حذّرت وزارة الزراعة العراقية من احتمال انخفاض محاصيل البلاد الزراعية، خصوصاً الحنطة والشعير، بنسبة 30 في المائة مقارنة بالمواسم الماضية، نتيجة قلة الموارد المائية. لكن مسؤولاً رفيعاً في وزارة الموارد المائية لفت إلى «مبالغات تفتقر إلى معطيات علمية يطلقها البعض تؤدي بدورها إلى إشاعة مزيد من المخاوف» لدى العراقيين، وخصوصاً المزارعين.
وتتداول بعض وسائل الإعلام ونشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي معلومات مفادها أن موجة الجفاف الحالية تهدد بعدم وصول الماء إلى صنابير المياه في المنازل في بعض المناطق.
ولم تهطل الأمطار في غالبية محافظات العراق هذا الشتاء، إلا خلال اليومين الماضيين، حين هطلت كميات جيدة في مناطق شمال العراق ويتوقع أن تشمل بقية المحافظات في الأيام المقبلة.
وحذّر المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف من أن أزمة المياه تسببت بخسارة العراق من 20 إلى 30 في المائة من إنتاج محصولي الحنطة والشعير. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك في موضوع شح المياه. إنها مشكلة شائكة، جذورها خارجية وداخلية وليست وليدة اليوم، إنما تمتد لسنوات سابقة».
وأضاف: «على المستوى الداخلي، لدينا نظام ري مهترئ وقديم جداً يعود إلى الخمسينات من القرن الماضي، ولم نعمل على تبطين الأنهار للتقليل من المياه الضائعة، كما لم تبن الدولة نظم سيطرة حديثة على الأنهار، وهناك غياب للتوزيع العادل للمياه بين المحافظات».
أما على المستوى الخارجي، فيرى المسؤول الزراعي أن البلاد «لم تتبلور لديها استراتيجية خارجية صحيحة لإدارة المياه منذ 2003. ولم تتفاوض بجدية مع دول الجوار، خصوصاً تركيا بشأن ملف المياه، لذلك انخفضت مناسب المياه في أنهار العراق».
وكشف النايف عن أن وزارته «أعدّت خطة لزراعة 4 ملايين دونم عن طريق الري و6 ملايين دونم كان يفترض أن تروى بعد هطول الأمطار، لكن عدم حدوث ذلك عقّد الأمور ويهدد بخسارة العراق لنحو 30 في المائة من إنتاجه الزراعي».
أما الخبير والمستشار في وزارة الموارد المائية عون ذياب عبد الله فيبدو أقل تشاؤماً من كثيرين بشأن موضوع المياه، ففي حين يعترف بوجود أزمة مياه في العراق، فإنه يقول لـ«الشرق الأوسط»: «هناك أحاديث كثيرة غير صحيحة في موضوع المياه، منها القول بأن الأزمة غير مسبوقة منذ 70 عاماً. هذا كلام غير دقيق. وفي عام 1976 تعرّض العراق إلى أزمة مماثلة وربما أشد».
وفي رأيه، فإن الأزمة الحالية ناجمة عن «تأخّر هطول الأمطار، وهي ظاهرة نادرة جداً، فالمطر ينزل أحياناً بوقت مبكر من شهر أكتوبر (تشرين الأول) ويستمر بعد ذلك، لكن الأمر كان مختلفاً هذا العام، وذلك خلق حالة من القلق عند الناس».
ويلفت عبد الله إلى أن العراق معتاد على «ري محاصيله الزراعية اعتماداً على مياه الأمطار، وصولاً إلى سقيها أحيانا ثلاث مرات بواسطة تلك المياه، أما هذا العام فاضطررنا إلى الري الأول والثالث عبر استخدام مواردنا المائية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض مناسيب السدود والأنهار، ثم إن أشهر خزن المياه تبدأ عادة في مارس (آذار) بعد ذوبان الثلوج في منابع النهر في تركيا».
وبشأن تأثير الجفاف على الزراعة في البلاد، يقول عبد الله: «اتفقنا مع وزارة الزراعة على زراعة 4 ملايين دونم، لكنهم طلبوا زراعة 5 ملايين، فاعتذرنا على شح مواردنا المالية، والمناطق المزروعة حاليا مروية بطريقة جيدة ولا توجد مشكلة».
ويرى عبد الله أن «المؤشرات تشير إلى وجود ثلوج في حوض النهر بمنبعه في تركيا ومناطق الزاب ستأتي للعراق خلال الأشهر المقبلة، ومع ذلك فنحن أمام مسؤولية الحاضر والمستقبل وعلينا التعامل بوعي مع قضية المياه ويجب أن تتحول إلى ثقافة يومية حتى نكف عن إهدار المياه بلا سبب أو فائدة».
واستبعد أن يكون لسد «اليسو» التركي دخل في الأزمة الحالية، لأنه «لم يدخل معادلة المياه حتى الآن، ومسألة ملئه يفترض أن تبدأ في يونيو (حزيران) المقبل وأتوقع أن تؤجّل إلى وقت آخر».
وكان وزير الموارد المائية حسن الجنابي أعلن، أول من أمس، أن العراق مهدد بشح المياه. وكشف عن زيارة قريبة إلى تركيا للتباحث مع المسؤولين هناك بشأن سد «اليسو».
موجة جفاف تهدد العراق بخسارة نحو ثلث محاصيله
موجة جفاف تهدد العراق بخسارة نحو ثلث محاصيله
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة