يبدو أن الأرقام القياسية صنعت لكي يحطمها المخضرم رايان غيغز جناح مانشستر يونايتد، الذي احتفل الجمعة بيوم ميلاده الأربعين بصحبة زملاء لم يكن قد ولدوا عندما سجل النجم الويلزي بدايته مع يونايتد قبل 22 سنة.
ويبدو أن الرجل الذي فاز ثلاث عشرة مرة ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز وبأربع بطولات كأس اتحاد وأربع مرات ببطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وبطولتي دوري أبطال أوروبا وسجل 168 هدفا خلال 952 مباراة خاضها مدافعا عن ألوان ناديه مانشستر يونايتد، ما زال طامحا لمزيد من الألقاب.
وعن يوم ميلاده الأربعين يقول رايان غيغز: «إنه لأمر مؤثر حقا، لكنه ليس إلا يوما آخر جديدا في حياتي».
إنها لحظة تاريخية وعلامة في مسيرته، لكن يوم ميلاد غيغز يبقى يوما عاديا في حياته، حيث إنه منشغل أكثر بالدور الجديد له مع الفريق كلاعب وعضو في الجهاز التدريبي الذي يقوده الاسكوتلندي ديفيد مويز خلفا للأسطورة السير أليكس فيرغسون.
يقول غيغز: «إنه لأمر محزن للاعب كرة القدم ألا يستطيع أن يستمتع كباقي الناس بيوم ميلاده أو بليلة رأس السنة، فعادة ما يكون اللاعب في التمرين. خذ مثلا يوم رأس السنة المقبل، سوف أقضي الليلة في فندق مدينة هال تحضيرا لمباراة جديدة، وهذا ما تعودت عليه طوال 22 سنة».
وما زال غيغز لديه الحافز لإعطاء المزيد، يقول: «إنني أحاول دائما تطوير مستواي وليس فقط اللعب بطريقة جيدة، ففي كل موسم جديد، أستشير المتخصصين في الحقل الرياضي والمديرين الفنيين حتى يتحسن مستواي للأفضل دائما. لقد اختبرت كثيرا ذلك الشعور الذي يحس فيه المرء أنه خذل نفسه ولم يتدرب جيدا وبالتالي يجلس على مقاعد البدلاء عند انطلاقة الأسبوع الجديد من الدوري، لذلك فأنا أحاول دائما أن أبقى جاهزا حتى أقدم أداء جيدا في المستطيل الأخضر».
ويضيف غيغز: «لم يتسرب إلى نفسي قط الشعور بالرضا عن أدائي، فأنا أتطلع للأفضل. بعد نهاية كل مباراة أقول لنفسي: حسنا، لقد كانت مباراة جيدة، لكن ما هو الفريق الذي سنقابله في المباراة التالية؟ جهز نفسك للمباراة التالية، أحاول دائما قدر الإمكان ألا أجعل الشعور بالاستمتاع بالفوز أو بالأداء الجيد يتملكني لفترة طويلة من الزمن، مجرد لحظات قليلة، ثم أنتقل للتفكير في المباراة التالية».
ويمضي غيغز قائلا: «ما زلت أشعر بالغضب في غرفة تبديل الملابس، وأصرخ فيمن يرتكبون الأخطاء، حتى أنني أقول لمن ارتكب خطأ: في ماذا كنت تفكر؟ لماذا لا تصب تركيزك على الأداء في الملعب؟ فأنا أشعر أنه من واجبي أن أفعل ذلك، وأتمنى أن يتعلم زملائي من توجيهاتي لهم، فقد أفادتني كثيرا التوجيهات التي كان بريان روبسون والآخرون يقدمونها لي في بداية مسيرتي الكروية. كنت أجلس على مقاعد البدلاء وأحدث نفسي قائلا: إنها نهاية العالم، سوف يوبخني فيرغسون كثيرا، فقد تلقينا هزيمة للتو، وقد أضعت فرصة تسجيل هدف خلال المباراة، ومن المؤكد أنه لن يستعين بخدماتي في المباراة القادمة.. ثم يأتي روبنسون ويقول لي: لا تستمع إليه، فأنت ما زلت صغير السن، وسوف ترتكب الكثير من الأخطاء، لكن عليك أن تقدم أداء جيدا المباراة القادمة. لقد ظل مانشستر يونايتد النادي المثالي بالنسبة لي، كما كان فيرغسون المدير الفني المثالي أيضا بالنسبة لي، فهو دائما يعطي اللاعبين الصغار الفرصة للعب في الفريق الأول. لقد كان فيرغسون ملما بتاريخ النادي على أكمل وجه، وبالتالي كان باستطاعته أن يتنبأ لكثير من اللاعبين الصغار الذين يلعبون في فريق الناشئين بأنهم سيكون لهم دور في الفريق الأول. وقد قال فيرغسون لي: ما عليك إلا أن تؤدي في الفريق الأول كما كنت تؤدي في فريق الناشئين».
أما الآن، فغيغز، الذي انضم إلى الطاقم الفني لمانشستر يونايتد وأصبح لاعبا مدربا، يجلس في غرفة جانبية وهو ما زال محتفظا بجسده رشيقا وما زال متحديا لعامل الوقت. فهو يشعر بمرور الزمن فقط عندما يلاحظ طفليه، ليبرتي وزاك، وهما يكبران أمام ناظريه. ويقول غيغز عن أطفاله: «إنهم يكبرون بسرعة بالفعل وتنمو أجسادهم وتتبلور شخصياتهم بمرور الوقت». ويضيف: «زاك يلعب الكرة، وأحاول أن أعطيه الرعاية اللازمة قدر الإمكان، حيث أنزل معه إلى الحديقة لنلعب الكرة معا، وهذا أمر في غاية الصعوبة، أشكر الله على أن جدي قد تولى مسؤولية تدريب زاك الذي انضم إلى أكاديمية مانشستر يونايتد التي يذهب إليها مرة واحدة في الأسبوع يوم الجمعة، كما يلعب في المدرسة يوم السبت».
ويعلق غيغز على لعب ابنه زاك الكرة بقوله: «أنا لا أريده أن يخوض مباريات في هذه السن الصغيرة، فأنا أريده أن يستمتع فقط بكرة القدم فهو ما زال في السابعة من عمره. لقد كنت أمارس الكرة مع زملائي حتى الثالثة أو الرابعة عشرة من عمري في أكاديمية سالفورد للأطفال. وقد أخبرت بعض مدربي الأولاد في سالفورد، أنني لا أريد أن يشارك زاك في المباريات قبل بلوغه العاشرة، فقالوا لي إن المشكلة تكمن في أن زاك سيظل يلعب مع أولاد خاضوا مباريات منذ أن كان عمرهم خمس وست سنوات. وقد فهمت تلك النقطة، فلأمر متعلق بنوع من التوازن ينبغي مراعاته. كما أن الأكاديميات التي تفتتحها الأندية الكبيرة تقوم بعمل جيد في اكتشاف وتأهيل لاعبي المستقبل».
ويضيف غيغز: «لقد مارست الكثير من الألعاب المختلفة والتي أشجع أطفالي على ممارستها، فزاك يمارس كرة القدم والتنس، أما ابنتي ليبرتي فهي تمارس رياضة ركوب الخيل والرقص وكرة الشبكة، كما تشارك في سباقات اختراق الضاحية. لقد أحببت ممارسة جميع الألعاب وقد أفادني ذلك كثيرا في إتقان كرة القدم. لعبت في مركز الظهير في لعبة الرجبي وخضت مباريات ضد لاعبين أضخم مني جسديا، وقد ساعدني ذلك في تحمل مواقف الالتحام الشديدة أثناء المباريات. وعندما بدأت أولى مشاركاتي مع الفريق الأول ليونايتد، كان بعض المدافعين في فرق الخصوم يسعون لتحطيم عزيمتي من بداية المباراة، لكنني كنت لا أمنحهم هذا الشعور أبدا. وقد لعبت أول مباراة لي مع الفريق الأول في الدوري الممتاز (عام 1991) في مواجهة نادي إيفرتون حيث كان يلعب دايف واتسون خلفي مباشرة. ولم يرهبني ببنيته القوية، على الرغم من أنني لم أكن في مثل بنيان واين روني وهو في الثامنة عشرة من عمره».
ويضيف غيغز: «أما الظهير الأيمن لنادي شيفيلد يونايتد فقد ظل يركلني طوال المباراة ويهينني ببعض الألفاظ وأثر فيّ ذلك بشكل سلبي قليلا، فقلت لروبنسون (قائد يونايتد آنذاك) هذا الظهير الأيمن قال لي إنه سوف يكسر كلتا قدماي، فرد روبنسون: أحقا قال ذلك؟ تعال والعب في مركز الوسط المدافع لعشر دقائق، وسألعب أنا في مركز الجناح الأيسر لمدة عشر دقائق. وقمنا فعلا بتبديل المراكز، ثم عاد روبنسون بعد قليل وقال لي: أنت الآن في أمان، عد إلى مركزك وواصل اللعب. لقد حلت المشكلة! ساعتها أدركت أننا لن نخسر ما دام روبنسون يلعب. وكنا نفوز بالفعل في أغلب المباريات التي خاضها روبنسون معنا، فقد كان يتمتع بتلك الشخصية القيادية، حيث كان يوجهني دائما عندما كنت أحتفظ بالكرة كثيرا ولا أمرر لزملائي أو أراوغ لفترة أطول من اللازم. لقد كان هو وستيف بروس يمثلان سندا قويا لي».
ولا يفكر غيغز أبدا في أنه بلغ الأربعين، ويقول «من الرائع أن تواصل ممارسة كرة القدم على أعلى المستويات في هذا العمر، هذا إنجاز كبير، فكيف الحال إذا كان اللاعب المعني يشغل مركز الجناح في فريق من عيار مانشستر يونايتد؟! فهذا الأمر يجعله لاعبا (خارقا) لا يعرف معنى للتقدم بالعمر، حتى وإن أطلق عليه لقب عجوز (أولدترافورد)».
وقد أكد غيغز حجم أهميته ليونايتد عندما مدد في عقده مع الفريق لعام إضافي حتى يونيو (حزيران) 2014، وعن ذلك يقول: «تأقلمت منذ فترة طويلة على واقع أنني ألعب إلى جانب لاعبين لم يكن قد ولدوا عندما سجلت بدايتي، ومع أمور من هذا النوع».
غيغز: لا أعرف معنى للتقدم بالعمر.. وما زلت أطمح لمزيد من الألقاب
غيغز: لا أعرف معنى للتقدم بالعمر.. وما زلت أطمح لمزيد من الألقاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة