قد فازت على النرويج في مباراة التأهل الأولى بينهما بنتيجة 1 - 0 بفضل ركلة جزاء سددها المهاجم جان بيير بابان في الدقيقة الـ84، لكنها لم تفلح سوى في الخروج بالتعادل أمام قبرص قبل أن تخسر أمام يوغسلافيا. وفي ظل رحلة عصيبة إلى اسكوتلندا تلوح في الأفق، اقترح بلاتيني خطة عقد مباراة مع نادٍ بريطاني لإعداد لاعبيه للتحدي الذي ينتظرهم.
كان أمام بلاتيني الاختيار ما بين توتنهام هوتسبير أو آرسنال، واختار في نهاية الأمر مواجهة آرسنال بقيادة غراهام. وعن هذا، قال: «يبدو أسلوب لعب توتنهام هوتسبير قريباً للغاية من بلاد القارة الأوروبية، بينما يتميز آرسنال بطابع بريطاني قوي، ولن تكون مواجهته أقل صعوبة عن مواجهة اسكوتلندا». أيضاً، شعر مساعد بلاتيني، جيرارد أولييه بالانبهار إزاء أداء آرسنال خلال مواجهته أمام فريق ميلوول وفوزه بنتيجة 2 - 1.
كان آرسنال قد خرج من بطولتي الكأس المحليتين ولم تكن لديه أي التزامات أوروبية بسبب الحظر المفروض عليه جراء كارثة استاد هيسل. وعليه، بدا غراهام سعيداً بضم مواجهة جديدة إلى جدول أعماله. وفي هذا الصدد، قال: «يشعر اللاعبون والمدربون بخيبة أمل كبيرة لعجزنا عن المشاركة في البطولات الأوروبية. وستكون هذه المباراة جيدة بالنسبة لآرسنال وإنجلترا ككل. وسوف يستفيد جميع لاعبينا من اللعب في مواجهة منتخب وطني قوي».
كما أبدى نائب رئيس النادي، ديفيد دين، حماسه إزاء المباراة، وقال: «تعتبر هذه المباراة شرفاً عظيماً لنا، ونتعامل معها بجدية بالغة. إنها فرصة نحو العودة سريعاً إلى الكرة الأوروبية، وفرصة لتقييم مستوى النضج الذي وصل إليه فريقنا في مواجهة الفرق الأجنبية». الواضح أنها كانت أيضاً فرصة لجني بعض المال، وإن كان دين لسبب ما لم يذكر هذا الأمر لدى سؤاله عن المباراة الودية.
وبالفعل، جرت المباراة الثلاثاء الموافق 14 فبراير 1989 ـ يوم عيد الحب. واللافت، أنه حتى أصحاب التذاكر الموسمية اضطروا إلى دفع مبلغ إضافي للتمتع بمشاهدة نجوم مثل الحارس جويل باتس والمدافع فرانك سوازي والمدافع لوران بلانك وبابان (لكن ليس إريك كانتونا الذي كان محروماً من اللعب الدولي) داخل الاستاد. وكان الـ21.785 مشجعاً الذين حضروا المباراة داخل الاستاد محرومين من مشاهدة جان تيغانا وبارتيك باتيسون ومانويل أموروس عندما رفض موناكو وبوردو التخلي عن لاعبيهم.
من جانبهم، لم يتعامل مشجعو آرسنال مع المباراة بجدية شديدة، ومع هذا بدت مباراة مهمة بما يكفي لأن يجري بثها على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفزيون الفرنسي. من جانبه، كان غراهام بالتأكيد مستعداً لها، واختار التشكيل الأساسي ذاته الذي فاز على ميلوول قبل أيام قلائل. وفي الملحوظات التي دونها غراهام بخصوص المباراة، قال: «ستحمل مباراة الليلة خبرة قيّمة للكثير من أفراد فريقنا الذين نادراً ما يخوضون مواجهة أمام فريق أوروبي بسبب الحظر المفروض على الأندية الإنجليزية ويمنعها من المشاركة في الكرة الأوروبية».
مرّ الشوط الأول من المباراة دون أحداث تذكر، لكن آرسنال قرر استبدال لاعبين خلال استراحة بين الشوطين؛ الأمر الذي خلق واقعاً جديداً داخل أرض الملعب أمام بلاتيني. وعليه، حل مارتن هايس محل بريان ماروود ومنح آرسنال التقدم عبر كرة رائعة أطلقها من داخل منطقة المرمى. كما شارك بيري غروفز بديلاً عن ديفيد روكاسل، ونجح في تعزيز سرعة الجناح الأيمن لآرسنال ومرر كرة لآلان سميث ليعزز آرسنال تقدمه إلى هدفين في الدقيقة الـ74.
وقال غراهام: «كان الهدفان اللذان سجلهما مارتن هايس وآلان سميث رائعَين. كما شعرت بسعادة كبيرة إزاء أداء اللاعبين البديلين. لقد نجح مارتن في تسجيل هدف من ثاني لمسة له للكرة، بينما جاء إسهام بيري غروفز الأول في المباراة ليعين آلان على تسجيل هدفه. وليس من المعتاد أن يحقق اللاعبون البدلاء نتائج بهذه السرعة».
ومع ذلك، كان ثمة أمر سلبي بالنسبة لغراهام، فقد أجبر ديفيد أوليري على مغادرة أرض الملعب بسبب إصابة في الوجه، وإن كان ستيف بولد قد شارك محله إلى جوار توني آدامز؛ ما يعني أن آرسنال أصبح معتمداً على 11 لاعباً إنجليزياً.
وربما شعر مدرب إنجلترا ببعض الإغراء في أعقاب هذا الأداء. من جانبه، قال لاعب وسط المنتخب الفرنسي مارسيل ديب بعد الهزيمة 2 - 0: «كان بمقدور آرسنال الفوز بسهولة بنتيجة ثلاثة أو أربعة أهداف. بهذا المستوى، يبدو آرسنال لاعباً أفضل عن المنتخب الإنجليزي ذاته».
ومع هذا، كان من الصعب الحكم على نتيجة المباراة في ظل اللاعبين المتغيبين عن المنتخب الفرنسي، لكن آندي روكسبرو، مدرب اسكوتلندا، قد رأى ما يكفي لأن يشعر بالتشجيع قبل مباراة التأهل المرتقبة على أرض ملعب هامبدين بارك. وقال: «لقد ضغط آرسنال عليهم ولم يرق لهم الأمر. وأعتقد أنه لن يروق لهم الأمر كذلك في ملعب هامبدين إذا ما وجدوا أنفسهم في خضم معركة». وأعرب روكسبرو عن خيبة أمله إزاء موافقة آرسنال على تقديم العون إلى المنتخب الفرنسي، لكن غراهام استجاب لشكواه، قائلاً: «إنني واثق من أن آندي روكسبرو كان سيشعر بالسعادة لو أنه رأى عدد الفرص التي صنعناها».
أما بلاتيني، فقال: «لم أنتظر الفوز؛ لذا لا أشعر بخيبة أمل ثقيلة. سيكون الأمر مختلفاً في غلاسغو عندما يصبح جميع اللاعبين في فريقي جاهزين». ومع ذلك، فإنه في غضون أقل عن شهر لاحقاً، نجحت اسكوتلندا في الفوز على فرنسا على أرض ملعب هامبدين بهدفين أحرزهما المهاجم مو جونستون لتنتهي المباراة 2 – 0، وبمرور الوقت اتضح أن هذا الفوز كان حاسماً وعاون اسكوتلندا على إنجاز سباق التأهل في مركز متقدم على فرنسا في مجموعتهما والتأهل لبطولة كأس العالم في إيطاليا عام 1990.
خلال الفترة التالية مباشرة، لم يبد أن المباراة الودية ساعدت آرسنال في موسمه؛ ذلك أنه فاز في مباراتين فقط من إجمالي المباريات الثمانية التالية له، ما سمح لليفربول بالعودة إلى التنافس على البطولة.

