دعا وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» إلى مواصلة الحرب على التنظيم الإرهابي، محذّراً من أن هذا التنظيم ما زال يمثّل خطراً على العراق وسوريا. وجاء موقفه خلال انعقاد الاجتماع الوزاري للتحالف ضد «داعش» في مدينة الكويت، بمشاركة دولية واسعة تمثلت بحضور 74 عضواً من الدول والمنظمات الدولية المساندة للتحالف.
وقال الوزير الأميركي، في كلمته، إن الانتصار الذي تحقق في العراق وهزيمة تنظيم «داعش» هناك لا يبددان المخاوف بشأن قدرة هذا التنظيم على إعادة رصّ صفوفه واستجماع قواه.
من جهته، دعا وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح، إلى إقرار استراتيجية تحد من انتقال المقاتلين ونقل التمويل لـ«داعش» مع حرمان هذا التنظيم من القدرة على استغلال وسائل التواصل الاجتماعي وشبكات الإنترنت. كما أعرب الخالد عن أمله بنجاح الحكومة العراقية في ملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية لضمان عدم إفلاتهم من العقاب وفق الآلية الأممية التي أنشأها مجلس الأمن.
وتعهدت الدول المشاركة في اجتماع الكويت، في بيان مشترك، بالعمل على القضاء على «داعش» تماماً، كتهديد في كل من العراق وسوريا، والعمل على إرساء الاستقرار في المجتمعات المحررة بطريقة شاملة. وقال بيان أصدرته دول التحالف: «سنقوم بتعطيل شبكات تنظيم داعش وأفرعه وشركائه، والعمل على حرمانه من حرية الحركة والملاذات الآمنة والوصول إلى الموارد». وتابع البيان: «سنحارب آيديولوجية (داعش) من أجل منع عودة ظهوره وتجنيده للأفراد وتوسعه». وأضاف: «سندعم الأصوات المحلية التي تقدم رؤية بديلة لدعاية (داعش) مع مواصلة الجهود لحرمان التنظيم المتطرف من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت».
وعُقد الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش» في إطار مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق، وذلك ضمن الجهود الدولية المستمرة والتنسيق المشترك في مجال مكافحة الإرهاب. وقال تيلرسون في كلمته أمام ممثلي دول ومنظمات التحالف: «عندما أطلقنا حملتنا في 2014، كان تنظيم داعش يتوسع، لكنه اليوم أصبح منهزماً». إلا أنه حذّر من أن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى ضد التنظيم «لا يعني أننا هزمناه نهائياً». وقال إن المتشددين الذين خسروا كل الأراضي التي سيطروا عليها في العراق، والذين هم على وشك الهزيمة في سوريا، يحاولون كسب أراضٍ في دول أخرى ينشطون بها، مضيفاً أنه «يجب ألا نسمح للتاريخ بأن يعيد نفسه في أماكن أخرى». وتابع: «في العراق وسوريا يحاول تنظيم داعش التحوّل إلى تمرد، وفي أماكن أخرى مثل أفغانستان والفلبين وليبيا وغرب أفريقيا وغيرها يحاول الاختباء وتشكيل ملاذات آمنة».
وربط تيلرسون بين إدامة النصر على «داعش» وبين استمرار دعم العراق، وقال إن الولايات المتحدة تقدّر «المساهمات السخية» التي قدمها أعضاء التحالف في العام الأخير لكن هناك حاجة إلى المزيد. وأضاف: «إذا لم تستطع المجتمعات في العراق وسوريا العودة إلى مظاهر الحياة الطبيعية فنحن نخاطر بعودة الأجواء التي سمحت لـ(داعش) باجتياح مساحات واسعة والسيطرة عليها».
وتابع قائلاً: «ينبغي أن نواصل تطهير مخلفات الحرب من الذخائر التي تركها (داعش) والسماح بإعادة فتح المستشفيات وإعادة خدمات الماء والكهرباء، والسماح بعودة الصبية والفتيات للمدارس».
وأعلنت بغداد أنها «انتصرت» على تنظيم «داعش» في ديسمبر (كانون الأول)، بعدما استعادت القوات العراقية، مدعومةً بالتحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، أجزاء واسعة من البلاد كان التنظيم المتطرف قد سيطر عليها في منتصف عام 2014. كما خسر التنظيم المناطق التي كان يسيطر عليها في سوريا في الحملة العسكرية ذاتها التي ترافقت أيضاً مع ضربات شنتها ضده القوات الروسية الموجودة في سوريا والمتحالفة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
ورغم أن «98% من الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش في العراق وفي سوريا تحررت»، فإن وزير الخارجية الأميركي رأى أن التنظيم لا يزال يمثل «تهديداً جدياً». وقال: «علينا أن نواصل عملنا في محاربة تنظيم داعش كونه يسعى بشكل متواصل إلى التجنيد وإدارة العمليات عبر الإنترنت»، داعياً إلى «تعزيز قوة تحالفنا من أجل مواجهة شبكات المقاتلين الأجانب التابعين» للتنظيم.
وتعهد وزير الخارجية الأميركي بتقديم 200 مليون دولار لدعم جهود التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا.
من جانبه قال صباح الخالد، في افتتاح أعمال الاجتماع الوزاري للتحالف، إنه «على الرغم من التطورات الإيجابية والنتائج الملحوظة على أرض الواقع فإن المجتمع الدولي لا يزال يواجه تهديداً مباشراً من الجماعات الإرهابية المسلحة، وأصبح من الأهمية بمكان أن يبدأ تحالفنا في خلق آفاق جديدة في إطار استمرار الجهود الدولية والتنسيق المشترك في مجال مكافحة الإرهاب ومتابعة وتطوير الاستراتيجية التي رسمها التحالف لمحاربة تنظيم داعش».
وبيّن أن الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش»، والذي يُعقد للمرة الأولى بعد تحرير الأراضي العراقية من قبضة ذلك التنظيم، يعكس مدى التزام الدول الأعضاء الثابت والمستمر بأهداف التحالف الدولي وتحقيق التعاون والتنسيق بين جميع الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب.
وشهد الاجتماع عقد جلستين؛ الأولى لمناقشة آخر التطورات الخاصة بمحاربة «داعش» في سوريا والعراق، بينما تناقش الجلسة الثانية مكافحة الإرهاب في مناطق العالم عامة ومتابعة جهود التحالف ضد «داعش» خاصة.
ويعد الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد «داعش» حلقة جديدة في سلسلة ممتدة من حلقات محاربة هذا التنظيم، إذ يعقد بعد مجموعة من الاجتماعات السابقة بدأت بعد تمدده على مساحات واسعة من العراق وسوريا، لا سيما بعد سقوط مدينة الموصل في يونيو (حزيران) 2014. ما حفّز دولاً غربية وعربية على رأسها الولايات المتحدة لإنشاء هذا التحالف. ويضم التحالف ضد «داعش» بعد مرور أكثر من 3 أعوام على قيامه 74 دولة منها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والسويد والدنمارك وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وبلجيكا والنرويج وكندا وتركيا ونيوزيلندا وأستراليا، كما يضم دولاً عربية ممثلة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي والعراق والأردن والمغرب، إلى جانب العديد من المنظمات الدولية المتخصصة.
واشنطن: «داعش» يرصّ صفوفه وما زال يمثل خطراً
التحالف الدولي يسعى إلى سد منافذ التجنيد والتمويل واستغلال الفضاء الإلكتروني أمام التنظيم
واشنطن: «داعش» يرصّ صفوفه وما زال يمثل خطراً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة