تعتزم الحكومة المغربية تضييق الخناق على الفساد المالي في القطاعين العام والخاص، عبر فتح المجال أمام المواطنين لتقديم شكاواهم ضد الأشخاص أو الجهات التي تتهمها باستعمال الرشوة واستغلال النفوذ ونهب المال العام.
وأعدت الحكومة مشروع قانون يتعلق بتنظيم الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وفتح الباب على مصراعيه أمام المواطنين والمسؤولين بتقديم شكاواهم للهيئة متى توفرت لهم معطيات مؤكدة ومضبوطة حول وقوع حالات فساد يتعين تبليغها إلى رئيس الهيئة.
وحذر المشروع الحكومي من توظيف الشكاوى للتبليغ عن وشايات كاذبة، وهدد بمتابعة أصحابها وفق الجرائم التي يحددها القانون الجنائي. كما حدد الشروط الواجب توفرها في شكاوى المواطنين ضد الفساد لقبولها من طرف الهيئة، مشددا على ضرورة إيداعها لدى الهيئة بصيغة مكتوبة ومذيلة بتوقيع للمشتكي، وتحمل معطيات مستفيضة حول صاحب الشكوى.
وتجنبا لادعاءات بالفساد غير موثقة، شدد المشروع على إرفاق الشكوى بالحجج والمستندات التي تثبت وجوده في القطاع العام أو الخاص، مع تحديد الشكاية للجهة أو الجهات، أو الشخص أو الأشخاص المتهمين بارتكاب الفساد.
وسمح المشروع للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها باللجوء مباشرة للنيابة العامة في الحالات المستعجلة، التي تتوفر فيها على دلائل قاطعة بارتكاب جرائم الفساد المالي.
وتتألف الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها من رئاسة، ومجلس الهيئة، ومرصد خاص، يتابع مختلف مظاهر الفساد في الإدارات العمومية، ووفق المشروع القانون يعين العاهل المغربي الملك محمد السادس بمرسوم ملكي رئيس الهيئة وأمينها العام، وأربعة من أعضاء مجلس الهيئة، كما منح المشروع رئيس الحكومة حق تعيين أربعة أعضاء، فيما خول لرئيسي مجلسي البرلمان سلطة تعيين عضوين لكل واحد منهما.
ومنع المشروع إمكانية الجمع بين عضوية مجلس الهيئة والعضوية في مجلسي البرلمان أو المحكمة الدستورية أو العضوية في مجالس الحكامة أو ممارسة أي مهمة انتخابية.
وخول مشروع القانون للهيئة إبداء الرأي بشأن مشاريع القوانين والمراسيم ومقترحات القوانين المتعلقة بالوقاية من الفساد ومكافحته قبل عرضها على مسطرة المصادقة، وتمتيعها بصلاحيات ممارسة تحرياتها وتحقيقاتها من دون مواجهتها بالسر المهني، أو الامتناع عن التعاون معها. كما فرض على مسؤولي الإدارات العمومية موافاة الهيئة الوطنية بمآل آرائها وتوصياتها ومقترحاتها، وتعليل عدم الأخذ بها عند الاقتضاء.
وكلف مشروع القانون الهيئة بالمبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد، وتلقي ونشر المعلومات في المجال، والمساهمة في تخليق الحياة العامة، وكذا تلقي التبليغات والشكاوى والمعلومات المتعلقة بحالات الفساد ودراستها، والتأكد من حقيقة الأفعال التي تتضمنها وفق المسطرة المنصوص عليها.
وجعل المشروع من اختصاص الهيئة القيام بإجراء عمليات الرصد أو التحري اللازم بالنسبة للأشخاص الذاتيين أو المعنويين أو المؤسسات المعنية من أجل التأكد من حقيقة الوقائع والأفعال التي تصل إلى علمها. كما ألزم الهيئة بإعداد ورفع تقرير سنوي خاص إلى رئيس الحكومة، قصد اتخاذ التدابير اللازمة لمنع كل سلوك إداري قد يعرقل اضطلاع الهيئة الوطنية بمهامها.