مفتي ليبيا يجدد فتواه بقتال قوات «حفتر».. والأمم المتحدة تدافع عن بعثتها

إغلاق مكاتب «الجزيرة» في طرابلس وبنغازي عقب مكالمة مسربة مع الجماعة المقاتلة

الصادق الغرياني
الصادق الغرياني
TT

مفتي ليبيا يجدد فتواه بقتال قوات «حفتر».. والأمم المتحدة تدافع عن بعثتها

الصادق الغرياني
الصادق الغرياني

أكد الشيخ الصادق الغرياني، مفتي ليبيا، أن اللواء المنشق بالجيش الليبي خليفة حفتر خارج عن شرعية الدولة والقانون وتجب محاربة قواته التي تشن منذ بضعة أسابيع حربا ضد الجماعات المتطرفة في البلاد تحت اسم «عملية الكرامة».
وجاءت فتوى الغرياني الجديدة في بيان متلفز قبل ساعات من تنظيم مظاهرات شعبية تقودها عدة جهات، للمطالبة بعزله من منصبه على خلفية دعوته لقتل الجيش، وكذلك تحذير مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا طارق متري لدوره غير النزيه في برنامج الحوار الوطني.
وقال المفتي في بيانه ردا على ما تردد عن فتواه بمقاتلة قوات حفتر، إن «الانقلابيين بقيادة حفتر خارجون عن شرعية الدولة والقانون وكل من يقاتل مع حفتر هو باغ يجب على الدولة ومن يناصرها أن يقاتلهم»، مضيفا: «البغاة الذين يجب على الدولة ومن كان في صفها قتالهم، هم الانقلابيون، الذين يقاتلون مع حفتر، الخارجون على الجيش الليبي بقوة السلاح، ولا يمتثلون لأوامر رئاسة أركانه».
من جهتها، اتهمت غرفة عمليات ثوار ليبيا من وصفتهم بـ«رؤوس الفتنة والشر» بالتخطيط لمهاجمة دار الإفتاء للاحتجاج على المفتي، وقالت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «بعد أن فشلوا في السيطرة على عاصمة الثورة يحاولون السيطرة على عاصمة الوطن السياسية لخلط الأوراق».
فيما قصف مجهولون السبت الماضي للمرة الأولى مقر دار الإفتاء الليبية بقذيفة «آر بي جي»، لكن ذلك لم يسفر عن أضرار.
كما تبنت غرفة عمليات ثوار ليبيا أيضا ما وصفته بـ«عملية نوعية» ضد قوات حفتر، وقالت إن من نفذها هم ثوار بنغازي في منطقة بنينا، واستهدفت منصات إطلاق صواريخ الغراد وبطارية مدافع الهاوزر، مشيرة إلى أن المفرزة رجعت بسلام بعد إنجاز المهمة بنجاح.
وتحدثت الغرفة في بيان مقتضب عن قصف القاعدة الجوية ومعسكر آخر في بنينا يتبع اللواء حفتر، لكن مصادر في قوات حفتر قالت في المقابل إن الهجوم العشوائي لم يحقق أهدافه، دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
إلى ذلك، هاجم عشرات المواطنين الغاضبين مكتب قناة «الجزيرة» القطرية بمدينة بنغازي مساء أول من أمس وأتلفوا محتوياته بعد مغادرة العاملين فيه، على خلفية تسريب مكالمة هاتفية بين مراسل «الجزيرة» ومسؤولين في الجماعة الليبية المقاتلة، حيث طلب المقتحمون من حراس المبنى الذي تتخذ «الجزيرة» فيه مكتبا عدم السماح لطاقم «الجزيرة» بالعودة إليه مجددا.
وقالت مصادر في العاصمة الليبية طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن «جميع العاملين بمكتب (الجزيرة) في المدينة قد غادروه تحسبا لوقوع اعتداء مماثل».
لكن شبكة «الجزيرة» نفت بصورة قاطعة في بيان أصدرته أمس صحة التسجيل الصوتي، وقالت إنه مفبرك وعبارة عن تجميع لجمل ومقاطع من عدة مكالمات مع أناس آخرين، وتحدت أن تثبت لجنة فنية محايدة صحته.
وحذرت من أنها ستلاحق قانونيا داخل ليبيا وخارجها من يحاولون تشويه صورة الشبكة أو موظفيها عبر نشر الأكاذيب وتلفيق التهم وفبركة التسجيلات، مؤكدة أنها ستدعم مدير مكتبها السابق في ليبيا في حال أراد ملاحقة مروجي هذا التسجيل قانونيا في ساحات القضاء الليبي وفي أي مكان في العالم.
في غضون ذلك، قال بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة إنه يتابع عن كثب الوضع في ليبيا ويشدد على أهمية إجراء الانتخابات المقررة في 25 يونيو (حزيران) الجاري، في موعدها وفي مناخ سلمي.
وأكد مون في بيان وزعته بعثة الأمم المتحدة في العاصمة الليبية، أهمية دور هذه البعثة في تقديم المساعدة التقنية لدعم بناء وإصلاح مؤسسات الدولة، كما أثنى على المساعي الحميدة للبعثة وتيسيرها للحوار الذي تقوم به بحيادية وانفتاح على جميع الأطراف.
وفيما بدا أنه بمثابة نفي لاعتزامه تغيير طارق متري رئيس البعثة عقب الانتقادات الواسعة النطاق التي تعرض لها بسبب مقترحاته لتنظيم حوار وطني بين مختلف الفرقاء الليبيين، أكد مون دعمه الكامل لممثله الخاص، متري، في قيادته لعمل البعثة.
وردا على مظاهرات ليبية ضد الأمم المتحدة، حث أحمد الأمين الناطق الرسمي باسم الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، الليبيين على عدم اللجوء للعنف ضد البعثة ومتري، وقال إن «الحكومة الليبية ضد أي هجمات على بعثة الأمم المتحدة وتحترم الدور الذي قامت به البعثة منذ استقلال ليبيا حتى لو كانت توجد خلافات بين الجانبين»، مضيفا «أن أي معارضة يجب أن تكون سلمية».
وقبل عامين وقعت محاولة فاشلة لاغتيال المبعوث الخاص للأمم المتحدة حينئذ ايان مارتن. وأثار إعلان الأمم المتحدة عن عقد اجتماع حوار في ليبيا انتقادا من حكومة طرابلس التي تشكو من أن المنظمة الدولية لم تتشاور مع الأطراف الليبية قبل الإعلان. ويشير الحوار إلى إعلان بعثة الأمم المتحدة الأربعاء الماضي أنها ستعقد «اجتماع حوار بين ممثلين للقوى السياسية الليبية وأصحاب المصلحة للتوصل إلى اتفاق وطني بصرف النظر عن خلافاتهم وانقساماتهم».
وتعاني ليبيا من اضطراب شبه دائم منذ ثلاث سنوات ويكافح رؤساء وزراء متعاقبون لنيل الشرعية والتصدي لجماعات مسلحة متعددة تشل عمل الحكومة، بالإضافة إلى فقدان إيرادات حيوية من صادرات النفط بسبب حصار مسلحين لموانئ التصدير.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.