كارثة ملعب هيسل
كارثة ملعب هيسل حدثت في 29 مايو (أيار) 1985، عندما انهار جدار تحت ضغط الجمهور الهارب في ملعب هيسل في بروكسل، كنتيجة لأعمال شغب قبل بداية مباراة نهائي كأس الأندية الأوروبية البطلة 1985 بين نادي ليفربول الإنجليزي ونادي يوفنتوس الإيطالي. 39 شخصاً لقوا حتفهم، 32 من مشجعي يوفنتوس، وأصيب 600 شخصا، حوالي ساعة واحدة قبل الوقت المحدد لانطلاق نهائي ليفربول - يوفنتوس، قامت مجموعة كبيرة من مشجعي ليفربول بكسر السياج الفاصل بينهم وبين جماهير منافسهم يوفنتوس. ركضت جماهير يوفنتوس إلى الجدار الصلب، بينما كانت هناك جماهير جالسة بالفعل وحصل التدافع؛ في النهاية انهار الجدار. المأساة أدت إلى حظر جميع الأندية الإنجليزية من اللعب في المسابقات الأوروبية من قبل الويفا (رفع الحظر في 1990-91).


مقالات ذات صلة

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

رياضة عربية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (إ.ب.أ)

السيسي يهنئ السعودية باستضافة «مونديال 2034»

وجّه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التهنئة إلى المملكة العربية السعودية، بعد الفوز بتنظيم «كأس العالم 2034».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (رويترز)

ماريسكا: تشيلسي لا ينافس على «البريميرليغ»

قال ماريسكا إنه ولاعبي تشيلسي لا يشعرون بأنهم دخلوا في إطار المنافسة على لقب «البريميرليغ» بعد.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

أموريم: يونايتد بكامل جاهزيته لمواجهة سيتي

ربما يستعين روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد بالمدافع المخضرم جوني إيفانز، عندما يسافر الفريق عبر المدينة لمواجهة مانشستر سيتي.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير (إ.ب.أ)

بوستيكوغلو: توتنهام بحاجة للاعبين ملتزمين

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إنه لا يخشى انتقاد لاعبيه قبل مواجهة ساوثهامبتون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنطونيو كونتي مدرب نابولي (أ.ب)

كونتي: علينا مواصلة العمل

قال أنطونيو كونتي مدرب نابولي إنه يريد من الفريق رد الفعل نفسه الذي يقدمه عند الفوز.

«الشرق الأوسط» (نابولي)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».