ترمب يطالب بفرض الضريبة التبادلية على الواردات من شركاء أميركا التجاريين

خبراء يقولون إنها لن تحقق هدف خفض عجز الموازنة... ومخاوف من ارتفاع الأسعار

ترمب يطالب بفرض الضريبة التبادلية على الواردات من شركاء أميركا التجاريين
TT

ترمب يطالب بفرض الضريبة التبادلية على الواردات من شركاء أميركا التجاريين

ترمب يطالب بفرض الضريبة التبادلية على الواردات من شركاء أميركا التجاريين

أثارت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول نيته فرض ضرائب تبادلية على الواردات الأميركية من بعض الدول ردود أفعال كبيرة سواء في الداخل الأميركي أو في دول أخرى قد تتضرر إذا تم فرض تلك الضرائب على صادراتها إلى الولايات المتحدة. وكان الرئيس ترمب أعلن مساء الاثنين عن نيته لفرض ضرائب تبادلية على واردات أميركا من الدول التي تفرض تعريفة مرتفعة على الصادرات الأميركية إليها. وقال ترمب: «سوف نفرض ضريبة تبادلية، وسوف تسمعون عنها خلال الأسبوع الحالي وخلال الشهور القادمة»، مشيرا إلى أن بعض الدول التي يطلق عليها «حلفاء أميركا» يفرضون تعريفات مرتفعة عل الصادرات الأميركية إلى أسواقهم في حين أنهم يستفيدون من انخفاض القيود الأميركية على الواردات الأجنبية. وأضاف: «هذا ليس عدلا، من يطلق عليهم حلفاء أميركا، ليسوا حلفاء في التجارة».
ولَم يُبين ترمب تفاصيل خطته لفرض هذا النوع من الضرائب والنسب المقررة لكل منتج، واكتفى بالتأكيد على أنه سيكون في صالح الاقتصاد الأميركي ويخدم المصدرين الأميركيين لزيادة مبيعاتهم في الأسواق الخارجية، مشيرا إلى أن هذه الضريبة ستكون في إطار مبدأ المعاملة بالمثل من أجل خلق توازن في الميزان التجاري ويخفف عجز الموازنة.
وأضاف ترمب: «لا يمكن أن نستمر في ترك دول أخرى تستغلنا، لا يمكن أن نترك أشخاصا يأتون إلى بلادنا ويسرقوننا ويفرضون علينا ضرائب وتعريفات باهظة ونحن لا نطالبهم بدفع أي شيء في المقابل»، وأكد: «لن نسمح لذلك أن يحدث مرة أخرى».
وأوضح ترمب أنه يهدف من تطبيق هذه الضريبة إلى فرض تعريفة جمركية على الواردات من الدول التي تفرض ضرائب أو تعريفة جمركية على وارداتها من الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الضريبة التي ستفرضها أميركا على الواردات ستكون مساوية لقيمة التعريفة التي تفرضها الدول الأخرى على واردات أميركا طبقا لكل دولة.
من جانبه، أكد ويلبر روس، وزير التجارة الأميركي، أن الولايات المتحدة تقدم كثيرا في علاقاتها التجارية مع الدول الأخرى دون أن تحصل على مكاسب في مقابل ذلك. وقال روس تأكيدا علي ما ذكره ترمب: «نعطي كثيرا في علاقاتنا التجارية الثنائية مع كثير من الدول ويجب علينا استعادة ذلك من الشركاء التجاريين».
ويبدو أن استخدام ترمب مصطلح «الضريبة التبادلية» ليس عشوائيا بل إنه يحمل رسائل واضحة لشركاء أميركا التجاريين كما أن هذا المصطلح يأتي في إطار مبدأ المعاملة بالمثل التي تنص عليها منظمة التجارة العالمية، والتي تمنح كل دولة الحق في تقديم امتيازات أو فرض رسوم على واردات دولة أخرى طبقا لطريقة معاملة تلك الدولة. وهذا يسمح للولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية أو ضرائب على الواردات بنسبة التعريفة الجمركية نفسها المفروضة على صادراتها من دول أخرى. وعلى الرغم من ذلك فإن هذه الخطوة قد تسبب توترات اقتصادية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين في كثير من دول العالم خاصة الدول الصناعية المتقدمة التي ما زالت تفرض رسوما جمركية على البضائع الأميركية.
وأكد عدد من الخبراء الاقتصاديين أن فرض الضريبة التصاعدية التي ينوي الرئيس الأميركي تطبيقها لن يحقق الهدف الرئيسي لترمب وهو تقليل العجز التجاري للولايات المتحدة، كما أنها لن تساعد المستهلك الأميركي ولن تحقق مكاسب إضافية للمنتجين المحليين. وتأتي تصريحات الرئيس الأميركي بفرض الضريبة التبادلية في الوقت نفسه الذي يهدد فيه ترمب بإلغاء المنطقة التجارية الحرة لشمال أميركا بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك التي دخلت حيّز التنفيذ عام 1994 في عهد الرئيس بيل كلينتون، وتسمح بتدفق التجارة عبر حدود الدول الثلاث دون رسوم جمركية، ووصفها ترمب في وقت سابق أنها أسوأ اتفاق تجاري في التاريخ، مشيرا إلى أنها تسببت في فقدان كثير من الأميركيين وظائفهم ولَم تحقق منها الولايات المتحدة مكاسب.
وتعهدت الولايات المتحدة لمنظمة التجارة العالمية بإقرار رسوم جمركي أقل نسبيا من تلك التي تفرضها دول وتجمعات اقتصادية أخرى. وتبلغ نسبة الرسوم الأميركية 5.3 في المائة مقارنة بـ9.9 في المائة للصين، و2.5 في المائة للاتحاد الأوروبي. وتتسع الفجوة في نسبة الرسوم الأميركية ورسوم الدول الأخرى في بعض المنتجات مثل سيارات المسافرين حيث تفرض أميركا رسوما بنسبة 5.2 في المائة مقارنة بـ25 في المائة في الصين و10 في المائة في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يخلق عدم توازن في حجم الرسوم المفروضة من كل دولة على المنتج نفسه. وكان الجمهوريون بالكونغرس قدموا مقترحا لإصلاح منظومة الرسوم الجمركية على الواردات تحت اسم «ضريبة الحدود المعدلة»، في إطار قانون الإصلاح الضريبي الذي تمت الموافقة عليه ولكن الكونغرس رفض المقترح الجمهوري. وليس من الواضح حتى الآن إذا كانت الضريبة التبادلية لترمب تأتي في إطار المقترح الجمهوري أم هي شيء منفصل.
وكان تجار التجزئة وبعض الصناعات القائمة على الواردات اعترضوا بشدة على مقترح الحزب الجمهوري لفرض ضريبة 20 في المائة على الواردات من بعض الدول خاصة السلع التي يتمتع مصدّروها في الدول الأجنبية ببعض الامتيازات تمكنهم من بيع منتجاتهم بأسعار رخيصة. وأكد اتحاد التجزئة القومي أن فرض ضرائب على الواردات خاصة التي يستهلكها المواطنون بصورة يومية ستؤدي إلى رفع الأسعار بصورة كبيرة وتؤدي إلى زيادة التضخم.
يبدو أن القرارات التجارية الصعبة ما زالت في الأفق وينتظر كثير من دول العالم صدورها قريبا من الولايات المتحدة، أحد أهم تلك القرارات هو فرض رسوم جمركية على واردات أميركا من الحديد والألمنيوم، خاصة بعد أن قامت وزارة التجارة الأميركية بالتحقيق في إذا كان الاستمرار في استيراد تلك المنتجات قد يهدد الأمن القومي الأميركي، وذلك في إطار مبادئ الحماية الوطنية ومكافحة الإغراق المنصوص عليهما في منظمة التجارة العالمية. وطبقا لقانون التوسع التجاري لعام 1962، يحق للرئيس الأميركي فرض قيود على الواردات لحماية الأمن القومي، ولَم يستخدم أي من الرؤساء الأميركيين السابقين هذه السلطة إلا في حالات نادرة. وفي حالة إذا ثبت أن الجيش الأميركي يعتمد بشكل كبير على الحديد والألمنيوم المستوردين من الخارج، فسيعني ذلك أن الاستمرار في الاستيراد هذه المنتجات بهذه الصورة يشكل تهديدا للأمن القومي الأميركي. وجدير بالذكر أن الإحصائيات الحالية تشير إلى أن النسبة الأكبر من واردات الحديد والألمنيوم تذهب إلى القطاع الخاص لتصنيع السيارات والمركبات. وعلى الرغم من عدم صدور توصيات وزارة التجارة الأميركية في هذا الشأن فإنه من المتوقع أن تخرج التوصيات مؤيدة لفرض رسوم جمركية على الواردات من تلك السلع. وفِي حالة تم فرض تلك الرسوم ستكون كل من الصين وكندا أكبر المتضررين.
وكانت الإدارة الأميركية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي عن تعريفات جمركية جديدة على الغسالات وبعض الألواح الشمسية المستوردة من الخارج، وأثر ذلك بشكل كبير على مبيعات كل من الصين والمكسيك وكوريا الجنوبية لتلك البضائع إلى السوق الأميركية. على الجانب الآخر، تقوم الولايات المتحدة حاليا بإعادة التفاوض مع كوريا الجنوبية حول اتفاق التجارة الحرة بين الدولتين بما يحقق مكاسب مشتركة متوازنة لواشنطن وسيول. وفرضت وزارة التجارة الأميركية رسوما جمركية على بعض الواردات من كندا ودول أخرى. وفِي الإطار نفسه، بدأ البيت الأبيض في إجراء تحقيق حول مزاعم قيام الصين بسرقة الملكية الفكرية الأميركية في تصنيع بعض المنتجات العام الماضي.


