الإصغاء للآخر وأخذ كلامه بعين الاعتبار، يشكل واحداً من الحلول المعروفة للحد من مشكلات كثيرة. فهذه الحاجة التي ترافقها صفة «فن» من شأنها أن تقضي على نزاعات وخلافات نواجهها في حياتنا اليومية، كما أنّها تساهم في تطوير علاقتنا مع الآخر وإيصالها إلى برّ الأمان أحيانا كثيرة.
ومن هذا المنطلق قرّر مركز الأمم المتحدة في بيروت (يونيك بيروت)، إطلاق حملة تنموية بعنوان «الأمم المتحدة تصغي لكم»، لتحفيز اللبنانيين على التحدث عن هواجسهم والإدلاء بمقترحات من شأنها أن تجري تغييرات على الأرض، فتؤمن لهم العيش بسلام وبسعادة في بلد عانى الأمرين.
وترتكز هذه الحملة الإلكترونية (تجري عبر الموقع الإلكتروني الخاص بالأمم المتحدة)، التي تستمر حتى 5 مارس (آذار) المقبل، على حثّ المواطنين على تبادل أفكارهم في كيفية جعل مجتمعاتهم أفضل. فيرسلون اقتراحاتهم المكتوبة مباشرة على الموقع المذكور الذي سيكون بمثابة منبر مفتوح أمام الجميع لتلقي الأفكار والمشاريع البنّاءة صغيرة كانت أو كبيرة. وسيحصل أصحاب الاقتراحات العشرة الأكثر إبداعا على فرصة لمناقشة أفكارهم مع مسؤولين في الأمم المتحدة للنظر في إمكانية تحقيقها من أجل أحداث التغيير المطلوب في مجتمعاتهم.
حتى الآن فاق عدد الرسائل التي تلقاها مركز الأمم المتحدة في بيروت الـ100، وحسب سينتيا دروش خوري (المسؤولة الإعلامية في المركز)، فإنّهم سعيدون بهذه النتيجة وبهذا التجاوب السريع الذي يلاقونه من قبل الناس. «إنّنا نفتح أيادينا وعيوننا وآذاننا بصدر رحب من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من تلك الرسائل» تعلق سينتيا في حديث لـ«الشرق الأوسط». أمّا رشا سلمان (المسؤولة الوطنية لشؤون الإعلام في المركز فتقول: «هي حملة موجهة إلى اللبنانيين، ولكنّنا سنصغي أيضا لاقتراحات مقدمة من أشخاص يعيشون على أرض لبنان. لم تحدد هذه الحملة المواضيع التي يجب أن تدور حولها الاقتراحات»، وتضيف: «تركناها مفتوحة وواسعة الآفاق بحيث يمكن للمرسل أن يزوّدنا بأي فكرة تخطر على باله مهما بلغ حجمها. كما أننا توجهنا إلى المدارس والجامعات للمشاركة بشكل فعلي في هذه الحملة وكي تُشجّع تلامذتها وطلابها على المشاركة». وعن إمكانية تمديد وقت الحملة أجابت: «حاليا وضعنا تاريخ 5 مارس المقبل ليشكل النهاية لها ولكن كل شيء يمكن تعديله فيما لو لاحظنا إقبالاً كبيراً من قبل الناس. فنحن نبذل جهدنا للاطلاع على أكبر عدد من الأفكار التي تساهم في إجراء التغيير الذي يحتاجونه من أجل حياة أفضل».
وفي جولة سريعة تقوم بها على الموقع الإلكتروني للحملة الذي يتضمن أبوابا عدة تحت عنوان «الأمم المتحدة تصغي لكم»، سيلفتك شريط تسجيلي مصور يحكي في سياق روائي قصير ودافئ عن هذه الحملة ومسارها على أرض الواقع، بدءا من كتابة الرسالة (من قبل شخصية كرتونية)، وإرسالها مع الحمام الزاجل (صورة مجازية) فتحلق في سماء لبنان وفوق مناطقه (إشارة إلى شموليتها) كصخرة الروشة وجبال لبنان، مروراً بمشاهد إنسانية معبرة (الاعتناء بمريض في المستشفى وشرطية سير تقوم بمهامها وأطفال يلعبون في مدرسة)، ولنرى الحمامة في محطتها الأخيرة تغط مع الرسالة التي تحملها على مبنى مركز الأمم المتحدة في بيروت، فتلاقي الاهتمام من قبل المسؤولين فيه.
«مجتمعي سيكون أفضل إذا...»، هي العبارة المفتاح التي تستهل بها أي رسالة موجهة إلى الحملة. وخلال الاطّلاع على مضمون هذه الرسائل المتاحة قراءتها أمام أي شخص يدخل الموقع الخاص بالحملة، تلاحظ بأنّ غالبيتها تدور حول مشاكل البيئة ولا سيما النفايات، وكذلك تلك المتعلقة بواقع اللاجئين السوريين في لبنان، وأخرى تدور حول ضرورة تأمين وسائل مواصلات برية فعالة (كالمترو) إضافة إلى غيرها من مشاكل الفساد والعدل والمساواة بين المواطنين.
«الأمم المتحدة تصغي لكم» حملة ساهمت في تحريك الفكر اللبناني ولا سيما لدى الشباب منهم الذين لم يتوانوا عن التطرق في رسائلهم إلى مشكلات أساسية يعاني منها المجتمع اللبناني منذ مدة طويلة، كإمكانية إعطاء الأم اللبنانية الجنسية لمولودها وتغيير المناهج المدرسية وتأمين فرص العمل للشباب بهدف الحد من الهجرة.
حملة «الأمم المتحدة تصغي لكم» للمساهمة في تغيير واقع معيش
تهدف إلى تحفيز اللبنانيين للتحدث عن مشاكلهم
حملة «الأمم المتحدة تصغي لكم» للمساهمة في تغيير واقع معيش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة