الحكومة التونسية تجري 150 تغييرا على مستوى المسؤولين المحليين

البت في تاريخ إجراء الانتخابات قبل الخميس المقبل

الحكومة التونسية تجري 150 تغييرا على مستوى المسؤولين المحليين
TT

الحكومة التونسية تجري 150 تغييرا على مستوى المسؤولين المحليين

الحكومة التونسية تجري 150 تغييرا على مستوى المسؤولين المحليين

أجرت الحكومة التونسية تغييرات جذرية همت أكثر من نصف المسؤولين المحليين (المعتمدين)، الذين يمثلون الدولة في التجمعات السكانية الصغرى، وقررت تعيين 150 مسؤولا جديدا موزعين على كامل تراب البلاد.
وذكرت مصادر حكومية تونسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» أن المعايير التي اعتمدت في هذه التسميات الجديدة هي الخبرة في مجال التشغيل وإدارة الشؤون الاجتماعية، ومعرفة خفايا العمل الإداري والكفاءة والاستقلالية. وتطالب المناطق الداخلية التي أججت الثورة التونسية بالتعجيل في تنفيذ مشاريع التنمية والتشغيل، ويسود إحساس لدى الكثير منها بتعطل تلك المشاريع وتعذر تجاوب الحكومة مع مطالب الثورة وأهدافها الأساسية.
وتعد هذه التعيينات أكبر حركة تغيير تطرأ على المسؤولين الحكوميين منذ تولي مهدي جمعة رئاسة الحكومة، قبل نحو أربعة أشهر. وتستجيب هذه المراجعة إلى مطالب عدة أحزاب سياسية بإعادة النظر في التعيينات الإدارية التي جرت على أساس الولاءات الحزبية خلال فترة حكم تحالف الترويكا بقيادة حركة النهضة. كما أنها تمهد لتنقية المناخ السياسي لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، وضمان حياد الإدارة حيال الأحزاب السياسية.
على صعيد آخر، أبدت الأحزاب السياسية التونسية قبولها بنتائج التصويت لصالح خيار الانتخابات البرلمانية في مرحلة أولى، رغم تحذيرات تحالف الجبهة الشعبية وحركة نداء تونس من الانعكاسات السلبية المحتملة لهذا القرار على المشهد السياسي المقبل، وخاصة على مستوى العلاقة بين رأسي السلطة (رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية).
وقال حمة الهمامي، القيادي في الجبهة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن الانتخابات المقبلة ستحكم وتكشف الطرف الذي كان على صواب ومن كان على خطأ. وأضاف أن الجبهة تمسكت حتى آخر لحظة بخيار تقديم الانتخابات الرئاسية على البرلمانية. ولكن التصويت ذهب إلى غير صالحها، وما على كل الأطراف السياسية إلا التوجه نحو الإعداد الجيد للانتخابات.
على صعيد متصل، ذكر مراد عبد المولى عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن خيار الفصل بين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية سيكون أكثر كلفة، ويتطلب استعدادات إضافية على المستوى التنظيمي والبشري والمادي. وقدر أن تكون فترة الإعداد أطول مما هو منتظر، وهو ما يعني، على حد قوله، إمكانية تجاوز نهاية السنة الحالية، كما حددها الدستور التونسي الجديد.
وينتظر أن يجري تحديد موعد إجراء الانتخابات قبل الخميس المقبل، وفق مصادر برلمانية، وسيطرح الموضوع على نواب المجلس التأسيسي (البرلمان) للبت بشأنه بتنسيق مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
وتنظر هيئة الانتخابات بإيجابية إلى التوافق حول الانتخابات، لكنها تتوقع، من ناحية ثانية، أن يتعرض الدستور إلى الخرق، لصعوبة الالتزام بنهاية السنة لإجراء الانتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني.
وفي السياق ذاته، قال بن مولى إن النية تتجه نحو إجراء الانتخابات البرلمانية والدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، قبل نهاية 2014. والتوجه مع بداية 2015 إلى إجراء الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
من ناحية أخرى، كثفت قوات الأمن والجيش التونسي من الدوريات على كامل الشريط الحدودي مع ليبيا، تحسبا لتسرب الأسلحة إلى تونس، أو تسلل عناصر إرهابية لإرباك المسار الانتقالي في البلاد.
وذكرت مصادر عسكرية بولاية (محافظة) تطاوين أن ما يحدث من مواجهات مسلحة في عدة مناطق أخرى يزيد من إصرار عناصر الأمن على توخي مزيد من الحيطة والاستعداد لتجنب أي أعمال إرهابية، وقال: «لا نريد أن نفاجأ بأعمال إرهابية محتملة»، في ظل التوتر الأمني المتواصل في ليبيا، وإمكانية تأثير ذاك الانفلات على الاستقرار الحاصل في تونس.
وأشار إلى التدقيق الكبير لهويات المقبلين على تونس حتى لا تتكرر (على حد قوله) «اختراقات مثل التي وقعت خلال 2011، عندما تدفق الآلاف من اللاجئين الليبيين إلى تونس، وما رافق ذلك من تسرب لعناصر إرهابية».
على صعيد متصل، علق راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، على تبني تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي عملية الهجوم على منزل عائلة لطفي بن جدو وزير الداخلية التونسية، قائلا: «الشيء من مأتاه لا يستغرب»، ووصف هذا التنظيم الجهادي بـ«الإجرامي»، وقال إنه «الضالع الأول في العمليات الإرهابية التي تشهدها تونس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».