مقالات ذات صلة

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

الاقتصاد يقوم عامل بإجراء فحص الجودة لمنتج وحدة الطاقة الشمسية في مصنع «لونجي للتكنولوجيا الخضراء» في الصين (رويترز)

واشنطن تُصعِّد تجارياً... رسوم جديدة على واردات الطاقة الصينية

تخطط إدارة بايدن لزيادة الرسوم الجمركية على رقائق الطاقة الشمسية، البولي سيليكون وبعض منتجات التنغستن القادمة من الصين.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أشخاص يتسوقون في متجر بقالة في روزميد - كاليفورنيا (أ.ف.ب)

التضخم الأميركي يرتفع في نوفمبر إلى 2.7 % على أساس سنوي

ارتفعت أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بأكبر قدر في 7 أشهر في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

قبيل بيانات التضخم... الدولار قرب أعلى مستوى في أسبوعين

تداول الدولار بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين مقابل الين، قبيل صدور بيانات التضخم الأميركي المنتظرة التي قد تكشف عن مؤشرات حول وتيرة خفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (طوكيو )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن: خطة ترمب الاقتصادية ستكون «كارثة»

وصف الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن اليوم الثلاثاء الخطط الاقتصادية لخليفته دونالد ترمب بأنها «كارثة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«سيتي غروب» تعدّل توقعاتها وتنتظر خفضاً للفائدة 25 نقطة أساس

انضمّت «سيتي غروب» التي توقعت سابقاً خفضاً لأسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس من قبل «الاحتياطي الفيدرالي»، إلى بقية شركات السمسرة في توقعها بخفض 25 نقطة أساس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... مجموعة السبع مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في تاورمينا بإيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في تاورمينا بإيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... مجموعة السبع مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في تاورمينا بإيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في تاورمينا بإيطاليا عام 2017 (رويترز)

كشف قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان اليوم (الخميس)، عن أنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد»، وذلك بعد إسقاط نظام الرئيس السابق بشار الأسد، يوم الأحد الفائت، وفراره إلى روسيا.